كان المشهد مثيرًا. إحدى الفضائيات المناكفة لمحمد مرسي وللثورة، بثت مشهد إحراق صِبْية للعلم القطري بالأمس. المشهد مثير جدًا لأن قطر الجزيرة شاركت في إنجاح الثورة المصرية باعتراف قادة الثورة جميعًا، ولأن قطر الأمير والحكومة والدولة قدمت حتى الآن حوالي خمسة مليارات دولار كوديعة لإسناد الاقتصاد المصري، وهو رقم أعلى مما تتفاوض عليه مصر مع البنك الدولي. في ضوء ما تقدم فإن قطر تستحق الشكر ورفع علمها إلى جانب العلم المصري. لا أود هنا الدفاع عن قطر، فهي تملك القدرة للدفاع عن علمها وعن مواقفها، وقد دافع عنها رئيس مصر محمد مرسي باسم الشعب المصري كله، في حواره بالأمس على الجزيرة مع خديجة. الرئيس رفع القبعة المصرية احترامًا للموقف القطري العملي، وسخر من الذين يروجون إشاعات باطلة حول شراء قطر لقناة السويس. وقال الرجل الصابر الذي تعود كظم غيظه: (مصر، وأرض مصر محرمة على غير المصريين). لم يعقب الرئيس المصري على إحراق العلم القطري، ربما لأنه لم يشاهد منظر الصبية وهم يحرقون العلم، وربما لأنه يعلم أن من يحرق أيا من الأعلام العربية لا يمثل مصر، ولا يمثل الشعب المصري المسكون بحب العرب. من المؤكد أن الذي أحرق العلم كان يعبر عن رغبته في إحراق تجربة الثورة المصرية، وإحراق تجربة محمد مرسي والإخوان في الحكم، ولأنه بفشل عميق في قدرته على تحقيق هدفه الكبير قفز إلى خارج نفسه فأحرق العلم القطري، ولأن قطر عامل إيجابي في إنجاح الثورة المصرية، وإنجاح الاقتصاد المصري من الفشل. الرئيس المصري المعروف بصبر أيوب، حرّم الأرض المصرية على قطر، وحرم مصر وسيناء على فلسطين أيضًا، ونفى إشاعة بيع سيناء للفلسطينيين، وقال ببلاغة: الشعب الفلسطيني يحب أرضه ووطنه ولا يقبل بغيرها وطنًا بديلاً، وهو يقاوم منذ ستين عامًا من أجل العودة إلى أرضه ووطنه. الثورة المضادة في مصر ليست (إسرائيل)، وتناست فساد النظام السابق، واستلت سيفها لقطع رقبة التجربة الإخوانية في الحكم، ومن ثمة سيبقى سيفها ملوثًا بدم كل دولة أو فئة تدعم نجاح الثورة المصرية، وإنجاح تجربة الإسلاميين في الحكم. الرئيس الصابر لم يتورط في الإساءة لأحد، وبالذات لدول الخليج، رغم ما يقال أو يشاع عن رعاية بعض دوله للثورة المضادة، ونظر الرجل في الجزء المليء من الكوب، وقدم احترامه وتقديره لكل دول الخليج، وفي الوقت نفسه لم يذم المعارضة المصرية نفسها، وذم الإجراءات العنيفة والخارجة على القانون فقط، وخرج من الحوار أباً للجميع، ورئيساً لكل المصريين وحارساً للقانون، رغم قسوة وغلظة الآخرين عليه.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.