21.12°القدس
20.88°رام الله
19.97°الخليل
24.36°غزة
21.12° القدس
رام الله20.88°
الخليل19.97°
غزة24.36°
الأربعاء 09 يوليو 2025
4.57جنيه إسترليني
4.74دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.94يورو
3.36دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.57
دينار أردني4.74
جنيه مصري0.07
يورو3.94
دولار أمريكي3.36

خبر: في غزة.. "ضغطة زر" قد تغنيك للأبد

تغير حال أحدهم بين ليلة وضحاها من فقر إلى غنى، وآخر بنى شقته وتزوج وكان لا يملك إلا ما يستره، وثالت امتلك أحدث سيارة، كل ذلك "بضغطة زر كيبورد"، يقال إن "الأمر لا يحتاج أكثر من "جهاز لاب توب" و"إنترنت فائق السرعة"، إضافة إلى "قدرة على تحمل ساعات من السهر والعمل". قد يسأل سائل: كيف هذا!! [color=red]"فلسطين الآن"[/color] حاولت استقصاء الأمر، هل هو حقيقة أم خيال! وهل صحيح أن أحدهم جنى 120 ألف دولار في عام وربما أكثر أم الأمر لا يعدو كونه تهويل ويندرج ضمن الإشاعات التي تحرق البلد بين فينة وأخرى. بعد بحث وتحرٍ، توصلنا إلى خيط يوصلنا إلى كشف اللغز الذي حير الكثير، فأخبرنا أحدهم أن "مجموعة من هؤلاء" يجتمعون دوما في "كفي شوب" في مركز المدينة، يسهرون طويلاً ويجنون مالاً كثيراً، علماً بأن المدينة باتت تعج " بكافيهات الشوب" التي يرتادها الشباب بشكلٍ خاص. كانت الفرصة مناسبة لنا (مراسل [color=red]فلسطين الآن[/color] وصديقه) أن نرتاد هذا "الكفي شوب" مرات عدة بحجة حضور "مباريات دوري أبطال أوروبا" ككثير ممن سبقونا في المقاعد الأمامية لشاشات العرض، اعتدنا على الجلوس في بيئة ملوثة بدخان "السجائر والأرجيلة"، تحملنا مكرهين لنصل إلى الحقيقة. في هذه الفترة كونا علاقات وصداقات خاصة مع "صاحب المقهي ومقدمي الخدمات". تسللنا إلى عقولهم شيئاً فشيئاً، سألنا أحدهم وقد اعتاد أن يقدم لنا "القهوة والشاي"، هل يوجد "انترنت" أجابنا: نعم ومجاني، أتبعناه بسؤال: لم كل هذا ومن يستخدمه: قال راحتكم فوق راسنا والنت إله صحابه، هناك من يتسلى وغيرهم يعمل، وبدأنا باستدراجه في الحديث إلى أن أشار لنا على مكان محجوز بل قل "جناح خاص" لما أسماهم لنا "بالهكرز" وأفادنا أيضا بموعد اللقاء. [title]طاولة الأحلام[/title] حضرنا كالعادة لحضور مباراة حاسمة، بعد عشاء ذات يوم، الكل يرقب بدء شاشات العرض، وأنا أرقب تلك "الطاولة" التي تنتظر زوارها، وما هي إلا دقائق معدودة حتى جاء أحدهم، يضع نظارة سوداء فوق عينه، وعلى كتفه "حقيبة"، جلس سريعاً خلع نظارته وأخرج "لاب توب"، تبعه بعد ذلك ثان وثالت واكتمل العدد بعد دقائق ليصل إلى خمسة. جلس كلهم متقابلين ووضع كل منهم وجهه في أمام شاشة "اللاب توب" الخاص به، أشرنا إلى القهوجي "بقهوته" جاء وغمزنا بقدوم ما نبحث عنه، أومأنا له: نعم. تأنينا في اقتحام مجلسهم، راقبنا المشهد ذاته لأيام، وفي كل مرة نأخذ معلومة من "القهوجي"، والأهم من ذلك أخبرنا بأسمائهم ومحصلة الأموال التي تنتفخ بها جيوبهم، كان هذا حافزاً لنا لنكسر الهدوء الذي خيم على الطاولة المستديرة التي يلتفون حولها أو قل "طاولة الأحلام السعيدة". وبعد تفكير، قررنا وانطلقنا صوبهم، عرّفناهم بأنفسنا وطبيعة عملنا ولماذا نحن هنا؟!، تجاهلونا في بادئ الأمر، ثم انصاعوا لنا لمّا أخبرناهم بأسمائهم خوفاً أن يلحق الضرر بهم، تعهدنا لهم أن في الأمر "تقرير يسلط الضوء على قضية صارت حديث الشباب"، لن يضرهم شيئاً خاصةً وأننا لن نذكر أسماءهم، لترتسم ابتسامة مشوبة بالحذر على وجوههم. [title]اختراق وتحويل أموال[/title] بدأ (م. ن) حديثه "عملنا باختصار ندخل إلى حسابات وبطاقات ائتمان وشركات اتصالات دولية ونبيع ونحّول أموالاً من تلك الحسابات إلى حوالات وحسابات لنا وتصلنا الأموال". فصّل لنا كيفية العمل، خاصةً ما يعرف بـ"سرقة الأيبيهات" لكن لن نسردها هنا لاعتبارات أخلاقية. نبهنا صديقه (ر. ش) إلى أن عملهم والبرامج المستخدمة أمر سهل، يتطلب الأمر فقط معرفة في استخدام "الحاسوب" والأهم هو الصبر وعدم استعجال قطف الثمار". تبعه (م. ن): قد نتحصل على عدة دولارات في الشهر، وقد نجني آلاف في يوم واحد". قاطعناه بسؤاله ما هي أعلى قيمة مالية تحصل عليها؟ أجاب 120 ألف دولار منذ أن بدأنا قبل أكثر من عام، أووووووووف: "فتح زميلي على يساري "فمه ونفخ"، وعلت الضحكات المكان، ثم قال(ر. ش) وهناك من يتحصل أكثر فقط "طلق النوم ثلاثاً وابحث واكسب". سألت كبيرهم: مصدر هذه الأموال؟! أجاب: حسابات ومشتركون أجانب، مؤكداً أنهم لا يستهدفون العرب والمسلمين تجنبا للوقوع في الحرام. بادرته: ومن حلل لكم ذلك! باغتنا زميلهم الثالث (ع. غ): هناك من يقول تجنب إخوانكم العرب والمسلمين وتصدق ببعض ما تحصل عليه. وجّه صديقي لهم سؤالاً: هل تعرضتم للملاحقة! أجاب كبيرهم (م. ن)، لكن أحياناً تأتينا اتصالات ورسائل عبر أرقامنا الخاصة التي نستخدمها في "الهكرز". يضيف زميله (ع. غ): يقولون لنا إنهم من الشرطة الدولية وأنهم يتابعون شكاوى عديدة وصلت إليهم بسرقة حسابات ونحن مصدر السرقة، يعقب: لا نأبه بهم فنحن لن نخرج من غزة. في هذه الأثناء، تغيرت ملامح وجوههم وكأننا عطّلنا مصالحهم، تظاهرنا بالرحيل، لكن قبل أن نغادر سألناهم: أنتم متزوجون!! أجابوا بصوت واحد: نعم، ثلاثة منهم أكدوا لنا أنهم بنوا شققهم وتزوجوا بفضل هذا العمل الذي هو برأيهم "حلال". تنهدنا وابتسمنا وغادرنا. [title]رأي أهل الاختصاص[/title] في الطريق، نظر إليّ صديقي قائلاً: الأمر جدُ خطير، وأصرّ على أن نوصل القضية إلى أهل الاختصاص: قلت له: هذا ما سأفعله في قابل الأيام. توجهت إلى مكتبي في صباح باكر، وبدأت التجول على أرقام المسؤولين "في وزارة الاتصالات والنيابة العامة والشرطة الدولية في غزة" والأهم منذ ذلك "رأي الشرع فيما يفعلون". أجاب وزير الاتصالات الفلسطيني أسامة العيسوي سريعاً، على رسالة أرسلتها له على صفحة الفيسبوك الخاصة به، قال إنهم على اطلاع على الأمر، وأي شكوى تصلهم بهذا الخصوص يتم متابعتها وعلاجها. والأهم من ذلك أفصح لنا عن مشروع قانون "المعاملات الالكترونية" تقدمت به الوزارة إلى البرلمان لدراسته، مؤكداً أنه في حال إقراره يصبح أول قانون من نوعه في الأراضي الفلسطينية وسيضع حداً لهذه التصرفات "المسيئة" بل سيحفظ الحقوق الملكية والأدبية. [title]قانون التعاملات الالكترونية[/title] والقانون وفقاً للوزير، يعمل على تنظيم المعاملات الالكترونية وتحديد الآثار المترتبة على التعاملات الالكترونية، وإزالة أية عوائق تنتج عن الغموض المتعلق بهذه المعاملات كما يعمل عل تعزيز المبادئ المتعلقة بتوثيق وسلامة المعاملات والتجارة الالكترونية وتعزيز ثقة المتعاملين بسلامة وصحة هذه المعاملات. ويقع هذا القانون في تسعة فصول تتضمن 74 مادة تشمل الاثار القانونية المترتبة على المعاملات الالكترونية والسجلات الالكترونية والتوقيع الالكتروني والتصديق الالكتروني والدفع والتحويل الالكتروني والمعاملات التجارية الالكترونية والتزامات ومسؤولية حماية التعامل الالكتروني وفصل يتعلق بالمعاملات الالكترونية وأخير الجرائم والعقوبات والأحكام النهائية. [title]دور انتربول غزة[/title] توجهنا بعد ذلك إلى مقر الشرطة الجنائية الدولية "الانتربول" في غزة، التقينا بمديره اللواء "ماهر الرملي"، تحدثنا له في الأمر، وأوضح لنا أن هذا الفعل يندرج ضمن "الجرائم الدولية"، مشيراً إلى أنه من السهولة الوصول إلى الجناة. وأشار إلى أنهم لا يتحركون ضد أحد دون أي إخطار رسمي، ولم يتم إخطارنا بهذا الشأن من أي جهة، لكنه أكد أن هناك جهد ذاتي "أحيانا يتم استدعاء بعض من يقومون بهذا الأمر وتحذيرهم ومراقبتهم". وأشار لنا إلى بعض الإخطارات "تأتينا عن سرقة سيارات من ليبيا ومصر وتدخل غزة" ويتم متابعة هذا الأمر وإرجاع المسروقات وفق الطرق المتبعة. وشدد أن القضية تعالج بتكاثف جهود المعنيين من نيابة عامة وبرلمان ومجتمع مدني" لوضع حد لهذا الممارسات التي قد تطال "أحد منا". تواصلنا مع النيابة العامة لمعرفة هل من خطوات وإجراءات إلا أن أي من المسئولين لم يرد علينا. [title]القول الفصل للشرع[/title] الناحية الشرعية كان لها رأياً في الموضوع، اتصلنا بالدكتور "ماهر الحولي" رئيس لجنة الافتاء برابطة علماء فلسطين، طلبنا رأي الشرع بعد أن وضعناه في صورة ما يحدث وطبيعة عمل "الهكرز". بدأ حديثه مذكراً أن "الإسلام حفظ الكليات الخمس (النفس والعرض والمال والدين والعقل) المال محترم محفوظ أي كان نوعه وإذا كان مملوكا للغير". تدرج معنا في الفتوى قبل أن يصل إلى التحريم، بين أن الإسلام شرّع استثمار المال بما يحقق الكسب المشروع الذي يوافق الشرع، بعيداً عن الربا والغش والتغرير والخداع وأكل مال الناس بالباطل والإكراه وهذه كله أساليب محرمة شرعاً، وذلك للمحافظة على المال وخاصة مال الغير "جاءت العقوبة مشددة كقطع يد السارق والسارقة وحارب الإسلام التعدي على أموال الناس". وقال الحولي إن "الأصل في الإسلام أنّ السرقة بكافة أنواعها محرمة، سرقة حسابات المواقع والاتصالات والشركات لا يجوز شرعا وتحرم السرقة وتحويل الأموال من حسابات عامة إلى شخصية أو الشراء والتملك من بطاقات ائتمان الغير مهما كانت ديانته فهي أموال محترمة ولا يجوز الاعتداء عليه". وعدّ ذلك " أكل أموال الناس بالباطل الذي حرمة الإسلام". [title]السرقة من العدو[/title] أما فيما يتعلق بـ"إسرائيل"، أوضح أنها " دولة تغتصب أرضنا وأموالنا وعليه، فقد أجاز العلماء اختراق مواقع العدو الاستخبارية والعسكرية والأمنية والمعلوماتية خاصة وأننا في حرب مفتوحة معهم، لكن إن وقع في أيدهم أموال فلا يجوز أن يتصرفوا فيها بشكل فردي وإنما تحويلها لذوي الاختصاص للتصرف فيها". ورفض القول القائل "إنه يجوز السرقة بشرط إعطاء خمس ما يحصل عليه، ورد ذلك إلى الفهم الخاطئ، وذكر أن هذا الأمر خاص بأمر الغنائم الذي تشرف عليه دولة ولا يتعلق بقرار شخصي. ودعا رئيس لجنة الافتاء في رابطة علماء فلسطين كل من تورط في هذا العمل المحرم إلى التوبة والاستغفار "ويعزم ألا يعود للأمر ، وإذا كان يستطيع ارجاع المال إلى أصحابه فليفعل وإلا تصدق به أو تبرع به إلى أي جهة مسؤولة للتصرف به. ختاماً، أمام كل ما أوردناها لم نقصد "تنبيه الغافلين للخوض في هذا الفعل" لذلك لم نورد تفاصيل "الوصول إلى الحسابات"، بقدر ما أردنا تسليط الضوء على عمل محرم ينتشر بين الشباب الغافل كالنار في الهشيم، علنا ننجح في وضع حد له، فـــ(كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به) كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.