18.34°القدس
18.06°رام الله
17.19°الخليل
23.84°غزة
18.34° القدس
رام الله18.06°
الخليل17.19°
غزة23.84°
الثلاثاء 15 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.77

خبر: تنازل عربي مجاني لنتنياهو

خرج وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للصحافيين بعد لقائه بوزراء خارجية البحرين ومصر والأردن وقطر ومسؤولين من لبنان والسعودية والسلطة الفلسطينية والجامعة العربية في دار ضيافة الرئيس الأمريكي؛ خرج ليعلن أن وفد الجامعة العربية قد أكد له أن الاتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين ينبغي أن “يقوم على مبدأ حل الدولتين، وعلى أساس خط الرابع من حزيران 1967 مع (احتمال) إجراء مبادلة طفيفة متفق عليها ومتماثلة للأرض”. من الواضح أننا إزاء تنازل مجاني وعبثي يستحق الإدانة دون تردد، حتى لو قيل إنه لن يؤثر على مسار الوضع الفلسطيني الذي يسير في اتجاه آخر تماما لا صلة له بالحل المشار إليه؛ والإدانة هنا تشمل جميع المتورطين ، وفي المقدمة قادة السلطة الذي منحوا الغطاء للتنازل، بل حثوا عليه على الأرجح. يعلم الجميع أن تبادل الأراضي في سياق التسوية النهائية ليس جديدا على التداول السياسي (فلسطينيا)، فقد أعلن محمود عباس مرارا وتكرارا قبوله بالمبدأ، رغم خطورته من حيث اعترافه ببقاء الكتل الاستيطانية الكبيرة في الضفة الغربية تحت السيادة الصهيونية، هي التي تربض على أهم أحواض المياه في الضفة، وهي التي تحتل مناطق استراتيجية ستضطر مهندسي الكيان العتيد إلى شق طرق التفافية وبناء جسور وأنفاق من أجل إنشاء كيان متواصل جغرافيا بحسب التعبير السائد. هل سيقدم هذا التنازل شيئا على صعيد المفاوضات؟ كلا، دون شك؛ لأن مشكلة نتنياهو مع التسوية لا تنحصر في مبدأ تبادل الأراضي إياه (سخّف الموقف الجديد، وقال: إن الصراع ليس على الأرض، ولكن على اعتراف الفلسطينيين بيهودية إسرائيل)، والذي يشير إلى الكتل الاستيطانية الكبيرة في الضفة، بل في قضية القدس تحديدا، وربما في قضايا أخرى مثل البقاء في الغور، ومستوى السيادة (قضية اللاجئين مشطوبة عند عباس، وكذلك في المبادرة العربية التي تحدثت عن حل متفق عليه)، وإذا تذكرنا أن أولمرت وليفني (التي رحبت بالتنازل الجديد) لم يقبلا بعروض مغرية من قبل وفد عباس التفاوضي كما كشفت وثائق التفاوض الشهيرة، بما في ذلك تنازلات في القدس منحت دولة الاحتلال “أكبر أورشيلم في التاريخ اليهودي”، بحسب تعبير صائب عريقات، إذا تذكرنا ذلك، فسندرك أن شيئا لن يتغير في معادلة التفاوض الفلسطينية الإسرائيلية، اللهم إلا البعد الرمزي ممثلا في التنازل المجاني العربي الذي جاء عكس التوقعات، وأقله الآمال بأن تعيد الجامعة العربية طرح المبادرة العربية على الطاولة بعد 11 عاما من تبنيها في قمة بيروت ، والتي رد عليها شارون باجتياح الضفة الغربية، ولم تجد أي اهتمام من قبل الحكومات الصهيونية المتعاقبة. نعم، كان الأولى سحب المبادرة، وليس إضافة تنازل جديد إلى حيثياتها، حتى لو قيل إنه تنازل سبق أن قدمه الفلسطينيون مرارا وتكرارا، والمصيبة هنا أن العرب قد أعلنوا بذلك قبولهم بسياسة “إحراج إسرائيل أمام المجتمع الدولي” التي تتبعها قيادة المنظمة والسلطة وحركة فتح، منذ وراثة ياسر عرفات، وهي سياسة ثبت أنها بالغة العبثية. ما الحاجة إلى هذا التنازل المجاني إذا كان قُدم مسبقا من قبل السلطة المعنية بالملف؟!، اللهم سوى منح الأمريكان ورقة يقدمونها للإسرائيليين على أمل اتخاذ إجراءات، أو تقديم “حوافز” تسمح باستئناف المفاوضات، وهي ما يتلكأ نتنياهو في تقديمها. هي مسألة رمزية، لكنها خطيرة في الآن نفسه، إذ يتبع العرب سياسة السلطة في تقديم التنازلات دون جدوى، بدل أن يصلّبوا موقفها، وهو ما يشي بإمكانية أن يمنح العرب لاحقا الشرعية لسياسة الأمر الواقع القائمة ممثلة في السلام الاقتصادي أو الدولة المؤقتة، بوصفها المسار الوحيد الذي يتحرك على الأرض، وترفضه السلطة بالكلام، بينما تكرسه على أرض الواقع. وقد كان على مصر تحديدا أن يكون لها موقفها الرافض لهذه الخطوة التي ستحسب على الإخوان الغارقين في همهم المحلي، تاركين الخارجي، لمؤسسات الدولة العميقة القديمة على أمل سكوتها عنهم دون جدوى!! هذا التنازل سيُستغل بطبيعة الحال، وقد استغل فعلا، من قبل جماعة “المؤامرة الكونية”، لاسيما شبيحة بشار، إذ أشاروا وسيشيرون إلى تأمين دول الثورات عليه، متجاهلين دعمه من قبل أهم خصوم ربيع العرب، بل المتآمرين عليه (لموقف بعضهم من سوريا حسابات أخرى؛ داخلية، وأخرى تتعلق بإيران)، ومتجاهلين قيادة السلطة (القريبة هذه الأيام من نظام بشار وحبيبة الإعلام الإيراني). أما التركيز على قطر تحديدا فمعلوم لماذا (لأنها تقف إلى جانب الثورات) رغم إدانتنا الواضحة لموقفها هنا. يحدث ذلك رغم علمهم بأن ما جرى لن يغير الكثير على أرض الواقع، إذ أن الشعب الفلسطيني لن يقبل المسار القائم، ولا أية صيغة يمكن أن تصفّي قضيته، وهو سيستعيد مساره المقاوم إن آجلا أم عاجلا، لكن ذلك لا ينبغي أن يقلل من أهمية الإدانة للخطوة العربية، وجميع من تورطوا فيها دون استثناء، وفي مقدمتهم، وكلاء القضية عند المجتمع الدولي، أعني قيادة السلطة والمنظمة وحركة فتح التي منحت الغطاء لذلك كله (هكذا يقول العرب: لن نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين)