17 أكتوبر 2013 . الساعة 06:30 م بتوقيت القدس
لم يكن قد مضى شهرين على اغتيال طائرات الاحتلال الإسرائيلي للأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أبو علي مصطفى، حتى جاء الرد، وهذا المرة كانت عملية نوعية بامتياز، لا يزال صداها يتردد حتى اليوم. في السابع عشر من أكتوبر عام 2001، تمكن أفراد من الجناح العسكري للجبهة الشعبية من الدخول إلى مدينة القدس المحتلة، والولوج إلى فندق "حياة ريجنسي"، والصعود إلى غرفة وزير السياحة العنصري "رحبعام زئيفي"، وقلته. لم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد انسحب المنفذون بكل هدوء وثقة، ليتركوا دولة الاحتلال تغوص في حيرة من أمرها، وتقف مشدوهة أمام إبداع العقلية الفلسطينية. ومنذ ذلك الوقت تحول اسم الجناح العسكري للجبهة الشعبية إلى "كتائب الشهيد أبو علي مصطفى"، وقد أصدرت حينها بياناً رسمياً [color=red](مرفق نسخة عنه)[/color] تبنت فيه العملية قالت فيه إن "مجموعة الشهيد وديع حداد الخاصة التابعة لكتائب الشهيد أبو علي مصطفى أقدمت على اغتيال رمز من رموز الحقد الإسرائيلي الإرهابي المجرم رحبعام زئيفي صاحب فكرة الترانسفير العنصرية". وأضاف البيان "ليعلم الإرهابي شارون أن الدم الفلسطيني ليس رخيصا وأن من يستهدف قيادات ومناضلي الشعب الفلسطيني لن يبقى رأسه سالما". وأكد البيان "من الآن وصاعدا سيكون كل المستوى السياسي الإسرائيلي هدفا لمجموعاتنا الخاصة.. وسنلقنهم دروسا مؤلمة كرد على جريمة اغتيال القائد أبو على مصطفى وأكثر من 60 مناضلا فلسطينيا". [title]رد جنوني[/title] فقد دولة الاحتلال عقلها، وشكلت وحدات أمنية وعسكرية خاصة للبحث عن المنفذين، وفك طلاسم العملية. فحاولت اعتقال من تعتبره مخطط العملية، مجدي الريماوي، فاقتحمت بلدة بيت ريما قرب رام الله، يوم 24 تشرين أول (أكتوبر) 2001، وقتلت أفراد نقطة حراسة فلسطينية بينما كانت المروحيات الإسرائيلية تقصف البلدة وقوات من المشاة تتقدم عبر حقول الزيتون. البحث المضني والتنسيق الأمني مع السلطة وصل لنتيجة مفادها أن المنقذين والمخططين للعملية أربعة أشخاص، ولاحقتهم السلطة والاحتلال معا حتى تمكن جهاز المخابرات الفلسطيني من اعتقالهم بنابلس بقيادة طلال دويكات الذي يشغل اليوم منصب محافظة جنين. وجرى نقلهم لمقر المقاطعة برام الله. وفي يوم الأربعاء 24/4/2002م، كانت المقاطعة في رام الله محاصرة بالدبابات الإسرائيلية، وكانت كنيسة المهد محاصرة وبداخلها المئات، وتحت وطأة الضغط الأمريكي والتهديد الإسرائيلي تشكلت محكمة عسكرية من قضاة ومحامين ممن كانوا محاصرين في المقاطعة مع الرئيس عرفات، وأصدرت قراراً يقضي بعقوبة السجن حتى 18 عاما بحق أربعة أعضاء من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بتهمة القتل والمشاركة في قتل زئيفي. وقد أصدرت المحكمة العسكرية حكما بالسجن لمدة ثماني عشر عاما بحق الرفيق حمدي قرعان الذي أطلق النار باتجاه زئيفي، وباسل الأسمر بالسجن لمدة 12 عاماً على مساعدته في العملية، ومجدي الريماوي بالسجن ثماني أعوام للتخطيط للعملية، والقائد عاهد أبو غلمة مسؤول الجهاز العسكري للجبهة الشعبية في الضفة الغربية بالسجن لمدة عام. وفي أعقاب هذا الحكم، عقد اتفاق بين السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال والولايات المتحدة وبريطانيا على سجنهم في أريحا تحت رقابة أمريكية وبريطانية، وفي كانون ثاني 2002 اعتقلت السلطة الفلسطينية الأمين العام للجبهة الشعبية، أحمد سعدات وانضم إليهم. يبدو أن عنوان الصفقة المشبوهة كان فك الحصار عن المقاطعة في رام الله، وصيغة ما لإنهاء حصار كنيسة المهد، لكن ذلك لم يحدث، فقد اعتقل القائد سعدات في سجن أريحا بإشراف أمريكي بريطاني، وأبعد مناضلو كنيسة المهد، فيما بقي عرفات أسير المقاطعة حتى يوم مماته. [title]اعتقال المجموعة[/title] في صبيحة يوم الثلاثاء الموافق 14/3/2006، أقدمت قوات الاحتلال المدججة بالدبابات والآليات المدرعة وطائرات الهيلوكبتر على محاصرة المقاطعة وسجن أريحا الذي يعتقل فيه الأمين العام للجبهة الشعبية، أحمد سعدات ورفاقه الأربعة والعميد فؤاد الشوبكي. وبدأت بتدمير جدران المباني بروية وببث مباشر على الفضائيات لكل العالم، وصولاً إلى دك السجن، وبعد أن قامت بتدمير السجن ودك جدران الزنزانة التي يتواجدون فيها، حيث تم اعتقالهم واختطافهم على مرأى ومسمع العالم. [title]تفاصيل العملية[/title] وعودة إلى تفاصيل العملية، ففي يوم الاحد 14 أكتوبر، بعد أن التقى الرفيق حمدي قرعان بمسؤول الجهاز العسكري للجبهة وشرح له الخطة وتسلم كل تفاصيل العملية وتفاصيل الدخول والخروج من مكان تنفيذها بقي أن يعاين المكان على أرض الواقع. ولذا طلب منه التوجه إلى الفندق حيث دخل الرفيق إليه ببطاقة هوية اسرائيلية زرقاء مزورة بإسم سامر شحادة، ومكث فيه ليلة. عاد بعدها بيومين، قرعان ومعه مجدي الريماوي، وكان معهما (مسدسات كاتمة للصوت)، وفي صباح يوم العملية، خرجوا من غرفتهم ثم اتجهوا إلى درج الطوارئ وصعدوا إلى الطابق الثامن الذي توجد فيه غرف رقم 816 وهي الغرفة الذي يقيم بها زئيفي. كان زئيفي قد خرج لتناول طعام الفطور في قاعة الطعام فإنتظر المنفذان، وبعد ربع ساعة عاد زئيفي وعلى باب غرفته نادى عليه المنفذان بـ(غاندي) وما إن التفت حتى أطلقوا عليه النار، ما أدى إلى مقتله على الفور، وانسحبا من المرآب بسهولة. [title]دلائل واثباتات[/title] أثبتت تلك العملية أن يد المقاومة تستطيع الوصول لكبار القتلة والجنرالات والوزراء الإسرائيليين، كما أثبتت المقاومة أن البطولة دائماً ممكنة في حال توفر الإرادة والكفاءة السياسية، وأن التواطؤ الداخلي مع التنسيق الأمني قد يضر أو يعطل في بعض الأحيان، لكن إرادة المقاومة الصلبة نافذة. فقد فضح قتل زئيفي السلطة ورجالات الفساد حين ذهبوا بعيداً في ملاحقة مناضلي الجبهة الشعبية وقدموا خدمة جلية للاحتلال. [img=102013/view_1382038350.jpg]صورة البيان[/img]