23.02°القدس
22.65°رام الله
21.64°الخليل
25.27°غزة
23.02° القدس
رام الله22.65°
الخليل21.64°
غزة25.27°
الإثنين 14 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.76

خبر: كفانا مبالغة

كنت قد ذكرت أكثر من مائة مرة أن الربيع العربي مؤامرة أمريكية صهيونية هدفها تدمير الوطن ونشر الفتن وتفكيك النسيج الشعبي المتلاحم وها هي ناره تمتد لتطال تركيا التي أصبحت على حافة الإنهيار السياسي والاقتصادي والاجتماعي! هل تبدو عبارتي هذه مألوفة؟ هل سمعتَها من أحدهم أو قرأتَها في مكان ما؟ بالطبع لم أقل هذا مائة مرة - بل لم اقله حتى مرة واحدة من قبل - ولا أظن أن الربيع العربي جاء نتيجة أي مؤامرة سوى مؤامرة الحكام على شعوبها، ولا أخال أن تتأثر تركيا الديموقراطية التي مرت بتطور إقتصادي غير مسبوق خلال السنوات القليلة الماضية ببعض الحركات الاحتجاجية ضد إزالة حديقة وترميم بناء عثماني قديم، ولكن مثل هذه المبالغات قد ملأت صفحات الانترنت وبعض القنوات حتى أصبحت حقيقة في أذهان العديدين ممن كانوا يرون الأمل في الربيع العربي وفي ذلك خطر عظيم إذ ثبطت الهمم وبيعت الذمم. سألت نفسي مراراً لم تملأ المبالغة حياتنا؟ ولا أتكلم هنا عن مواضيع سياسية فحسب بل عامة أيضاً، فقد قطع ذاك السائق المسافة بين غزة ورفح في عشر دقائق، في حين أكل الآخر خروفاً لوحده حتى رأى نجوم الليل في عز النهار. وقد أصبح شعر ذلك الشاب كشعر أهل الكهف، أما الآخر فيوصل ليله بنهاره. هل تجعل هذه المبالغات أحاديثنا أكثر إثارة وتشويقاً ومتابعة من الآخرين؟ أم تجعل منها أكثر فكاهة وتسلية؟ أم أننا نفعل ذلك عمداً كي نوصل رسالة معينة كحاجة الشاب إلى قصّ شعره وحاجة الآخر إلى أن يستيقظ باكراً؟ أم أن بعضنا يحاول نشر قناعاته الشخصية تنفيذاً لأجندته الخاصة أو أجندة آخرين؟ لعله مزيج من هذا وذاك ولكن هناك خط دقيق بين المبالغة والكذب بل إن المبالغة كثيراً ما تتحول إلى "حقائق كاذبة" إذا ما تناولتها ألسن عديدة وفي ذلك ضرر عظيم ليس على الأشخاص فحسب بل على المؤسسات والبلاد. كلما دخلت في نقاش مع زميل أجنبي في موضوع ما ذهلت من تركيزه على الحقائق دون زيادة أو نقصان ودون مبالغة أو تدليس ! في حين أجد زملائي العرب يبالغون في تصوير الأمور دون الحاجة إلى ذلك حتى أجد أن الأجنبي لا يعرف ما الحقيقة من المبالغة في أحاديثنا لأنه غير معتاد على اصطياد الحقائق في أحاديث تملؤها المبالغات. وما زال المرء يكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتب عند الله كذّابا، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبت أمته.