19.99°القدس
19.6°رام الله
18.86°الخليل
23.59°غزة
19.99° القدس
رام الله19.6°
الخليل18.86°
غزة23.59°
الثلاثاء 15 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.77

خبر: لماذا تلاحق (إسرائيل) الأسرى المحررين بالضفة؟

لو قدر لـ(إسرائيل) العودة بالزمن إلى شهر أكتوبر تشرين أول 2011، لما مضت في صفقة التبادل مع حركة حماس حتى النهاية، وأفرجت عن ألف أسير من كبار كوادرها مقابل تحرير الجندي الأسير، مقابل عودة 111 لمنازلهم في الضفة الغربية، بينهم 45 من القدس، وإبعاد 163 آخرين إلى قطاع غزة مدة طويلة. [title]صفقات تبادل[/title] مناسبة هذه الفرضية هو تواصل حملات الاعتقالات التي تشنها المخابرات الإسرائيلية والجيش ضد الأسرى المحررين في الضفة الغربية، بدعوى عودتهم من جديد للأعمال المسلحة، على اعتبار أن الحافز الأساسي الذي قد يشجعهم على التفكير باختطاف جنود إسرائيليين وجود سابقة تاريخية، تمثلت بخضوع (إسرائيل) لشروط حماس في الصفقة الأخيرة، ويعتقدون إمكانية تكرار ذات الصفقة معها لإطلاق من تبقى من رفاقهم خلف قضبان السجون. وهو ما دفع بالفلسطينيين للتحذير من عمليات استهداف الأسرى المحررين، بعد ما اعتبروها حملة التحريض التي يقودها جهاز "الشاباك"، الذي اتهمهم بتوجيه وتمويل العمليات المسلحة، خاصة محاولات خطف الجنود، وربطه بين وجودهم في غزة وارتفاع عدد العمليات ضد الجيش بعيداً عن عيون المراقبة. أكثر من ذلك، فقد اعتبر "الشاباك" إبعاد سراح أسرى من الضفة إلى غزة خطأ كبيراً، لأنهم سيكونون بعيدين عن عمليات المتابعة والاعتقال، وهو ما كشفته المحامية أحلام حداد عن أمر عسكري تمت صياغته خلال سبتمبر/أيلول 2011، قبل توقيع صفقة التبادل بأيام قليلة، ويعطي (إسرائيل) إمكانية إعادة الأسرى المحررين بناء على معلومات سرية ليكملوا محكوميتهم المتبقية، وتم اعتقال 20 منهم حتى كتابة هذه السطور من قبل الجيش الإسرائيلي. ولعل ما يساعد المخابرات الإسرائيلية في تتبع الخطوات التي يقوم بها هؤلاء الأسرى لتنفيذ عمليات مسلحة، الجهد الحثيث الذي تبذله أجهزة الأمن الفلسطينية ضدهم، لأن نجاحهم باختطاف جنود أو مستوطنين لمساومتهم بأسرى فلسطينيين، يعني توجيه ضربة قاصمة للمشروع السياسي للسلطة الفلسطينية، وهي ترجو (إسرائيل) مرة تلو أخرى للإفراج عنهم دون جدوى! كما أن تحقق هذه العمليات المسلحة قد يسرع بقرار الجيش لاستباحة الضفة، على هيئة استنساخ عملية "السور الواقي" عام 2002، وشهدت تدمير السلطة بصورة نهائية. [title]الإمكانية الميدانية[/title] بعيداً عن التسليم بمزاعم الجيش الإسرائيلي بجدية الخطوات التي يقوم بها هؤلاء الأسرى للقيام بتلك العمليات، فإن قراءة ميدانية طبوغرافية لواقع الضفة الغربية من النواحي العملياتية والأبعاد الجغرافية قد تشجع مثل تلك التخوفات، دون منح الثقة الكاملة لما تتحدث به (إسرائيل). فالضفة تمثل أهمية إستراتيجية للقوى الفلسطينية على مختلف الأصعدة وتهديداً جدياً لـ(إسرائيل)، وفقاً لما أوضحه "عاموس يادلين" رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، بحيث إن أقرب نقطة بين حدودها نزولا باتجاه الغرب إلى عمق (إسرائيل)، ووصولا للبحر تتراوح بين 12-15 كلم، وتطل جبالها على عمق المناطق الإسرائيلية، وتشرف على 45% من مساحة الشريط الغربي. ولذلك تتمثل خطة (إسرائيل) في الضفة بمنع الأجنحة المسلحة من التقاط أنفاسها كي لا تتمكن من امتلاك أسلحة نوعية، مع شعور إسرائيلي فلسطيني مشترك بأن الضفة باتت الحقل الأساسي للمواجهة القادمة، ولذلك يسمونها: "الجبهة الشرقية الجديدة، قوس الشر". في المقابل، تبرز شواهد تستبعد قدرة الأسرى المحررين على التحرك الميداني في الضفة، لأن الجيش الإسرائيلي الذي اجتاح مدنها، لا يزال يحتلها، ويعتقل النشطاء، ولديه شبكة من العملاء تراقب تحركاتهم، ورغم ما يعني أن قدرتهم على التحرك ليست سهلة في ظل الانتشار العسكري المكثف بكافة المدن والقرى، ويسعى جاهداً لتفكيك أي خلية مسلحة تقوم في الضفة، كما أكد ذلك مصدر أمني إسرائيلي أوائل العام الجاري، خاصة مع وجود عدد من معسكرات الجيش الإسرائيلي المنتشرة فيها، وجميعها في حالة استنفار على مدار الساعة. وسواء كان ذلك حقيقياً، من خلال كشف بعض الوقائع، أو نشر اعترافات المعتقلين، فإن الفلسطينيين يرجحون أن اتهامات (إسرائيل) للأسرى المحررين "تهويلية"، لها خلفية أمنية استخبارية إسرائيلية، تهيئ الرأي العام لمزاعم تفيد بأن الضفة تحولت "عش دبابير"، وأن الفلسطينيين يحضرون لشن هجمات متقدمة كماً ونوعاً، مما سيبرر للجيش الانقضاض عليها. وكل ذلك يدل –وفق التحليل الإسرائيلي- على أن حماس تبذل جهوداً لترميم شبكتها العسكرية في الضفة، بمشاركة نشطائها من الأسرى المحررين، ويوجهون رفاقهم لتنفيذ هجمات فدائية، والتركيز على عمليات أسر إسرائيليين! هنا يكمن الندم الإسرائيلي على إبرام صفقة التبادل، حيث بات الأسرى المحررون بعيدين جداً عن الاعتقال أو الاغتيال! لاسيما وأن إعادة عمل حماس العسكري في الضفة يبدو طبيعياً بالنظر لرغبتها بـ"إشعال" الجبهة الساخنة هناك، مقابل الإبقاء على "تهدئة" الميدان في غزة بعد الحرب الأخيرة، لإشغال الجيش في تضاريس الضفة الوعرة من جهة، ومنع السلطة الفلسطينية من الإمساك بزمام الوضع هناك، وفقاً لما أعرب عنه الرئيس محمود عباس من مخاوف في لقائه الأخير بـ"جون كيري" وزير الخارجية الأميركي خلال لقائهما في رام الله. [title]استحضار غزة[/title] حماس تعلم جيداً أن الضفة هي ساحة الصراع الحقيقية مع (إسرائيل)، ولذلك -بذلت وما زالت تبذل وستبقى تبذل- جهوداً غير محدودة للوصول إلى تلك المرحلة، تنجح حيناً وتفشل حيناً آخر، لكنها تجري سباقاً مع الزمن كما يبدو، لأنها تعتقد أن الأوضاع في الضفة ذاهبة لمواجهة حتمية، وتسعى لأن تكون رأس الحربة فيها ضد (إسرائيل)! في محاولة منها لاستعادة ذروة عملياتها المسلحة أوائل انتفاضة الأقصى بين عامي 2001-2004. ولئن كان هذا التحليل يتناول ملاحقة أسرى حماس المحررين في الضفة، فإن غزة الحاضر الغائب في الإجراءات الأمنية الإسرائيلية، لاسيما وأن عشرات منهم تم إبعادهم هناك، حيث تبسط حماس سيطرتها المطلقة، ويبدو جناحها العسكري "كتائب القسام" ذا أيدٍ طليقة بصورة كاملة في جميع أنحائه. لذلك تتهمهم (إسرائيل) بتلقي تدريبات عسكرية، وإعداد مخططات ميدانية لتكرار عملية أسر الجندي "غلعاد شاليط"، ونقلها لمدن الضفة، حيث إمكانية إخفاء جندي في جبالها ومرتفعاتها الوعرة أكثر سهولة، مما دفع بأجهزة الأمن الفلسطينية للإعلان أنها اكتشفت مخبأ سرياً بمدينة الخليل لإخفاء أشخاص بداخله، تأكيداً منها للرواية الإسرائيلية بنوايا حماس لخطف جنودها! أخيراً..فإن إعلان حماس رفضها لهذه الاتهامات الإسرائيلية الموجهة لأسراها، واعتبارها تبريراً للاستمرار في ملاحقتهم، لكن أحداً لا يشك في أن "صفقة شاليط" لتبادل الأسرى، "فتحت شهية" الحركة نحو تنفيذ عمليات خطف قادمة ضد الجنود والمستوطنين، وهو ما يجعل (إسرائيل) تخوض "صراع أدمغة" معها لمنع تنفيذ هذا "الكابوس"، حتى لو أدى ذلك لإعادة اعتقال جميع الأسرى المحررين.. فمن يسبق من؟.