19.68°القدس
19.37°رام الله
18.3°الخليل
24.35°غزة
19.68° القدس
رام الله19.37°
الخليل18.3°
غزة24.35°
الإثنين 14 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.76

خبر: فوضى بلا ضمير

ما يجري في عواصم الربيع العربي (فوضى بلا ضمير). ما لا ضمير فيه هو عند المتربصين بالثورات العربية (فوضى خلاقة). الفوضى الخلاقة اسم على غير مسمى كالخمر عندما يسمونها مشروبات روحية، بينما هي خالية تماماً من الروح. ولست أدري كيف تكون فوضى وتكون خلاقة، فأول المصطلح ينقض آخره لأنه لا تخليق ولا إبداع البتة مع الفوضى لأن النقيضين لا يجتمعان. ما يجري في مصر الآن وفي تونس وليبيا وسوريا أيضاً هي نماذج من الفوضى الخلاقة. في سوريا تحطيم عسكري للدولة والحياة، وفي مصر (بهدلة) وتعويق مستمر لمسيرة الدولة لإحراج النظام الجديد أو إسقاطه وإعادة إنتاج الماضي. لا شيء في مصر أو تونس أو ليبيا يمر أو يستقر باسم الديمقراطية. الديمقراطية في هذه العواصم باتت تحمل معاني جديدة لا تعرفها أوروبا. الديمقراطية في مصر هي تغول الأقلية على الأكثرية، وهي حرمان الأغلبية من الحكم النيابي المستقر، وهي إيقاف عجلة النمو والأمن. تونس ثورة الياسمين ليست أحسن حالًا من مصر فالسلفية الجهادية تتزعم عملية التعويق، وتثير المشاكل أمام النظام الجديد. الفوضى الخلاقة التي أسميتها فوضى الضمير على أنواع: نوع منها هو إنتاج أميركي استعماري خالص له برامجه وله أدواته. وآخر هو نتاج المغالاة والتطرف والجهل في فهم الإسلام وآليات إدارة الصراع والعلاقات. النوع الأول يريد إفشال تجارب الإسلاميين في الحكم وإعادة إنتاج حكم ليبرالي أو اشتراكي يحمل قيم الغرب وثقافته. ونوع آخر يريد الإسراع بالمجتمع نحو الأسلمة وتطبيق الحدود وتحدي القوى الغربية. الثورات في مصر وتونس وليبيا تعاني من كلا النوعين. فمع كل خطوتين إلى الأمام خطوة إلى الوراء مرة باسم الدين ومرة باسم الديمقراطية. خذ مثلًا ما يجري الآن في معبر رفح من جهة مصر. ثمة إغلاق المعبر باسم الديمقراطية. العاملون فيه أغلقوه احتجاجا على النظام الذي يقوده محمد مرسي. هذه الديمقراطية نوع من الفوضى في الضمير. إذ ما العلاقة بين جنود اختطفهم مجهولون وبين مسافرين عائدين من العمرة أو مرضى عائدين من المشافي إلى غزة. فوضى الضمير والفوضى الخلاقة وجهان لعملة واحدة، تستهدف غزة وحماس دائماً بالإيذاء. بالتحريض الدائم فقط لأن غزة تمثل تجربة إسلامية ناجحة في التصدي للاحتلال والاستيطان. فوضى الضمير يمكنها الاطلاع على أوضاع العالقين على معبر رفح فمنهم المريض ومنهم العائد من طاعة وعمرة، ومنهم من يسعى على رزق عياله ومنهم من أنفق ما لديه من مال ومنه. المرأة والشيخ المسن والطفل، وكلهم لا ذنب لهم ولا علاقة لهم فيما يجري في مصر، ومع ذلك فعلى الجميع دفع الثمن لأن فلسطين والفلسطينيين متهمون دائماً عند كل من يعمل ضد الثورات وضد الربيع العربي بعد أن تجرأت الثورات في رفع راية فلسطين والمقاومة في العواصم التي عاشت عقودا تحرس دولة الاحتلال وتحمي حدودها. الأقلية الفوضوية تتحكم في الأكثرية وتتحكم في الاستقرار. وكلام التضامن مع فلسطين وغزة عندهم يبقى كلاما. ومن قيد نفسه بكراهية التجربة الإسلامية في الحكم لن يكون متضامنا صافيا مع القدس أو مع غزة، وإن أطلق في الأثير أكثر العبارات بلاغة وضجيجا. لذا نرجوكم عاملونا كما تعاملون الأجانب ولكم من غزة والقدس وفلسطين الشكر بعد الشكر.