، وتخويف الجمهور الفلسطيني من نتائج انتخاب حماس، ومع ذلك فلم تفلح تلك الدعاية في التأثير في صناديق الاقتراع كون المواطن الفلسطيني كان يتعامل مع فرضيات وليس مع حقائق يشاهدها بأم عينه. الآن، وجدت فتح ومعها رئيس حكومتها الفريد من نوعه سلام فياض بأن تغيير المعادلة الانتخابية القادمة يقتضي إرهاق المواطن الفلسطيني اقتصاديًا، وحمله على الاقتناع بأن اقتراب حماس من المشهد السياسي الرسمي سيكون على حساب لقمة خبز الناس ورفاهيتها، فما بالكم لو أعيد انتخابها وحققت فوزاً جديدا؟! وحقيقة فلست أدري كيف سمحت حماس بوصول الحال إلى هذا الوضع الذي يبدو مستعصياً على الحل، لأنني لا أتصور أنها كانت تسقط من حساباتها السيناريوهات الحالية ومعنى إزاحة فياض عن المشهد، حتى لو كانت فتح كلها لا تريده! فهل هذه المصالحة التي ظلّ الجميع ينظّر لها ويحرص عليها وينادي بها ؟ مصالحة تورط الجميع في عملية الابتزاز التي يمارسها الغرب، وتجعل كل الفصائل مضطرة للقبول بأنصاف الحلول والحرص على عدم إغضاب الغرب وأمريكا؟! لا أعتقد أبداً أن حكومة انتقالية وفق المقاييس "الفتحوية" هي أهمّ مقتضيات المصالحة، لأن أهم تجليات الانقسام كانت إقصاء الآخر وحظر النشاط السياسي واستعار الاعتقال السياسي ومحاربة المقاومة وقمع الحريات، ولو أن الحوار الفلسطيني الداخلي نجح في حل هذه القضايا وحسب فسنكون بألف خير، ولتبق بعدها فتح حاكمة للضفة، وحماس حاكمة في غزة، فالضفة المحتلة لن تناسبها حكومة تتبنى خيار المقاومة وتتمسك به، وغزة المحررة والمحاصرة والتي تحظى بتعاطف العالم لن تناسبها حكومة قوامها التنسيق الأمني، فماذا كان سيضير لو بقي الوضع السياسي على ما هو عليه ولو لفترة مؤقتة مع تركيز الجهد على معالجة آثار الانقسام وإنهائها؟ وكيف يمكن أن نخدع أنفسنا بادعاء إنهاء الانقسام فيما الوضع الداخلي لا يزال على حاله؟! الوضع الاقتصادي الشائك في الضفة لن يحل بين يوم وليلة، ولا يبدو أن فتح معنية بحله أو تحرير القرار الفلسطيني من قبضة فياض والمانحين، ولهذا فلسنا نرى في مسرحيات العوز الأخيرة سوى محاولة لتوريط حماس وإرغامها على غضّ الطرف عن إبقاء فياض ممسكاً بزمام الحكومة، وفي المقابل جعلها تتطلع فقط إلى ملف الانتخابات وما سيليه والحرص على إنجازه بسرعة، وهذا سيعني دون شك توريطها في معركة خاسرة دخلتها دونما سلاح وإعداد، والتتمة معروفة بطبيعة الحال! .