18.34°القدس
18.06°رام الله
17.19°الخليل
23.84°غزة
18.34° القدس
رام الله18.06°
الخليل17.19°
غزة23.84°
الثلاثاء 15 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.77

خبر: مشعل وأبو مرزوق

رجلان من قادة حركة "حماس" يستحقان عظيم الإحترام والتقدير، بكل جدارة، لدورهما المميز في النضال الوطني الفلسطيني: الدكتور موسى أبو مرزوق، وخالد مشعل. أبو مرزوق بسبب تفانيه في الإخلاص للقضية الوطنية الفلسطينية، وإيثاره المصلحة العامة على أي مصلحة شخصية، خلافا، ونقيضا لما هو سائد في العمل الوطني الفلسطيني، حيث أن المصالح الشخصية هي التي جرى تغليبها دائما على المصلحة الوطنية. الشهيد ياسر عرفات كان يقول أنه لا توجد لديه كرامة شخصية، وإنما كرامة وطنية.. وانطلاقا من ذلك كان يقدم تنازلات شخصية من أجل المصلحة الوطنية. أما أبو مرزوق فهو مارس ذلك على أرض الواقع دون أن يمنن الشعب الفلسطيني، أو آحد بما يقدمه من أجل الوطن. عرفات رغم مقولته المشار إليها، كان يحارب دون هوادة كل من يستشعر أنه يشكل خطرا على مكانته.. فعل ذلك على وجه الخصوص مع محمود عباس، وإن كان لذاك الخلاف ابعاد سياسية تتصل بالمصلحة العامة للشعب الفلسطيني. أبو مرزوق لم يحارب أحدا، أبدا، من أجل مصلحته الشخصية. تعرفت إلى شخص الصديق أبو عمر في اليوم الأول لوصوله إلى العاصمة الأردنية عائدا من سجن منهاتن الأميركي الذي أمضى فيه قرابة العامين.. وذلك أواخر آيار/مايو 1997. ومنذ اللحظة الأولى أدركت أن رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" العائد من الأسر الأميركي، بعد أن امتنع عن استئناف قرار محكمة جنوب منهاتن تسليمه للأسر الإسرائيلي، يتعامل بواقعية مع خالد مشعل، نائبه السابق، ورئيس المكتب السياسي الجديد للحركة. بعد بضعة أيام، كنت أزوره في مكتبه الجديد في حي أم السماق الجنوبي، حين أجرى بوجودي اتصالا هاتفيا مع الشهيد المرحوم عبد العزيز الرنتيسي.. ويبدو أنه كان طلب من مدير مكتبه أن يطلب له الرنتيسي قبيل وصولي، فجاءته المكالمة بحضوري وتشاء الصدفة أن أستمع للمكالمة بين رجلين شاركا إلى جانب الشيخ الشهيد أحمد ياسين في تأسيس حركة "حماس" في ظل الإحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة. بدأ الرنتيسي المكالمة مهنئا رفيق العمر على السلامة، ومغادرة سجن الأسر الأميركي، وأنهى أبو مرزوق المكالمة موضحا للرنتيسي أنه لم يعد رئيسا للمكتب السياسي للحركة، بعكس تصريح كان صدر عن الرنتيسسي بهذا الخصوص..! وطلب منه أن لا يعود للتصريح بذلك. لاحقا شاء القدر أن أتعرف إلى طبيعة العلاقة بين كل من أبو مرزوق والشهيد الرنتيسي مع الشيخ ياسين. حين وصل الشيخ إلى عمّان من الأسر الإسرائيلي نهاية أيلول/سبتمبر 1997، حيث أمضى طوال فترة الزيارة في الجناح الملكي في المدينة الطبية، يعالج من آثار الأسر الإسرائيلي.. وكنت قبل ذلك قد رأيت طبيعة العلاقة بين أبي مرزوق ووالده الحاج محمد، الذي تكبد عناء السفر من غزة، وفي سن يزيد على الثمانين، ويقترب من التسعين، ليطمئن على ولده الذي أفلت من الأسرين الأميركي والإسرائيلي في ذات اللحظة..! حين كان يواظب أبو مرزوق على مجالسة الشيخ ياسين في مشفاه، لم أستطع أن ألمس أي فارق بين تعامله مع الشيخ ياسين، وتعامله مع والده.. في منزل الشيخ ياسين في غزة، بعد اسابيع قليلة، لحظت أيضا طبيعة العلاقة بين الشيخ الشهيد، والقائد الشهيد الرنتيسي، الذي كان الوحيد الذي يتحدث براحته في حضرة الشيخ. أبو مرزوق والرنتيسي شابان شاركا الشيخ ياسين مرحلة التأسيس.. بكل مصاعبها، ومحاذيرها.. وهي محاذير أمنية بامتياز كبير، وبالغة الخطورة. أقل من أربعة أشهر بقليل فصلت بين إطلاق سراح أبو مرزوق ومحاولة اغتيال خالد مشعل.. رئيس المكتب السياسي الجديد لحركة "حماس" الذي تولى المنصب بعد اسابيع قليلة على وقوع أبو مرزوق في الأسر. كان مثيرا لكل اعجاب واحترام، أن أبو مرزوق يلعب الدور الأساس في متابعة الحالة الصحية لمشعل حتى من الله عليه بالشفاء التام، وغادر المدينة الطبية.. مرورا بجناح الشيخ الملكي، حيث صادف وجودي أيضا في حضرة الشيخ.. مرورا بقناة الملك حسين رحمه الله، الذي كانت قد انفتحت من قبل قناة التواصل بينه وبين أبو مرزوق. منذ 1995 حين تولى مشعل رئاسة المكتب السياسي لحركة "حماس" وحتى الآن، لم تبدر عن أبي مرزوق أية اشارة يمكن أن تشعل معارك أو منافسة من أي نوع أو عيار، بين رجلين آخرين من طراز مختلف. صحيح أنه كان هنالك من يرشح أبو مرزوق لرئاسة المكتب السياسي بعيد انتخاب كل مجلس شورى جديد للحركة، لكنه كان يعود إلى عمله تحت قيادة مشعل بشكل اعتيادي بعد كل انتخابات يفوز بها مشعل.. بانسجام تام مع رئيس المكتب البديل. فلسطين و"حماس" تظلان لدى الرجل أكثر أهمية من شخص أبي مرزوق..! في الإنتخابات الأخيرة لم يعد أبو مرزوق نائبا لرئيس المكتب السياسي.. أصبح عضوا في المكتب السياسي. مرتبته التنظيمية تراجعت مرة أخرى.. لكن نضال أبو مرزوق من أجل فلسطين و"حماس" لا يتراجع قيد أنملة. بل الثقة مكتملة في أن أبو مرزوق لا يمكن أن يتراجع حجم ونوعية نضاله من أجل فلسطين و"حماس" حتى لو أصبح خارج المكتب السياسي. أوليس هو أحد آباء "الولد"، إن جاز التشبيه بحكاية "أم الولد" الحقيقية في التراث الإسلامي..؟!!! خالد مشعل أيضا من بين آباء "حماس" التاريخيين.. لهذا، ورغم قراره الذي تمسك به طوال عام كامل بأن لا يترشح لولايته الأخيرة في رئاسة المكتب السياسي، ورغم محاولته التمسك بهذا القرار عبر وضع شرط تعجيزي من طراز قبول الترشح في حالة انعقاد الإجماع على شخصه، إلا أنه رضخ في نهاية الأمر لقرار قطاع واسع في مجلس الشورى. خاض المنافسة، ونجح في الجولة الثانية.. منصاعا لرؤية تقول إن الظرف الموضوعي الفلسطيني يتطلب بقاءه على رأس الحركة في ظرف مفصلي يفرض عدم التغيير. هل يقلل ذلك من شأن ورؤية وحكمة اللذين نافساه: موسى أبو مرزوق واسماعيل هنية..؟!! عدم الإجماع لا يقلل من مكانة مشعل ودوره القيادي البارز، وهو بالتالي لا يقلل أو يمس بمكانة من نافسه.