18.57°القدس
18.3°رام الله
17.19°الخليل
23.43°غزة
18.57° القدس
رام الله18.3°
الخليل17.19°
غزة23.43°
الإثنين 14 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.76

خبر: وضع الاحتلال الإقليمي: يتحسن أم يتدهور ؟

لم يكن سرًّا أنه في خضم الثورات العربية أعرب الكيان العبري بمختلف مستوياته السياسية والأمنية والعسكرية عن قلقه العميق إزاء وضعه الإستراتيجي في المنطقة، واحتمال نشوب صراعات مسلحة معه على جبهات متعددة، لكنه اليوم _وعلى النقيض من ذلك_ ربما يبدو بوضع متفائل وحذر حيال ذلك؛ لأسباب وجيهة: 1- مصر: أعاد الانقلاب على الرئيس مرسي قدرًا من الحياة الطبيعية على الحدود الجنوبية الغربية لأراضي الـ(48)، في ظل التشنجات السياسية الراهنة في البلاد، ما يعني أن نتيجة الانقلاب عليه جاءت مكسبًا صافيًا للكيان العبري؛ لأنه خلال المدة التي تولى فيها الحكم جاهر بموقف علني معادٍ له، ومع الانقلاب عليه واستبدال به لاحقًا نظام يسيطر عليه الجيش هناك إمكانات متجددة للمشاركة مع مصر، والحوار الإستراتيجي معها. 2- الأردن: يجري تلمس آثار التحول في مصر لما هو أبعد من الحدود الجنوبية الغربية لأراضي الـ(48)، وكما أن المد العالي يرفع كل القوارب إن هناك دلائل واضحة على أن إسقاط جماعة الإخوان المسلمين في مصر أدى إلى تضاؤل جاذبية القوى الإسلامية في جميع أنحاء المنطقة. 3- سوريا: بعد أن دخلت البلاد في رحى حرب طاحنة بين عدد من المكونات الداخلية والخارجية، يعتقد الكيان العبري أن ما يجري في سوريا يمكن أن يتحول ليكون في مصلحته، مع وجود مشكلتين تكتيكيتين، وهما: احتمال الانتشار المحتمل للقتال في سوريا، واختراقه الحدود الشمالية لفلسطين، وفرضية استمرار استخدام النظام للأسلحة الكيميائية، أو توزيعها على أطراف ثالثة كحزب الله، أو تستولي عليها قوات المعارضة. 4- الساحة الفلسطينية: في غمرة الانشغال العربي بالملفات الداخلية، جاء تحرك الكيان العبري على الجبهة الفلسطينية باتجاه المفاوضات، وهو من شأنه أن يزود الكيان بمزيد من حرية الحركة في العالم، بعد أن أصبحت إعادة تشغيل المفاوضات مع السلطة الفلسطينية على رأس أولويات إدارة "أوباما"، ومع ذلك فإن صناع القرار في الكيان لا يحملون أي أوهام بشأن فرص النجاح. ومع ذلك من الواضح أن صدى القضية الفلسطينية لا يزال يتردد في المنطقة، وينبغي التصدي لها، ومعالجتها لدفع الفلسطينيين إلى إحراز تقدم على جبهات أخرى، وعلى هذا إن مشاركة الكيان مصمَّمة لإزالة مظهر التعنت، وتسهيل الحوار مع دول المنطقة بشأن القضايا الأخرى في مصر وسوريا وإيران. في المقابل، إن أعداء الكيان العبري في العالم العربي يبدون ضعفًا شديدًا؛ فالمجتمع العربي باقٍ على حاله، ومعظم الدول العربية غارقة في مشاكل داخلية كثيرة، وتقارير الأمم المتحدة بشأن التنمية الاجتماعية والفكرية فيها تشدد على وضعها المتخلف مطلع القرن الحادي والعشرين، وهي تصارع تحديات التحديث، وتعيش حاليًّا في حالة انعدام اليقين، خصوصًا في مرحلة ما بعد التقلبات العربية. وهذه الدول منشغلة بأزمات اقتصادية، اجتماعية وسياسية خطيرة، ولا طاقة لها أو موارد تمكنها من بناء منظومات عسكرية شديدة البأس قادرة على مهاجمة الكيان، وقدرتها على تهديد الوضع القائم عسكريًّا محدودة جدًّا. وفي الوقت الذي تعاني فيه العديد الدول العربية مجتمعة تراجعًا اقتصاديًّا، إن دول الربيع العربي بالتحديد تشهد تدهورًا غير مسبوق؛ بسبب الاضطرابات الأمنية أو ابتزاز الدول الكبرى، ما يفسح المجال للكيان العبري صاحب الاقتصاد القوي، إذ ترتبط قوته بقدراته الاقتصادية. ومع ذلك مازال الكيان يواجه تحديًا عسكريًّا متعاظمًا يتمثل بقدرات المنظمات غير "الدولانية" مثل حماس في فلسطين، وحزب الله في لبنان، والقاعدة في سيناء والجولان، بفضل الدعم الذي تتلقاه، لتصبح أكثر تأهيلًا، وأفضل تدريبًا، وأسلحتها أكثر تطورًا. أخيرًا: إن الوقت الراهن يشير إلى أن الوضع الإستراتيجي للكيان العبري أفضل مما كان عليه في بدايات انطلاق "الربيع العربي"، وربما يشهد ذلك على الجمع بين "المهارة والحظ" اللذين تمكن بهما من الإبحار في خضم الاضطرابات التي تحيط بالمنطقة، على الأقل حتى الآن. أدرك جيدًا أن السطور السابقة قد لا تروق لكثير من القراء، لكن التأمل في الواقع العربي، واستشرافاته المستقبلية في قادم الأيام يعطينا جرعة تشاؤم من العيار الثقيل، ويمنح الكيان العبري فرصة تاريخية قد لا تتكرر في ترسيخ وجوده، ولعلنا لا ننسى ما قاله "بن غوريون" الرئيس الأول لحكومة الاحتلال عقب تأسيس الكيان: "أيها الإسرائيليون، إنكم لم تنتصروا على العرب لقوتكم فحسب، ولكن لضعفهم أيضًا".