26.08°القدس
25.85°رام الله
27.75°الخليل
27.43°غزة
26.08° القدس
رام الله25.85°
الخليل27.75°
غزة27.43°
الإثنين 14 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.76

خبر: ديكتاتورية الأقلية

ثمة فروق كبيرة بين الممارسة الديمقراطية في أوروبا والممارسة الديمقراطية في العالم العربي ، رغم أن الفكرة الديمقراطية كنظرية هي واحدة في العالم . ولأن الأمر كذلك تجد أن الديمقراطية في أوروبا تسير بسلاسة ويسر . بينما هي عسيرة الولادة في العالم العربي ، وهي متعثرة المسار والتطبيق . وأسباب العسر والتعثر عديدة ، وأودّ أن أقف هنا على سبب واحد ، هو ديكتاتورية الأقلية . ديكتاتورية الأقلية مرض مزمن في الوطن العربي الكبير ، لا أكاد استثني منه عاصمة من العواصم التي نحبها ونحترمها . إن من يراجع مسيرة مائة عام من الحكم في العواصم العربية المختلفة يجد أن الأقلية هي التي تحكم ، وأن الأكثرية تقف خارج إطار الحكم حيث لا مشاركة حقيقية لها في صنع القرار ، أو تقرير المستقبل . حين ثارت الأغلبية وفجرت ثورات الربيع العربي في العواصم المعروفة كان من المتوقع أن تحكم الأغلبية التي تقررها الإرادة الشعبية ، غير أن هذا لم يحدث ، حيث حاصرت الأقلية الأغلبية الحاكمة في مصر وتونس ، وقررت التعاون مع الاستعمار وأدواته المحلية لإزاحة الأغلبية من كرسي القيادة ، دون أن ترف لهم جفن على ما يسمونه الديمقراطية ، وآليات العمل الديمقراطي للتغيير. الأقلية الديكتاتورية في البلاد العربية تتشكل غالباً من أحزاب يسارية وليبرالية وفوضوية لا تملك حظاً أو أملاً في الوصول إلى كرسي القيادة من خلال صندوق الانتخابات ، لذا فهي تؤيد الآليات البديلة كالانقلاب العسكري ، أو التظاهرات الفوضوية للوصول لأهدافها . من ثمة يمكن القول بأن الأقلية تمثل بالنسبة لأميركا والغرب عامة الأرضية الخصبة لتقبل بذور الشر والفتنة والفوضى . ديكتاتورية الأقلية ليس نوعاً واحداً أو نمطاً واحداً ، ولكن الأنماط كلها تلتقي عند ممارسة اللاديمقراطية لا بهدف إعاقة مسيرة الأغلبية الديمقراطية فحسب،بل هدما للديمقراطية نفسها، لأن حظوظ هذه الأقلية بمقعد القيادة قليلة جداً. من المفيد في الممارسة السياسة أن تتنبه الأغلبية إلى الفروقات الكبيرة بين البيئة العربية ، والبيئة الأوروبية ، فتعمل كل ما في وسعها لإشراك الأقلية في مراكز القيادة والحكم لتعطيها أمل في الوجود ، ومن ثم تستنقذها من أن تكون أداة للتدخلات الأجنبية، لا سيما حين تكون الأغلبية الحاكمة أو القائدة إسلامية الهوية والأهداف . ربما تكون التجربة التونسية الأكثر نجاحاً حتى الآن في احتواء الأقلية من خلال الشراكة القيادية بين النهضة والآخرين ، ولكن مازالت ديكتاتورية الأقلية تتربص بالتجربة لإفشالها ، وأحسب أن تجربة حماس في الحكم تحكي ألواناً مختلفة من المعاناة التي سببتها الأقلية ، ومن ثمة انتهت التجربة إلى حالة الانقسام التي نعيشها ، ولا تختلف التجربة المصرية في هذه المسألة عن التجارب الآخرى ، بل أن حجم مصر الكبير ومركزها المحوري والقائد في العالم العربي يحكي معاناة أكثر إيلاماً وإرهاقاً للمجتمع وللدولة بسبب ديكتاتورية الأقلية التي لم تتعود على رؤية حزباً إسلامياً في الحكم وفي القيادة ، ومن ثمة تحولت تجربة ثورة 25 يناير من حالة انتصار ديمقراطي، إلى حالة أزمة معقدة يحتار فيها الحليم ، ويعتكف بسببها القلم الحر.