24.13°القدس
23.85°رام الله
22.75°الخليل
25.91°غزة
24.13° القدس
رام الله23.85°
الخليل22.75°
غزة25.91°
الأحد 13 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.76

خبر: مسؤولية التصدي للإرهاب

يوم الجمعة 24/1 نشرت إحدى الصحف المصرية على صدر صفحتها الأولى صورة لأربعة شبان يرتدون أقنعة وملابس سوداء، ذيلت بتعليق يقول: «نينجا» حركة إخوانية جديدة تهدد بحرق مصر ظهرت على مشارف التحرير أمس الأول. أثار دهشتي نشر الصورة والتعليق المصاحب لها، حتى قلت إن المسألة لابد أن تكون أبعد ما تكون عن الجد، حيث لا يعقل أن يخرج أربعة أشخاص في وضح النهار بثيابهم التنكرية السوداء ويتجهون صوب ميدان التحرير، ويشرعون في معاينة المكان ضمن مخططهم الذي يستهدف حرق مصر، ولأنه كان واضحا من الصورة أن الأربعة اتخذوا وضعا يناسب اللقطة، فقد بدا أن الأمر كله من قبيل الافتعال والعبث، خصوصا أن مشارف الميدان تحيط بها الأسلاك الشائكة والدبابات والمدرعات، إضافة إلى الحضور الأمني الكثيف الذي من شأنه أن يقتاد الأربعة ومعهم المصور إلى أقرب قسم شرطة حتى يظهر لهم صاحب، لكن يبدو أن محرر الجريدة اعتبرها ضربة صحفية «وانفرادا» وأدرك أن الصخب الراهن يحتمل تمرير القصة الساذجة دون أن تستوقف تفاصيلها ولا ملابساتها أحدا. هذه القصة ليست سوى نموذج لسذاجات كثيرة تروج في وسائل الإعلام المصرية هذه الأيام، الأمر الذي حول إعلامنا إلى أضحوكة في أوساط الصحفيين الأجانب، خصوصا الموجودين في القاهرة الذين يتابعون حقائق الواقع ويلمسون مدى اتساع الفجوة بين ما تنشره الصحف المصرية وبين ما يحدث على أرض الواقع. ومن المفارقات أننا لم نكف طوال الأشهر السبعة التي خلت عن إرسال الوفود إلى عواصم الدول الكبرى لتحسين صورة مصر في الخارج، في حين أن مراسلي الصحف التي تصدر في تلك العواصم ينقلون إليها أولا بأول الحقائق التي تحاول تلك الوفود تكذيبها أو تخفيف وقعها. يكفي في هذا الصدد أن تسمع قصة الملتقى الأمريكي الذي ذكر فيه أن شخصية يفترض أنها ذات وزن في مصر ادعت أن الرئيس أوباما له علاقة أسرية بتنظيم القاعدة، فما كان من الجالسين إلا أن انفجروا ضاحكين، حتى أن بعضهم سقطوا من فوق كراسيهم من شدة الضحك. ما أريد أن أقوله إن تصدِّينا لملف الإرهاب ينبغي أن يؤخذ على محمل الجد، وأن يتم التعامل معه بما يستحقه من مسؤولية وحذر. وللأسف فإن بعضنا مشغول بشيطنة الإخوان وتصفية الحساب معهم بأكثر من انشغالهم بإطفاء الحريق وإخراج البلد من أزمته. لاحظت ذلك في أصداء البيانين اللذين أصدرهما تحالف الدفاع عن الشرعية من ناحية وجماعة الإخوان من ناحية ثانية، فالبيانان استنكرا العمليات الإرهابية التي شهدتها مصر يوم الجمعة، ودعيا إلى وقف العنف، إلى جانب انتقادهما للسلطة القائمة ودعوتهما إلى استمرار التظاهر السلمي. وفي الوقت ذاته فإن جماعة أنصار بيت المقدس أعلنت مسؤوليتها عن التفجيرات التي حدثت في ذلك اليوم، ومع ذلك فإن وسائل الإعلام المصرية أصرت على مواصلة اتهام التحالف والإخوان والتنديد بدورهما في الإرهاب الذي وقع. إنني لا أستطيع تبرئة الاثنين تماما، ولا أنكر على الآخرين حقهم في نقدهم وإدانة سياساتهم، كما أنني عبرت أخيرا عن تحفظي على استمرار التظاهرات التي توفر ذريعة الإخلال بالأمن وتؤدي إلى سقوط الضحايا من المتظاهرين والشرطة، إلا أنني لم أفهم الإصرار على اتهام التحالف والإخوان بالمسؤولية عن إرهاب يوم الجمعة، الذي استنكروه وأدانوه علنا، في حين أعلن غيرهم أنه يقف وراء الحوادث التي وقعت. لست أدعو إلى التسليم بما جاء في البيانين، لكنني أستغرب تجاهلهما تماما، فضلا عن أنني أحسب أن ما جاء فيهما يمكن أن يكون حجة على التحالف وعلى الإخوان، إذا أثبتت التحقيقات مجافاتهما للحقيقة. وإذ لا أستغرب تحول بعض وسائل الإعلام إلى سلطة اتهام وتحول بعض الصحفيين إلى مرشدين يعملون لحساب الأجهزة الأمنية وليس لحساب القارئ، فإنني أتوقع ــ وأتمنى ــ موقفا أكثر مسؤولية من جانب جهات التحقيق والتحري، ذلك أن تلك الجهات مطالبة بأمرين، أولهما التحقق من صحة الادعاء الذي أعلنته جماعة أنصار بيت المقدس وملاحقة قياداتها وعناصرها حيثما كانوا. الأمر الثاني هو التحقق مما إذا كانت تلك الجماعة لها علاقة بالتحالف أو الإخوان أم لا. وإذا لم تستطع تلك الأجهزة أن تضع أيديها على الحقيقة فيما جرى فإن ذلك يصبح بمثابة فشل من جانبها في النهوض بمسؤوليتها. ناهيك عن أن تغييب الحقيقة سوف يفتح الباب واسعا لإطلاق الشائعات التي سمعت بعضها، خصوصا تلك التي ادعت أن التفجيرات من عمل الأجهزة الأمنية في استعادة للقصة الغامضة التي مازالت تكتنف الاعتداء على كنيسة القديسين في عام 2010. سوف يشقينا، لا ريب، أن يتحول الجميع إلى الإرهاب بعدما تغلق في وجوههم آفاق التظاهر السلمي، ومن الحكمة والمسؤولية الوطنية أن يشجع هؤلاء على نبذ الإرهاب وإدانته وأن تستمر مراقبة أدائهم للتأكد من صدق التزامهم بالمعارضة السلمية. وأرجو ألا يقتنع الشباب في النهاية بأنهم سيظلون إرهابيين مهما فعلوا وليس أمامهم فرصة للنجاة من الاتهام إذا استقاموا، الأمر الذي يدفعهم إلى الارتماء في أحضان الإرهاب، لأنهم خاسرون في كل الأحوال. أدري أن هذا الكلام لن يرحب به المتشنجون من مشعلي الحرائق ودعاة الإبادة السياسية، لكنني أزعم أنهم قد يراجعون أنفسهم إذا ما حكَّموا مصلحة البلد في نهاية المطاف وغلَّبوا محبة الوطن على كراهية الإخوان.