20.55°القدس
20.32°رام الله
19.42°الخليل
24.96°غزة
20.55° القدس
رام الله20.32°
الخليل19.42°
غزة24.96°
الإثنين 14 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.76

خبر: (فاشية) أردوغان في عيون الجزّارين!

كان جيّداً ومسلّياً للغاية أن أمضي عدة ساعات أول من أمس في متابعة وسائل إعلام النظام السوري وحلفائه في تغطيتهم للمظاهرات في تركيا، جيّداً لأنه يُعين على التعرف على قدر الوقاحة التي تسري في عروق هذا النظام وإعلامه، وحجم الارتكاس الموضوعي والأخلاقي لدى حلفائه على اختلاف ألوانهم، حتى من كانت منابرهم الإعلامية تحظى بمصداقية جيدة فيما مضى.. ومسليّاً لأنّ اكتشاف ذلك القدر المهول من المواهب التنظيرية لدى أبواق النظام لا يكفّ عن إدهاشك، حتى مع علمك بحجم احتراف الدجل والمخاتلة لدى تلك الأبواق! ولن أتساءل عن مكان اختفاء الخجل لدى تلك الفضائية السورية التي تصوغ عنواناً للتصويت فحواه: "هل تعتقد أن وسائل الإعلام الشريكة في سفك الدم السوري ستنقل حقيقة الغضب الشعبي التركي ضد أردوغان؟"، ولن أستغرب اتهامهم فضائية الجزيرة بالتعتيم على احتجاجات تركيا، رغم أنها تخصها بتقارير مفصلة في جميع نشراتها، فيما تفرد قناة (الجزيرة مباشر) تغطية مباشرة لها عدّة ساعات في اليوم! وكذلك سأكتفي بالتمعّن في جمالية نصّ (بليغ) يلقيه أحد المعلّقين بكل ثقة فيقول:"اجلس الآن يا أردوغان والتقط أنفاسك، وشاهد كيف يفقد الحاكم شرعيته.. وهو يحرّك آلة قمعه لمواجهة المتظاهرين السلميين فيردي الآلاف منهم بين قتلى وجرحى".! هكذا إذن؛ وعلى خلفية موقفها من الثورة السورية وحسب؛ يتم شيطنة الحكومة التركية على مدار الساعة، واتهامها بالفاشية واستخدام العنف في قمع المتظاهرين، رغم أنه لم يسقط أي قتيل برصاص الشرطة حتى الآن، ولا بالغازات المسيلة للدموع، التي يحذّر وزير الخارجية السوري مواطنيه منها ويعدّها سلاحاً فتاكاً يفوق أثره براميل البارود والغاز الكيماوي التي تفنن نظامه في استخدامها في حرب عنوانها إبادة المعارضين بالضربة القاضية! كلّ هذا غير مهم، فالنظام السوري في حالة غيبوبة أخلاقية، ولا عتب على ما يصدر عنه من جرعات أفيون معنوية لا يستشعر حجم وضاعتها ومنافاتها للمنطق. لكن الباعث على الاشمئزاز (وليس الاستغراب) هو أن يهوي معه حلفاؤه ومؤيدوه، ويتبنوا الموقف نفسه، حتى أولئك الذين كانوا يعدّون من رموز الوعي والفكر، فيتم الحديث بكلّ بساطة عن سقوط شرعية أردوغان، وعن حكم دكتاتوري، وعن وجوب تخليه عن الحكم والاستجابة لمطالب (الشارع)، متناسين أن حزب العدالة والتنمية وصل للحكم بانتخابات نزيهة جرت عدّة مرات، ولم يغتصب السلطة، ولا تنكّر لمبدأ تداولها، بل إن مشروعه الأخير الذي أثار الاحتجاجات مرّ من تحت قبة البرلمان المنتخب أولا! ومع ذلك يمتهن هؤلاء التنظير (الساحر) للحرّيات، وينصّبون أنفسهم حملة لوائها الوحيدين و(الشرعيين)، فهي مسلوبة ومطلوبة بعيداً عن مضارب نظام الأسد وملحقاته، لكنها وافرة وغير محتاجة للتحقق بين ظهرانيه. والمقياس ذاته فيما يخصّ القمع، فهناك قمع مشروع حتى لو كان يحصد الأرواح دونما حساب، وهناك قمع فاشي ووحشي، حتى لو كان موهوماً ولا يُسقط أي قتيل! المهمّ هنا، كيف أنه ما زال يتبيّن، مع مزيد من الأحداث وما تفرزه من اصطفافات، أن من اختار مكانه إلى جانب الجزارين وسافكي الدم، قد قرّر مسبقاً إعلان تبعية كاملة لوعيه وإسقاطاً لقيمه الأخلاقية، وانحيازاً لأحطّ أشكال التدليس والافتراء وتمييع الحقائق حتى لو وصل الأمر إلى إنكار وقت طلوع النهار ومغيب الشمس. فلا مكان في خندق المجرمين لمساحة من الوعي أو فسحة من المصداقية، إنما ينبغي فقط تكييف الوعي وقصقصة أطرافه النافرة عن ثقافة القطيع ومسوّغات الوضاعة!