أعجبني مقطع جميل من الفلم الوثائقي " دماء في محراب إبراهيم " الذي يتحدث عن مجزرة الحرم الإبراهيمي في مدينة خليل الرحمن التي ارتكبها الصهاينة بقيادة المجرم الحاقد باروخ جولدشتاين سنة 1994 م . لطفلة صغيرة استشهد أبيها في المجزرة تصرخ وتقول بحرقة وغضب : " والله غير لمّا أكبر غير أقتل اليهود واشرب من دمهم زي ما موتوا الشهداء ! " ، حينها كان المخرج بارعاً فقاطعها بصوت المعلق على الفلم قائلاً : لا داعي لننتظر حتى تَكْبُرِي أيتها الصغيرة فالكبار موجودون ! . و أنشدوا " حينها كتائب القسام شعارها الإسلام تمضي بلا خوف بزحفها المقدام " ، وبدأ المعلق بتعداد عمليات الإنتقام القسامية لشهداء المجزرة فذكر : رائد زكارنة في العفولة . عمار عمارنة في " الخضيرة ". صالح صوي في" ديزنغوف " . حسن عباس وعصام الجوهري في " القدس " . ما عرف حينها بالخطة الخماسية التي وعدت بها كتائب القسام وكانت عند حسن الظن وكالعادة وفية لدماء الشهداء . وهذا طفل آخر في أحد اعتصامات أهالي الأسرى يقول لصحفي قد سأله عن شوقه لأبيه المحكوم في سجون الاحتلال بأكثر من 20 مؤبد : " أنا لما أكبر بدي أخطف جندي يهودي وأحرر أبوي من السجن" وله نقول لا يا محمد " الكبار موجودون" فمن أسر طوليدانو وسحماني وكرفاني وسعدون وفاكسمان وشاليط سيأسر جنوداً وضباطاً آخرين حتى يتحرر أباك وكل الأسرى من السجون الصهيوني إن شاء الله . واليوم ما زال الكبار موجودون ، فهذه أم أحمد التي كانت تودع ولدها المنطلق للرباط على ثغور الوطن بالحزن والألم والقلق الشديد ، اليوم ودعته على غير عادتها مبتسمة بوجه مشرق جميل ، تعجب من حالها فسألها : " مالك يمة مش عوايدك ؟ بشوف لا قلقانة ولا متوترة مثل كل مرة !!؟ ." ردت بفخر وقالت : " روح يمة قلبي عليك راضي ، إن قتلوك رح أفتخر فيك شهيد ولا أحلى ، ورح تشفع لي يوم الحساب ، وإن أسروك ما تقلق يمة في رجال أوفياء أقسموا ليحرروك ، روح يمة أنا الآن كتير مطمنة ربي يطمن قلبك ويرضى عنك يا قسام " . ولأن الكبار ما زالوا موجودون أيقن عبد الله البرغوثي وإبراهيم حامد وحسن سلامة وأحمد سعدات وكل من لم تشملهم صفقة التبادل بأنهم مع الحرية على موعد ، ما دام فينا رجال كبار وضعوا قضيتهم في سلم أولوياتهم ، ونصب أعينهم وهم على عهد الوفاء إن شاء الله . لذلك آثروا إخوانهم الأسرى على أنفسهم عندما علموا أن إتمام الصفقة لن تتم إلا بدونهم . وبعد توفيق الله و بثقة الياسين وتواضع مشعل وعناد الجعبري وثبات الضيف ، وعزيمة القسام الفولاذية فلتفخر فلسطين بالكبار ولترفع رأسها لتعانق الجوزاء في عليائها فكبارها موجودون ...نعم موجودن .
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.