13.9°القدس
13.66°رام الله
12.75°الخليل
15.47°غزة
13.9° القدس
رام الله13.66°
الخليل12.75°
غزة15.47°
الأحد 20 ابريل 2025
4.89جنيه إسترليني
5.2دينار أردني
0.07جنيه مصري
4.19يورو
3.69دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.89
دينار أردني5.2
جنيه مصري0.07
يورو4.19
دولار أمريكي3.69

خبر: شاليط يقهر عنجهيتهم !

رغم أن مشاهد يوم تحرير الأسرى في عملية التبادل (وفاء الأحرار) كانت كثيرة، وكانت جوانب روعتها متعددة ومتوزعة على امتداد التراب الفلسطيني من غزة إلى الضفة إلى القدس إلى داخل الخط الأخضر، ثم إلى الشتات الفلسطيني ومصر. ورغم أن استقصاء مغزى كل مشهد منها يحتاج إلى وقفات تحليل وتدبر مطولة ابتداء من صباح الانتظار أمام بوابة سجن عوفر وقرب معبر رفح، ثم مهرجاني الاستقبال في رام الله وغزة وما يتضمنانه من مفارقات، ثم في احتفاليات المدن الفلسطينية في الضفة التي ازدهر فيها الأمل بعد معايشة لليأس والقهر أعواماً طويلة، أنهتها بشكل مفاجئ عملية التحرير وما رافقها من احتفالات عمّت مختلف المدن وبيوت المحررين. رغم كل هذا إلا أن المشهد الأكثر روعة كان ظهور الأخ المجاهد أحمد الجعبري أحد أبرز مسؤولي الجناح العسكري لحماس وهو يسلّم الجندي الأسير جلعاد شاليط للمخابرات المصرية. الجعبري لم يظهر كمنتدب عاديّ من قبل القسام، أو كشريك في التفاوض حول الصفقة، بل كرمز يفهم الاحتلال دلالته جيداً، وهو المطلوب الأول على لائحة الاغتيالات الملحة والمؤجلة على حد سواء، وهو القائد الذي يقف في مقدمة جيش يشتدّ عوده شيئاً فشيئاً، ويمضي في تسطير المفاجآت المدهشة. وهو قبل كل ذلك الأسير السابق في سجون الاحتلال الذي خرج ليفي بوعده لرفاق قيده ويعمل على تحريرهم. تماماً كما فعل أول أمس الأسير المحرر في عملية التبادل (يحيى السنوار) حين وقف في ساحة الكتيبة لينطق بكلمات مركزة ودقيقة حول ضرورة أن تغدو عملية تحرير الأسرى استراتيجية تتصدر جدول أعمال المقاومة وتحديداً كتائب القسام. لقد سجلت كتائب القسام في هذه العملية تفوقاً معنوياً كبيراً يضاف إلى سلسلة إنجازاتها المتعلقة بعدد ونوعية المحررين، هذا التفوق جسّده الاختلاف بين مشهد جلعاد شاليط العائد إلى بيته منكسراً مضطرباً، وبين رجال فلسطين العائدين من أعوام سجنهم الطويلة مفعمين بالعزم، ممتلئين بالحياة، مسكونين بالإصرار، متعهدين لمن بقي خلفهم بألا ينسوهم، وبأن يجتهدوا في سبيل تحريرهم، وهو وعد سيكون على مخابرات الاحتلال من الآن فصاعداً أن تحسب حسابه وهي توقع على أحكام المؤبدات العالية، وتتمادى في إصدار أحكام الإداري الظالمة بحقّ الأسرى الفلسطينيين. انكسار عنجهية المحتل تجلى أمس في أوضح صورة، فشاليط لم يستقبل في مجتمعه استقبال الأبطال كما كان متوقعاً، وقادة كيانهم سلموا عليه ببرودة غريبة، وكأنهم يحمّلونه مسؤولية إذلالهم وكسر معاييرهم التي كانت تعد مسلمات في سياق تعاملهم مع الأسرى، أو على موائد التفاوض مع فريق التسوية الفلسطيني الذي كان على الدوام يسلّم بأن اليد العليا هي لمفاوضي الاحتلال وللاءاتهم واشتراطاتهم ومعاييرهم (المقدسة)!. لقد تأكد للكل الفلسطيني، ولقادة كيان الاحتلال أيضاً أن القوة العسكرية ليست كلّ شيء، وأن الانتصار على المدنيين العزّل بسياسة المجازر والقتل بغير حساب لا تساوي شيئاً أمام العقيدة القتالية وتباينها لدى الطرفين، وهي تصبح هباء منثوراً إذا ما تفوّق الضعيف على القوي مستثمراً أوراق قوته التي لا يملكها عدوه، في كشف خيبته وإفلاسه، وفي كسر غطرسته وإجباره على التنازل. منذ تحرير غزة التي كسرت كلمة شارون بأن (نتساريم كتل أبيب)، ومنذ نكوص جيش الاحتلال مدحوراً في حرب غزة دون أن يحقق شيئاً من أجندتها، لم تشهد فلسطين لحظة تاريخية كهذه. وحين توضع هذه المحطات في سياق متتابع لتفوق المقاومة الفلسطينية على حساب تراجع المشروع الصهيوني ندرك جيداً كيف أن نهج المقاومة في ارتقاء، وأن إنجازاته تترجم تباعاً على الأرض، وفي المقابل كيف أن المشروع الصهيوني ينكفئ ويتراجع ويهتز تحت وقع الإصرار على الحقوق، والتشبث بنهج المقاومة.