لم تدخر المقاومة الفلسطينية أي وسيلة من الوسائل المشروعة في مقاومة المحتل ودفع العدوان خلال معركة "حجارة السجيل" إلا واستخدمتها، وكان من ضمن تلك الوسائل "الاعلام الجديد" الذي لجأت إليه المقاومة الفرصة لتصويب كثير من الخطأ والزلل الذي لحق قضيتهم عبر التعبير الحر والصادق عن ما يحدث معهم في حياتهم اليومية ومعاناتهم ومشاركة كل العالم لقضاياهم العادلة. ولعل أهم أسباب انتشار أدوات الاعلام الجديد بين الفلسطينيين يعود لعدة أسباب أهمها ربط الشباب الفلسطيني وغير الفلسطيني بالدفاع عن أهل غزة خصوصا والقضية الفلسطينية عموما، ويشكل الشباب المنتشرين على هذه الشبكات شريحة ضاغطة على الصحفيين للتعامل مع الخبر وسرعة نقله ونشر الصور والفيديوهات والروابط، خاصةً وأن "إسرائيل" لا تستطيع منع هكذا نشاطات لقوتها وانتشارها السريع. ونقل ذلك الإعلام كل تفاصيل المواجهة مع "إسرائيل" خلال الأيام الثمانية إلى الإعلام العربي والغربي بسهوله كبيرة واستطاع تحشيد آلاف المناصرين على هذه الشبكات لمساندة أهل غزة ومحاولة الذود عنهم ولو بالكلمة. من جانبها أدركت "إسرائيل" خطورة استخدام الفلسطينيين للإعلام الجديد وقد بدى ذلك جلياً عقب نشر موقع "أونست ريبورتنج" تقريراً تحت عنوان "الاستفادة من إغلاق صفحة كتائب القسام على الفيسبوك"، وركز التقرير على أن حماس تدرك بوضوح أهمية الفيسبوك في جهودها لكسب التأييد والأتباع، وفي معركة القلوب والعقول عليك الذهاب إلى حيث يذهب الجمهور المستهدف. وأضاف التقرير أن حماس تماماً مثل المجتمع الموالي لـ"إسرائيل"، أصبحت تقاتل من أجل كسب تأييد الناس الذين ليس لديهم آراء قوية بشأن الصراع في الشرق الأوسط، ومن أهم ما جاء في التقرير أن حماس أصبحت ترى بوضوح أن مستخدمي الفيسبوك الذين يتحدثون اللغة الإنجليزية أصبحوا هدفاً لها، فإنه ينبغي لأنصار "إسرائيل" بذل كل جهد ممكن لضمان أن تكون رسالتهم مسموعة عبر الفيسبوك، وربما في المرة القادمة إذا حاولت حماس البدء في تكوين مجموعة أخرى فإنه قد لا يتم وقفها بسرعة. [title]التويتر المواجهة الأكثر شراسة[/title] منذ اللحظات الأولى لبدء المواجهة على الأرض في معركة "حجارة السجيل" باغتيال القائد أحمد الجعبري، بدأت المواجهة الإعلامية عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، وبعد عملية الاغتيال نعت صفحة كتائب القسام باللغة الانجليزية القائد الجعبري، حيث يتابع الحساب آلاف من المهتمين والصحفيين ووسائل الإعلام الأجنبية والعالمية مما ساهم في سرعة نشر التغريدات إلى جميع وسائل الإعلام المحلية والدولية. ونضع بين أيديكم جزء مترجم من بعض التقارير المتلفزة عن صفحة كتائب القسام وحرب المعلومات على التويتر مع صفحة الجيش الاسرائيلي، ومن أبرز ما تناولته وسائل الاعلام المحلية و الغربية على وجه الخصوص الرد المباشر على تهديدات الجيش الاسرائيلي التي كان قد أطلقها ضد قادة حماس والقسام فور وقوع عملية اغتيال الجعبري عبر حسابه الخاص الناطق باللغة الانجليزية, والتي قال فيها: "نوصي نشطاء حماس جميعاً, سواء كانوا من الصف القيادي البارز أو من العناصر العاديين بالاختفاء عن الأنظار والاختباء تحت الأرض من اليوم فصاعداً". فرد القائمون على الصفحة بدورهم على هذا التهديد الصريح ضد قادة وعناصر الحركة مباشرة بتغريدة مفادها "ستصل أيادينا المباركة إلى جميع قادتكم وجنودكم أينما كانوا (لقد فتحتم على أنفسكم أبواب جهنم). [title]الإعلام الغربي يتفاعل مع المواجهة[/title] قناة "CNN"الأمريكية من أولى القنوات التي سلطت الضوء على دور الإعلام المقاوم في مواجهة الإعلام الرسمي الإسرائيلي عبر شبكة التواصل الاجتماعي تويتر. فقد عرضت القناة تقريراً متلفزاً عن المواجهة بين كتائب القسام والجيش "الإسرائيلي" عبر التويتر، القناة من جانبها علقت في بداية تقريرها بأن حرب القنابل وحدها لم تعد تدوي بين الفلسطينيين "والإسرائيليين". كما أفادت أن المعركة بين الجانبين كانت على الرأي العام العالمي وأن كليهما يستخدمان الانترنت لتوجيه رسائلهما، ومع بداية الهجوم على غزة نشرت صفحة الجيش الإسرائيلي تغريده تقول "الجيش الإسرائيلي بدأ هجوم واسع على مواقع الإرهاب والإرهابيين في غزة". رد كتائب القسام جاء سريعاً بتأكيد مقتل قائدها في غزة وتتوعد بالرد، وبهذا بدأت حرب الكلمة بين الجانبين، الجيش الإسرائيلي استخدم هاش تاج "عمود السحاب" ولكن صفحة كتائب القسام استخدمت هاش تاج "غزة تحت النار" وكلا الطرفين أرسلوا تهديدات لبعضهما البعض. وأضاف التقرير أن كل هجوم لكتائب القسام يتم الإبلاغ عنه فوراً، ونشر روابط لفيديوهات أو صور ذات علاقة بالموضوع المنشور، ويلخص التقرير بأن هذه الحرب هي حرب المعلومات وهي حرب على العقول والقلوب عبر الانترنت والفوز بها لا يقل أهمية عن كسب المعركة الأرض. ومن القنوات الفضائية الأجنبية التي أوردت خبر المواجهة على "تويتر" هي قناة روسيا اليوم الناطقة بالإنجليزية والتي تناول أحد مذيعيها الموضوع بمزيد من التفصيل مدعما بالإحصائيات والتحليل الدقيق حيث أورد احصائية تظهر مدي تفوق الهاشتاج "#" الذي يطلقه الفلسطينيون على الهاشتاج الذي يطلقه الجيش الإسرائيلي بفارق كبير جداً. قناة روسيا اليوم الإخبارية الناطقة باللغة الإنجليزية أبرزت في تقريرها الأول عن الإعلام الجديد جوانب من صفحات القسام على التويتر وكيف كان أداءها في المعركة، مقدم التقرير استهله بجملة عبرت عن نجاح الإعلام المقاوم باللغة الإنجليزية في الوصول إلى ساحات الإعلام الغربي فقال "هذه هي المرة التي سيسجلها التاريخ أن حرباً ما أعلنت عبر التويتر". والأرقام الواردة في الإحصائية التي أوردها موقع "هاش تاج دوت أورج" خلال فترة الأيام الثمانية للحرب على غزة بحسب القناة، الموقع أفاد أن هاش تاج "غزة تحت الهجوم" أقوى بعشر مرات من هاش تاج "إسرائيل تحت النار" وأن هاش تاج "صلي من أجل غزة" أقوى بعشرين ضعف من هاش تاج "صلي من أجل إسرائيل". وأضاف الموقع أن هاش تاج كلمة "غزة" مشهور ضعفي مرة من هاش تاج "إسرائيل"، ويضيق مقدم برامج الإعلام الجديد في القناة أن هذه الحرب بين القسام والجيش "الإسرائيلي" كانت بين إعلام رسمي مدعوم وبين ما يعرف بالمواطن المراسل، والنتيجة من تقرير القناة أن "إسرائيل" فشلت في أن تبقي الإعلام الجديد في قبضتها كما تفعل مع الفلسطينيين على الأرض. قناة "السي أن أن" الفضائية في تقرير آخر لها عن المواجهة أفادت أن الجيش الإسرائيلي وكتائب القسام تبادلا القصف على الأرض، وحولا الانترنت إلى ساحة حرب حقيقية، وأضافت القناة أنه بعد خمسة أيام من الحرب هناك 44 مليون هجوم على مواقع إسرائيلية من جميع أنحاء العالم. [title]الحرب في عيون الخبراء[/title] المحلل في شركة "إن-ستات" للأبحاث جيم ماكغريغور قال إن استخدام هذه الشبكات الاجتماعية لن يكون له تأثير سياسي على الساحة المحلية فقط، بل سيؤثر أيضاً على آراء العالم ككل. كما اعتبر المحلل لدى شركة "زد كي" للأبحاث، زيوس كيرافالا، أن لهذا النوع من الصراع على الشبكات الاجتماعية معنى كبير، حيث تتيح الشبكات إمكانية الوصول لعددٍ كبير من الناس بشكلٍ سريع، مضيفاً أن هذه الشبكات قد تؤدي إلى تأثير مضاعف إذا قام الناس بإعادة نشر ما تبثه الشبكة باستخدام خاصية إعادة التغريد والمشاركة. الخبير بشؤون الإعلام الجديد نيكولاس ثومبسون سئل عن خطورة استخدام الإعلام الجديد فأجاب ببساطة أن الإعلام الجديد أصبح أداة سهلة في تشكيل الرأي العام. وفي مقابلة متلفزة في نفس القناة بدأت المذيعة تسأل نيكولاس ثومبسون - محرر في صحيفة نيويورك وصاحب شركة برامج تعمل مع جوجل و اتش بي و فيسبوك - عن استخدام حماس للإعلام الجديد فسألته إذا ما كان ذلك صحيحا، فقال "الإسرائيليون كانوا يحذرون من إعطاء أماكن وقوع الصواريخ أو أماكن الجنود خوفا من التقاطها من طواقم الحركة، وأقول أن حماس ذكية جدا في استعمال الاعلام الجديد". وأضاف: استفادت حماس من التجارب السابقة فمثلاً حادثة استشهاد بن لادن، شخص ما قال مهلاً هناك تحطم طائرة وكلام عن مقتل بن لادن فكان هناك تهافت واسع على الخبر، وأعتقد أن خبر صواريخ القسام يجتذب جمهور أكبر بكثير من الدعاية الرسمية لـ"إسرائيل". يذكر أن الحرب الإلكترونية هذه لم تقتصر على الطرفين المتنازعين فقط، فقد دخلت مجموعة القراصنة المعروفة باسم "أنونيموس"، على سبيل المثال، على الخط بإظهار تعاطفها مع أهالي قطاع غزة واستنكار العدوان الإسرائيلي عليه فهاجمت العديد من المواقع الإسرائيلية واخترقت مجموعة كبيرة منها. [title]هجمة شرسة لإغلاق حساب "القسام"[/title] تعالت الأصوات في الولايات المتحدة الأمريكية بالضغط على الحكومة الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالية "أف بي أي" بضرورة ممارسة نفوذهم بالضغط على إدارة شبكة التواصل الاجتماعي تويتر واجباره على إغلاق حساب جناح حماس العسكري ومنعه من استخدام هذه الشبكة. حيث أقدمت مجموعة مسيحية متطرفة في الولايات المتحدة الأمريكية تسمي نفسها اختصاراً ""CUFI بتعبئة طلب التماس إلى الادارة الأمريكية وإدارة شبكة تويتر تطالبها بضرورة اغلاق حساب القسام، شبكة الجزيرة الإخبارية الناطقة باللغة الإنجليزية أوردت الخبر عبر موقعها الالكتروني الرسمي بتاريخ 25 /11/2012 تحت عنوان "الدعوات تتعالى من أجل منع حماس من استخدام تويتر". حيث ذكرت تلك المجموعة المسيحية المتطرفة بأن استخدام حماس لشبكة التواصل الاجتماعي تويتر يعد خرقا لقوانين الدعم المادي المعمول بها في الولايات المتحدة الأمريكية. وذكر الموقع الأمريكي "The Hill" هذا الخبر حيث كان هو المصدر الرئيس الذي استقت منه الجزيرة خبرها الصادر، بأن سبعة من أعضاء الحزب الجمهوري في البيت الأبيض قد وجهوا في سبتمبر الماضي دعوة لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالية "أف بي أي" بضرورة إغلاق حسابات المنظمات "الإرهابية" المناوئة لـ"إسرائيل" والولايات المتحدة الأمريكية وعلى رأسها حماس وحزب الله وحركة الشباب الصومالية. حيث قام العضو في الكونجرس الأمريكي عن الحزب الجمهوري "ريد تيدباو" ومجموعة من المحامين في الكونجرس الأمريكي بنقل الرسالة إلى مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية "روبرت ميلر"، معتبراً أن ما يقوم به "تويتر" هو بمثابة تسليح لحماس بحرية نشر دعايتها الداعية للعنف والحشد الجماهيري في حربها ضد إسرائيل". وختم ريد رسالته إلى مدير ال "أف بي آي" بأن ما يجري الآن من أحداث يدعم طلبنا المقدم في هذا السياق.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.