19.68°القدس
19.37°رام الله
18.3°الخليل
24.35°غزة
19.68° القدس
رام الله19.37°
الخليل18.3°
غزة24.35°
الإثنين 14 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.76

خبر: الرباط في مواجهة الاقتحام

مفارقة غريبة حقًّا تلك التي صارت معها أخبار اقتحامات المستوطنين شبه اليومية للمسجد الأقصى لا تقترن بدعوات نفير فلسطينية كبيرة في القدس ومحيطها، أو في عموم فلسطين. ومازالت الدعوات الصهيونية تتصاعد ويزيد منسوب جرأتها في التحريض على هدم الأقصى أو اقتحامه أو بناء هيكل بالقرب منه، وقد طالب مؤخرًا عضو (الكنيست) الصهيوني (مردخاي يوجيف) ببناء كنيس يهودي في الجزء الجنوبي من المسجد الأقصى، وأيضًا جرى توزيع خرائط للهيكل خلال جميع عمليات الاقتحام الأخيرة التي نفذها مستوطنون. أما التطور الأخير فكان دعوات "الحج الجماعي" التي أطلقتها منظمات يهودية متطرفة تسمي نفسها "ائتلاف منظمات الهيكل"، إذ دعت المستوطنين إلى اقتحام المسجد الأقصى خلال ما يسمونه "عيد نزول التوراة"، الذي يوافق يوم الخميس (16 آيار). ونشرت هذه الجماعات إعلاناتها على شبكات التواصل الاجتماعي، وفيها ترويج لعملية "اقتحام كبير ونوعي ينفّذه شبيبة وأطفال يهود داخل المسجد الأقصى من باب المغاربة في الساعة 8:30 صباحًا"، ويستمر هذا الاقتحام حتى الساعة 12:30 مساء للاحتفال بـ"عيد نزول التوراة" داخل "جبل الهيكل" على حد زعمهم، في إشارة إلى الأقصى. في ظلّ حالة العجز الفلسطيني، وغياب مظاهر الانتفاض أو دعوات النفير في مواقف كهذه؛ يبدو الرهان الحقيقي مقتصرًا على رباط أهالي القدس ومناطق الـ(48) في محيط المسجد الأقصى وداخله؛ كونهم الوحيدين الذين يتمكنون من دخول القدس، ولأن جهود المرابطين فيما مضى تكفّلت وحدها بردع عصابات المستوطنين والمتطرفين الصهاينة، وهو لم يكن رباطًا موسميًّا بل عملًا متواصلًا ومتنوع المجالات لأجل الأقصى، كان الشيخ رائد صلاح وصحبه أول من حملوا لواءه، فأنشؤوا المؤسسات الخاصة بالأقصى وسيّروا القوافل اليومية لزيارته والرباط فيه، وظلّوا يرصدون الأخطار المحيقة به، ويواجهون القبضة الصهيونية بعزم وإصرار مستمرين. والمسجد الأقصى اليوم أحوج للمرابطين من أي وقت مضى، ولأن تظلّ ساحاته عامرة بحراسه، وألا يتم إغفال قضيته أو تناسيها؛ لأن تجاهله كما هجره هو الثغرة التي تنفذ منها أطماع المحتلين، وتستعر شراهتهم لتدنيسه، ومحاولات جعل (الهيكل) حقيقة قائمة على الأرض. وإن الحديث عن أهمية دور الرباط في رحاب المسرى لا يغني عن المطالبة بعودة "الروح" إلى قيمة الأقصى في نفوس الفلسطينيين، مع ما يتطلبه ذلك من ضرورة ترجمة تلك القيمة إلى مواجهة على الأرض مع الاحتلال، ولو عدنا بالذاكرة إلى السنوات السابقة فسنرى اختلافًا واضحًا على صعيد ردة الفعل الفلسطينية على عمليات اقتحام الأقصى، قبل أن يتحوّل الأمر إلى حدث تقليدي مكرر، يزداد تطرفه وجرأته في صفوف الاحتلال، في حين تزداد ردة الفعل الفلسطينية بهوتًا وضعفًا ولامبالاة. المسجد الأقصى هو الرمزية الأهم المرتبطة بوجود الفلسطيني على هذه الأرض، وهو المقدّس الذي ينعكس حضوره في قلوب أبناء الأمة الإسلامية كلّها، لكنه مع كلّ ذلك يزداد اغترابًا عن أرواحنا، مثلما نزداد نحن اغترابًا عن وعي أهميته وفهم مكانته وأبعاد رمزيته. أعيدوا للأقصى مكانته والاهتمام الجدير به؛ يعُد للقضية كلّها ألقها، وخلوا بين الأجيال الجديدة وواجبها ودورها في النفير وترجمة غضبتها للمقدّسات، ولن نلبث وقتها طويلًا قبل مغادرة مساحة "النضال" الرمادية التي تستوعب الكثير من الكلام، والقليل من الفعل.