الذاكرة تجعلنا نسرق في مرة تخاصم روس وتشاندلر على نكتة، وأخذ كل منهما يقول أن النكتة من تأليفه، ويتذكر كيف ألفها. كل واحد كان متأكد 100% من ملكيته للنكتة ويعتقد أن الآخر يتوهم. لا أعلم لمن كانت النكتة، ولكن أحدهما كان مخطأ بالتأكيد وكان ضحية “الذكرى المخفية”. وهي الحالة التي نعتقد فيها أننا قمنا فعلاً بتأليف فكرة أو نكتة، ونتذكر كيف ألفناها، في حين أننا لم نفعل، فقد صادفناها سابقاً ونسينا ذلك. وأحياناً بعد سماع قصة من شخص قد نأتي بعد فترة ونحكيها على أساس أنها قصتنا وأن الموقف حصل لنا. جعلتنا الذاكرة نعتقد بإتقان أن الفكرة من تأليفنا، وخلقت في عقلنا صورة مقنعة للكيفية التي قمنا بها بتأليفها. أحياناً تكون الذاكرة فعلاً… امم… حقيرة، وتضع الواحد في مواقف غريبة. السرقة اللاواعية، مهنة تمارسها الذاكرة باحتراف السرقة اللاواعية أو Cryptomnesia والتي تعني حرفياً “الذكرى المخفية”، أحد نزعات الذاكرة التي تعبر عن التجارب التي يعتقد الناس أنها جديدة بينما هي عبارة عن ذكرى منسية لأحداث مروا بها سابقاً. أمثله لمواقف السرقة اللاواعية: عندما تحكي لشخص موقف فيقول هذا الموقف حصل لي أنا سابقاً وبنفس التفاصيل! أو عندما تفعل أنت نفس الشيء معه. تحدث مثل هذه المواقف خصوصاً مع القريبين من الأصدقاء والشركاء. في الحالات التي تكتشف فيها أن فكرتك اكتشفت من قبل، قد تكون رأيت الفكرة سابقاً ومع الوقت اعتقدت أنها فكرتك. كيف نعرف أن الفكرة فكرتنا فعلاً، وأننا لم نسرقها دون وعي كنت أخاف فعلاً من حكاية السرقة اللاواعية، قبل أن أعرف أن لها اسم علمي طويل لا أعلم كيف ينطق. فالشخص يحاول الخروج بشيء مختلف وأصيل، وفي النهاية يجد أنه استخدم فكرة شخص آخر دون أن يعلم. خيبة أمل، وشعور مؤلم وغريب! ويبدو أن هذه السرقة ستحدث على أي حال، لأنه قد أظهرت دراسة أنها تحدث خلال العملية الطبيعية لتوليد الأفكار، مما يعني أن حدوثها متوقع خلال التفكير بفكرة ومحاولة تطويرها والإضافة عليها. ومع ذلك، ما يسمونها Cryptomnesia، ليست الملام كلياً على هذه السرقة، هناك بعض الأمور التي نستطيع فعلها: البحث عن الفكرة، إن كانت قابلة للبحث. سؤال شخص قريب عن سماعه للفكرة أم لا، لأن المحيط بنا قد يعرف من أين التقطناها، وقد يتذكر لو حدثناه عنها في السابق… محاولة التذكر جيداً ما إذا كانت فكرتنا أم لا. أن ننتج أكبر قدر ممكن من الأفكار، فاحتمال الخروج بفكرة أصيلة ومحسنة يكون أكبر بهذه الطريقة، ونستمر في التفكير والتحليل. ومن المستحيل أن تكون كل أفكارنا عبارة عن ذكريات مخفية. لابد من الاهتمام بالمصدر بقدر الاهتمام بالفكرة هذه السرقة تحدث أكثر عندما نهتم بالفكرة أكثر من مصدرها، وهذا طبيعي، الناس يهتمون بالفكرة أكثر من المصدر (اعتماداً على ما قاله خبير في الذاكرة من جامعة واشنطن في مقابلة معه في مجلة نيوزويك). لو بدأنا بالتركيز على مصدر الأفكار، سيقل احتمال حدوث خطأ مشابهة في الذاكرة. لو أعجبتنا فكرة يجب أن نحرص جيداً على تذكر مصدرها. خصوصاً في المجالات التي نهتم بها، لابد أن نتذكر مصدر الفكرة التي عجبتنا والمكان الذي رأيناها فيه. ونسجل الأفكار التي تعجبنا جداً ونشعر أنها تشبه أسلوبنا في دفتر، حتى نبني على أساسها ونطورها مع ذكر الفكرة الرئيسية، وهذا يجعل فكرتنا في الواقع مثيرة للاهتمام! نحذر خصوصاً عند الإطلاع على أفكار الأشخاص الذين تعجبنا أعمالهم يقال أن احتمال حصول السرقة اللاواعية مع أشخاص نعرفهم أو نثق برأيهم يكون أكبر. لذا عندما نطلع على فكرة من شخص قريب أو فنان يعجبنا، يجب أن نركز على مصدر الفكرة قبل أن نقضي وقت في التفكير فيها وتحليلها. الكل لديه أشخاص تعجبه أعمالهم ويقتدي بهم، وطبيعي أن يتضح التأثر بهم في أعماله، لكن عندما يكون التأثر عبارة عن نسخ فكرة لهم، قد يعتبر هذا سرقة فكرية غير مبالية، فكان لابد من البحث عن الفكرة والاهتمام بالمصادر. كل الأفكار التي نخرج بها هي نتيجة بناء على أفكار أخرى، والسرقة الفعلية للفكرة تكون عندما تتشابه التفاصيل كثيراً ولم يجري تعديل مفيد وواضح على الفكرة. في المنزل نتحدث عن شخصيات مسلسل فريندز وكأنهم أفراد من العائلة، المهم، انتهت تلك الحلقة التي ظن فيها تشاندلر أن روس سرق نكتته بعد أن قررا التوجه إلى طرف ثالث ليحكم بينهم (مونيكا) والتي أخبرتهم أن النكتة سيئة أصلاً، والمفروض أن يتبرأ صاحبها منها بدل المطالبة بحقوق الملكية. تعرفون، أعتقد أنها لتشاندلر، فهو الساخر صاحب النكت… أو أنها لروس؟! قضية شائكة دعونا نناقشها، أو نضع تصويت ونرى أيهما يحصل على أكبر رصيد من الأصوات! :)