26.67°القدس
26.27°رام الله
25.53°الخليل
28.55°غزة
26.67° القدس
رام الله26.27°
الخليل25.53°
غزة28.55°
الأحد 29 سبتمبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.22دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.7دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.22
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.7

خبر: مخيم اليرموك .."حصار الجوع"!

مشاهد الموت القادم من مخيم اليرموك للاجئين الفسطينيين في سوريا لا تزال تهز مشاعر من رآها، حيث تقف أمهات نحيلات يبكين أطفالهن الذين يحتضرون ثم يموتون جوعًا، بينما يكابد آخرون من كبار السن للنجاة وسط حصار النظام السوري للمخيم منذ عدة شهور. واضطر سكان المخيم ومعظمهم من الفلسطينيين لأن يقتاتوا أوراق الشجر والحشائش والقطط النافقة، في ظل غياب الأدوية وحليب الأطفال وغلاء الأسعار إذ تجاوز ثمن كيلوا الأرز 40 دولارا. وتسيطر المعارضة المسلحة على غالبية أجزاء المخيم -الذي يعد أكبر مخيم للاجئين في سوريا-، وتحاصره قوات النظام السوري السوري والفصائل الفلسطينية المتحالفة معه منذ نحو عام ما تسبب بأزمة إنسانية، ونزوح عشرات الآلاف من أصل 170 ألفا كانوا يقطنون فيه، وهو يؤوي حاليًا نحو 20 ألفا أغلبهم فلسطينيون. [title]اليرموك والثورة [/title] مخيّم اليرموك ليس مخيّماً -لا تعترف به وكالة "الأونروا"- ولا يقتصر السكن فيه على اللاجئين الفلسطينيين. هو في الحقيقة ضاحية عشوائية تقع جنوب دمشق وكانت تحتضن حوالي مليون شخص، ربعهم فقط من الفلسطينيين أما البقيّة فهم من فقراء الأرياف السورية. "اليرموك" هو نواة المنطقة وهو عبارة عن كيلومترين مربعين مُنحا للفلسطينيين الذين نزحوا عام 1948. حينما انطلقت الثورة السورية، كانت كل الأنظار متجهة إلى هذا المكان الذي يحتضن حوالي نصف اللاجئين الفلسطينيين في سوريا. بعد أقل من ثلاثة أشهر، حاول النظام السوري والفصائل الفلسطينية المتحالفة معه استغلال فلسطينيي المخيّم لحرف الأنظار عن الأزمة الداخلية. حمّلوا المئات في باصات وأخذوهم إلى الحدود السورية ـ الإسرائيلية. قالوا لهم: سنحيي ذكرى النكسة وسنجتاز الحدود! قدّموا 20 منهم قرباناً على مذبح الإسرائيليين! كان ذلك في 5 يونيو 2011. في اليوم التالي، أكملت الجبهة الشعبية – القيادة العامة والقوات السورية ما بدأه الإسرائيليون حين قتلوا متظاهرين خرجوا يعترضون على "الخديعة" التي تعرّضوا لها في اليوم السابق. الجغرافيا هي أحد مسبّبات المأساة. فالمخيّم يمتاز بموقع مهم على خارطة انتشار القوى العسكرية في سوريا. هو يقع على بعد 8 كيلومترات إلى الجنوب من دمشق. ومن جهته الجنوبية يطلّ على الغوطة، أي على ريف دمشق. هو هدف للنظام للحيلولة دون اقتراب المعارضين المسلّحين من عاصمة البلاد السياسية وهو هدف للمعارضة؛ لأنه يساعد في فكّ الحصار عن الغوطة وفي الاقتراب من دمشق. الانقسام بين السوريين انعكس على أبناء المخيّم منذ مدّة طويلة. بغض النظر عن موقفهم العاطفي، هناك فصائل تابعة للنظام السوري وفصائل مناهضة له، وفي الحروب لا يعلو صوت فوق صوت حاملي السلاح. في ديسمبر عام 2012، تقدّمت كتائب المعارضة السورية المسلّحة إلى المخيّم فدخل علناً في الصراع. في تلك المرحلة كانت قد ظهرت فصائل فلسطينية مسلّحة معارضة للنظام مثل جماعة أكناف بيت المقدس. في الشهر نفسه، أغارت طائرات الميغ السورية على المخيّم فسقط عشرات الضحايا من المدنيين، ومعظمهم سوريون كانوا قد نزحوا من الأحياء القريبة إلى داخل المخيّم. في زحمة إشاعات تم تناقلها وتحدثت عن نيّة النظام اقتحام المخيّم نزح حوالى 400 ألف من قاطنيه. هكذا بدأ في 26 ديسمبر 2012 حصار المخيّم. [title]حصار المخيّم [/title] في 18 يوليو 2013، وبعد أقل من شهر على موجة النزوح الكبيرة الثانية التي شهدت مغادرة عشرات الآلاف من السكان، اشتدّ الحصار على المخيّم بعد إغلاق الجيش السوري مداخل حَيّي التضامن والحجر الأسود، وذلك في ظل حصار مداخله الشمالية كجزء من الحصار المفروض على الغوطة. علق في الداخل حوالي 35 ألف شخص. هكذا بدأت رحلة الباقين هناك مع المعاناة: نقص في المواد الغذائية (منع سكان المخيّم من إدخال الخبز في فبراير 2013)، نقص في المواد الطبية، نقص في الكادر الطبي بسبب غياب الأمن والتضييق على حركتهم (بعضهم عُذّب على الحواجز أو قتل) وتعرّض المخيّم، دورياً، للقصف من جانب القوات النظامية. تؤكد المتحدثة الإعلامية لبرنامج الغذاء العالمي في منطقة الشرق الأوسط، عبير عطيفة، أن البرنامج لم ينجح في إيصال المساعدات الغذائية للمحاصرين في المخيم منذ أكثر من 8 أشهر. وتقول إنه :"رغم وجود نقاط توزيع أغذية قرب المخيم، فإن القتال الضاري في شكل يومي يمنع الشاحنات المحملة بالأغذية من دخوله". [title]وقعت الكارثة[/title] الجيش السوري والفصائل الفلسطينية التابعة للنظام تمنع دخول المواد التموينية والطبية بذريعة احتمال وصولها إلى المسلحين المتواجدين داخل المخيّم. بالنسبة للنظام لا حلّ إلا باستسلام هؤلاء المسلحين. أما المسلحون فهم يرفضون الانسحاب ويلعبون ورقة معاناة المدنيين. بين هذين الموقفين ندرت المواد الغذائية وصارت أسعار المتوافر منها خيالية (كيلو العدس بسبعين دولار مثلاً!) ومربحة جداً لبعض التجار السماسرة. هكذا راح المدنيون المهمّشون يدفعون الثمن. فالمقاتلون يستطيعون تأمين قوتهم بدليل أنهم ما زالوا قادرين على حمل السلاح ولم تضمر أجسادهم كما أجساد من وصلتنا صورهم! وكأن كل لعنة تأبى أن تبدأ بغير الفقراء المهمّشين! خرج من المخيم خبر فتوى تحلل فتح البيوت المهجورة لأخذ ما بقي فيها من مؤن. لم يحرّك أحد ساكناً. وصلت أخبار عن فتوى تحلل للمحاصرين أكل لحم القطط. لم يحرّك أحد ساكناً. استهلك المحاصرون ما كان متوفراً في المخيّم. فشلت مبادرات مدنية كانت تهدف إلى إدخال المؤن وإلى إخراج 300 مريض وجريح. وصلنا إلى الشهر الحالي وبدأت تتسرّب معطيات عن هول ما وصلت الأمور إليه. حوالي 50 شخصاً ماتوا بسبب الجوع، منهم أكثر من 20 في الشهر الحالي! معلومات عن نساء تجهضن بسبب نقص الغذاء! مرضى يفقدون الحياة بسبب نقص في مواد طبية يفترض أنها سهلة المنال!.