11.12°القدس
10.88°رام الله
9.97°الخليل
16.64°غزة
11.12° القدس
رام الله10.88°
الخليل9.97°
غزة16.64°
الثلاثاء 03 ديسمبر 2024
4.62جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.83يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.62
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.83
دولار أمريكي3.65

في ضوء التجرؤ على الدم

خبر: جرائم القتل.. ماذا عن القصاص يا أولي الألباب؟

يعكس استمرار جريمة القتل في قطاع غزة تأصل ثقافة العنف في نفوس البعض ممن لا يحسنون التسامح أو تحكيم العقل وخصوصا في المشاجرات العائلية. وفي مشهد أقل ما يوصف بـ"المأساوي" ارتقى ثلاثة من عائلة واحدة في غزة في السادس عشر من الشهر الحالي وأصيب ثلاثة آخرون، إثر شجار عائلي استخدم فيه السلاح رغم أن الروايات أجمعت على أن الشجار دار على خلفية "بسيطة". وعلى الرغم من حرمة الدم في الإسلام لكن ثمة من يقدم على ارتكاب جرائم قتل بدافع النزعة العصبية أو غيرها، ويرجح مختصون أن تكون أسباب اجتماعية واقتصادية خلفها. وبينما نفت الجهات الرسمية وجود قصور أمني أو قضائي أدى لانتشار هذه الجرائم، تظل القاعدة الشرعية (ولكم في القصاص حياة) هي لسان حال ذوي الضحايا. [title]كبح جماح[/title] وانقضت مظاهر التسلح العشوائي في قطاع غزة منذ أكثر من ثلاثة أعوام، فيما لم تزل بعد الآثار السلبية حاضرة لاسيما أن تسعة حالات قتل سجلت خلال الشهرين الأخيرين. الحالات التسعة التي رصدتها جهات حقوقية خلال شهري آب/ وسبتمبر الحالي، جاءت نتيجة شجارات عائلية وخلافات وقتل خطأ، فيما سجّلت عشرات الإصابات نتيجة ما أسمته "سوء وفوضى استخدام السلاح والانفجارات الداخلية". وأضحت جريمة القتل مثار حديث المواطنين في قطاع غزة ولاقت استنكارا واستهجانا شديدين، لكن الجهات الأمنية في غزة نفت أن يكون بإمكانها كبح جماح هذه الجرائم، "لأنها عشوائية لا دلالات لها". وقال الرائد "أيمن البطنيجي" المتحدث باسم الشرطة الفلسطينية :"إن معدل جريمة القتل في غزة لم يختلف عن العام الماضي، إلا بفارق حالة واحدة، مسجلاً(12 حالة) قتل منذ بداية العام إلى الآن. وأرجع "البطنيجي" شعور المواطنين بزيادة حجم جريمة القتل في القطاع مؤخراً؛ لتكثيف الجرائم خلال الشهرين الأخيرين، معتبراً أن نسبة الجريمة في قطاع غزة تمثل 1-3 بالنسبة للضفة الغربية. وصنّف جرائم القتل في غزة على أنها "عشوائية" مرجعاً أسبابها إلى مشاكل( نفسية، أخلاقية) لا علاقة لها بالجريمة المنظمة أو المخطط لها. ونفى "البطنيجي" تراجع دور الشرطة، قائلاً: "جهاز الشرطة غير متكاسل فهو جدي ونشيط وفي كثير من الأحيان منع جرائم قتل، وفي إحدى الجرائم تم إلقاء القبض على الجاني بعد خمس ساعات من وقوع الجريمة". وأشار المتحدث باسم الشرطة إلى أن آلات القتل المستخدمة "مطارق حديدية"، فيما أن بعض السلاح المستخدم كان (سلاحاً تنظيمياً) وجرت مصادرته على الفور. ومن خلال التحقيقات التي أجرتها الشرطة مع الجناة تبيّن أن بعضهم "غير ملتزم دينياً ولديه مشاكل أخلاقية(..) البعض تسرع في استخدام السلاح وهو أمر يدل على التهاون"، وفق "البطنيجي". واعتبر "البطنيجي" أن الحد من انتشار جرائم القتل العمد في غزة يتطلب تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بحق الجناة. وتنتظر من 10-14 قضية قتل استكمال إجراءاتها القضائية، فضلاً عن أن المتهمين في جرائم القتل خلال العام الماضي لازالوا ينتظرون البت في قضاياهم. [title]قضايا تنتظر الحكم[/title] بدوره شدّد النائب العام "محمد عابد" على تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بحق الجناة، لكنه أكد أن هناك عدداً من قضايا الإعدام أمام محكمة الجنايات وهيئة البداية وانتقلت لمحكمة الاستئناف ومن ثم تنتظر صدور الحكم الأخير من قبل محكمة النقض. وقال النائب "عابد": "العائق أمام تنفيذ أحكام الإعدام إن القضايا لم تستوف بعد وضعها القانوني من محكمة النقض، وفي حال صدور الحكم سيحال لجهات الاختصاص للتنفيذ". وهنا يذهب نائب رئيس رابطة علماء فلسطين، النائب في المجلس التشريعي "د. سالم سلامة" إلى ما ذهب إليه النائب العام في تأكيده على أن القضاء سيقوم بما أنيط به من عمل، معتبراً أن جريمة القتل شاذة عن المجتمع الفلسطيني وأن المجرم يتبرأ منه ذووه ولن يتسنى له الهروب من العقاب وسيقام عليه الحد. وأوضح "د. سلامة" أن جرائم القتل طارئة وغير ثابتة في المجتمع، لكنه نصح بعدم التواني في إقامة الحد على المجرمين. وقال: "التأخير في إقامة الحد قد يكون سبباً في إغراء المجرمين لارتكاب جرائم لكن الإجراءات القضائية الآن أفضل بكثير من السابق وستقوم بالدور المناط بها"، مشدّداً على أن المجرم يجب أن يأخذ عقوبته". ورغم تأكيد النائب العام على أهمية تطبيق أحكام القانون في الحد من انتشار الجريمة، لكنه قال: "الأمر لا يستدعي التعجل في إصدار الأحكام(..) يجب أن نستوفي الأمور القانونية، لأن الخطأ في العفو أفضل من الخطأ في الإعدام". واعتبر "عابد" أنه لا اجتهاد في مورد نص قانوني قائم، مطالباً بتنفيذ الأحكام القضائية. وينص عدد من مواد القانون الفلسطيني وخاصة مادتي (214-215) من قانون العقوبات على أن كل من أدين بارتكاب جريمة قتل عمد تقع عليه عقوبة الإعدام. [title]القتل محرم[/title] وتتطابق القوانين الوضعية مع السماوية في التشديد على أن القاتل يقتل، حيث يؤكد أستاذ الفقه المقارن في الجامعة الإسلامية "د. ماهر السوسي"، أن "القتل في الإسلام عموماً محرم وجريمة وضع لها أشد العقوبات؛ لأنها كفيلة بزعزعة أركان المجتمع، وقد تعامل معها بطريقةٍ شاملة وحاسمة". وقال السوسي: "تعتبر الشريعة والقانون القتل جريمة كبرى؛ لأنها لا تؤثر فقط على المقتول وأهله, بل تؤثر على المجتمع ككل بلا استثناء وتعمل على زعزعة الأمن الاجتماعي, ونشر الخوف والقلق في النفوس". ولأن المجتمع الفلسطيني يحتكم إلى العادات والتقاليد؛ فإن جهود أهل الحل والعقد بين الناس، تتظافر من أجل إنهاء الخلافات العائلية حتى في "قضايا الدم". وتعد رابطة علماء فلسطين واحدة من الجهات التي تعمل على رأب الصدع بين الأسر الغزيّة، ويوضح نائب رئيسها النائب "سلامة" أن تدخلهم لا يأتي من باب الشفاعة للمجرم، مؤكداً حرصهم على ضرورة الفصل بين السلطات الثلاث (التنفيذية، التشريعية، القضائية). وقال سلامة: "إذا كان الإيذاء بليغاً فإن المجرم يجب ألا يفرج عنه قبل نيل العقوبة، وأن يسجن حتى جزاءه". ويضع مستشار رئيس الوزراء "إسماعيل هنية"، لشؤون العشائر "أبو ناصر الكجك"، يده على واحدة من الأسباب التي تسوق إلى ارتكاب جرائم القتل، وهي "ميل النفس الفلسطينية إلى العنف"، حيث يؤكد أن تركيبة المجتمع الفلسطيني كمجتمع يقع تحت نير الاحتلال تختلف عن غيرها من المجتمعات، فهي تميل إلى العنف بحكم الواقع المرير الذي تحياه ومقارعة الاحتلال الصهيوني. وقال الكجك: "صحيح أن الأبناء تربوا على العنف لكن هذا لا يلغي صفة التسامح الموجودة لدى الناس"، مبيناً في الوقت ذاته أن بعض قضايا القتل التي حدثت في القطاع جاءت على خلفيات أخلاقية وليست في إطار سوء استخدام السلاح. بيد أن "السوسي" أرجع دوافع جريمة القتل إلى "قلة الوازع الديني في نفوس الناس والجهل بالحكم الشرعي لهذه الجريمة, بالإضافة إلى سوء التربية الاجتماعية". وساق "السوسي" طرقاً لعلاج المشكلة، قائلاً: "من أساليب التقليل من جريمة القتل، تقويم سلوك المجتمع وتربية الأفراد بطريقة سوية من أجل التغلب على أيّ انحراف". [title]أسباب لا نتائج[/title] من ناحيته شدّد مدير مركز "الميزان لحقوق الإنسان"" د. عصام يونس" على ضرورة أن تنصب المساعي نحو معالجة أسباب الجريمة لا نتائجها. وحصر "يونس" الأسباب الرئيسة وراء جريمة القتل في القطاع، قائلاً: "الجريمة لها أبعاد اجتماعية واقتصادية وسياسية(..) صحيح أن سرعة التقاضي والمعالجات الأمنية مهمة ولكن المشكلة الأساسية اجتماعية ويجب دراستها بعمق حتى تكبح جماح هذه الجريمة". وبيّنت إحصاءات غير رسمية أن نسبة الجريمة تراجعت عموماً في قطاع غزة مقارنة بالأعوام السابقة، حيث وصلت إلى(19536 جريمة) لعام 2009, من إجمالي الجرائم العامة في المجتمع, أما في عام 2010 فتراجعت إلى(14520 جريمة). وتوضح المصادر أن شهر أغسطس لعام 2009 سجّل أكبر عدد حالات وفاة بسبب القتل، بينما قتل(19 مواطناً) عام 2008 على خلفيات عائلية، لينخفض العدد خلال عام 2010 إلى (خمس حالات فقط). يذكر أن مجلس الوزراء الفلسطيني كلّف في اجتماعه الأسبوعي الثلاثاء الماضي، وزير العدل بتفعيل محكمة الجنايات الكبرى، وذلك بعد عمليات القتل الجنائية التي وقعت في قطاع غزة مؤخراً بين عدد من العائلات، مع التأكيد على إنفاذ القانون. ومع أن الآراء تقاطعت حول انخفاض نسبة الجريمة عن معدلها في الأعوام السابقة بقطاع غزة، إلا أن جرائم القتل تحتاج لعلاج رادع لوقفها وعلاج مسبباتها.