15.57°القدس
15.33°رام الله
14.42°الخليل
17.71°غزة
15.57° القدس
رام الله15.33°
الخليل14.42°
غزة17.71°
الثلاثاء 10 ديسمبر 2024
4.55جنيه إسترليني
5.02دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.76يورو
3.56دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.55
دينار أردني5.02
جنيه مصري0.07
يورو3.76
دولار أمريكي3.56

خبر: سوريا والدوائر الإسرائيلية

ذكرنا في مقالات سابقة بأن من بين أهم استراتيجيات (إسرائيل) في منطقتنا العربية أن يظل واقع تفوقها مستمرا بدرجات في مستويات كثيرة منها اقتصادية وتكنولوجية وعسكرية وأمنية ومعلوماتية، فهذه النقطة –واقع التفوق- تعتبر ليس فقط من الاستراتيجيات، ولكن تتجاوز إلى حد الشرط الوجودي لدولة الكيان. وتعتبر دولة الاحتلال ( إسرائيل) من أكثر الجهات اهتماما وتأثرا بالأزمة السورية ومآلات الحل المتوقع، بحكم ارتباطاتها الجيوسياسية والطبوغرافية أيضا، وقد حظيت الأزمة السورية بتغطية إعلامية إسرائيلية كثيفة على المستوى الرسمي وغير الرسمي، فسوريا تعتبر تاريخيا صاحبة دور كبير في التصدي للغزو الخارجي، وهي الآن ثاني اكبر دولة عربية إقليمية في المنطقة، وهي على الحدود مع (إسرائيل)، والمجهول وحده هو سيد الموقف بخصوص الجولان، وهذا ما يثير مخاوف (إسرائيل) ويضاعفها. ولم يقع أي صراع في المنطقة إلا وكانت أيادٍ إسرائيلية خلفه او موجهة له على اقل تقدير، فآثار تلك البصمات تجدها ماثلة في مشروع تقسيم السودان، وفي حرب أيلول الأسود في الأردن، والصراع الطائفي في لبنان، ومشكلة الأكراد، وحتى في الجزائر حيث تدعم (إسرائيل) قبائل الامازيغ في مطلبهم في إنشاء دولة او كيان مستقل بهم! وفي ضوء الصراع الدائر في سوريا الآن بين النظام وبين المعارضة بما تتضمن من جبهات مقاتلة، ينتمي بعضها للقاعدة، تتزايد المخاوف الإسرائيلية عن ما قد تسفر عنه نتائج هذا الصراع، وخاصة أن الجبهة السورية كانت تتمتع بالهدوء الكبير تجاه ( إسرائيل) في ظل حكم عائلة الأسد. تلتقي المصلحة الأمريكية والإسرائيلية في الأزمة السورية، حيث يعتبر هدف إضعاف الأطراف (النظام والمعارضة) من أهم ما تسعى إليه تلك الدول، وخاصة أن جميع الأطراف المتصارعة تعتبر خصوما للولايات المتحدة و(إسرائيل)، ويعتبر الجيش السوري من أقوى الجيوش العربية والذي يمثل خطرا رغم انه لم يرد على اعتداءات (إسرائيل) الأخيرة، وحسب تقارير إسرائيلية عديدة، أكدت في مجملها أنها المستفيدة الأولى من الأوضاع المأساوية في سوريا، حيث حالة الاستنزاف تضعف المجتمع والنظام والجيش معا. وإضعاف سوريا يمكن (إسرائيل) والولايات المتحدة من تمرير "تسوية" هزيلة، ليس فقط مع (إسرائيل) وحدها بخصوص الجولان، ولكن أيضا إضعاف جميع أطراف الصراع العربي الإسرائيلي، بما فيه الطرف الفلسطيني الذي هو الآن أمام "اتفاق الإطار" الذي يقوده وزير الخارجية الأمريكي كيري، الذي يجمع الفلسطينيون بأنه لا يرقى لأدنى سقف الطموح الفلسطيني. وضمن الأهداف الأساسية التي يهدف إليها قادة ( إسرائيل)، تقسيم المقسم وتجزيء المجزأ، وتفكيك تحالفات سوريا الإقليمية والدولية، وتأسيس دويلات في منطقة وعلى حدود سوريا، وتفكيك سوريا إلى دويلات صغيرة طائفية وأثنية، سنية وعلوية وكردية ودرزية ومسيحية، وذلك لضمان التفوق الإسرائيلي على تلك الدويلات، واستمرار الدور الإسرائيلي في إثارة الفتن وتأجيج الصراع من جديد بين تلك الدويلات التي تريدها ( إسرائيل) أن تصبح واقعاً. مرة أخرى تتلاقى المصالح والأهداف الإستراتيجية الأمريكية والإسرائيلية في سوريا، حيث من المفيد للولايات المتحدة بأن يحدث تحول كبير في النظام السوري المرتقب، لضمان إخراج سوريا من دوائر التأثير الإقليمي وضمان وجود نظام حليف، يؤدي دورا إقليميا مغايرا عما كان يؤديه في السابق. ويرى الغرب بأن استمرار الأزمة والصراع الدائر سوف ينهك القوى وعند الوصول لتسوية فإن النظام الناشئ حينها سيكون هزيلا وتابعا وبدون جيش نظامي قوي، لا يشكل أي خطر على (إسرائيل) ويقبل المساعدات الغربية التي سوف تجعله أسيرا للمنظومة الغربية بمؤسساتها النقدية والمالية. وسيكون النظام في سوريا مشغولا بحل بمشاكله الداخلية لسنوات طويلة، بدل أن ينشغل في تحديث جيشه ببرامجه وتقنياته وعتاده. ويكون المجتمع والنظام عرضة للاختراق الدولي والإقليمي من خلال الدوائر الإغاثية والإنسانية والوفود الدبلوماسية لبعض الدول الغربية تحديدا. فإطالة أمد الصراع واتساعه عموديا وأفقيا مع ازدياد الخلافات بين المتصارعين سيجعل حتى الاتفاق الذي قد يتوصل إليه الطرفان بداية لعصر من السجالات والصراع السياسي، والفوضى والفلتان الأمني واللااستقرار، وتكون الدولة السورية ضعيفة ليس لها دور إقليمي وقد تصل لمفهوم الدولة الفاشلة failed state ، على نمط كثير من الدول الإفريقية التي لا تذكر إلا في أخبار الحوادث