26.1°القدس
25.73°رام الله
24.97°الخليل
26.81°غزة
26.1° القدس
رام الله25.73°
الخليل24.97°
غزة26.81°
الأربعاء 16 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.3دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.09يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.3
جنيه مصري0.08
يورو4.09
دولار أمريكي3.76

خبر: مُصَارَحَة ثُمّ مُصَالَحة!!

كُلّما بدأ الحديث عن المصالحة كُلّما بَدأ الناس يشعرون بالفرح والابتهاج والسرور، حينها يَشعر الواحد مِنّا أن معنويات الناس قد ارتفعت، وأن غمامةً سوداء قد انقشعت من فوق رؤوسهم إلى غير رجعة، لأنهم بحاجةٍ إلى سماءٍ صافيةٍ يَنعمون بها وبجمالها دون أكدارٍ أو متاعب، حينها يبدأ الناسُ بالسؤال، القريب منهم والبعيد والعدو منهم والصديق هل هناك مصالحة ؟ وكيف ؟ وعلى ماذا اتفقوا ؟ وغيرها من الأسئلة التي تُؤكِّد انشغال الناس بهذا الملف الهام والحيوي في حياتهم ومصيرهم، إننا نشعر بذلك حقاً كلما ظهرت على السطح بوادر طيبةٍ تؤيد وتشجع هذا التوجه، لكن سرعان ما تقسو على الناس لحظات التفاؤل فتنقلبُ الأمور أكثر سواداً وأكثر ضبابيةً من قبل، فتنهار العزائم ولا يَقْوى على حِملها أقوى الناس إيماناً بالوحدة وأكثرهم تفاؤلاً بالمصالحة، بل ربّما يُصبح الحديث في هذا الموضوع مثاراً للسخرية والاستهزاء عند البعض مستقبلاً، فلماذا يحدث ذلك ؟ هنا بالتحديد لا بد من المصارحة قبل المصالحة، نُصارحَ أنفسنا وشعبنا وأمتنا ونُرضي ضَمائرنا أولاً لِيَرضى خالقنا، نُصارح أنفسنا كفلسطينيين، حُكاماً ومحكومين بل ونَصدمها بأسئلةٍ جوهريةٍ وفي العمق هل نحن مع المصالحة قولاً وفعلاً أم أننا نُؤمن بها فقط حين نريد تمرير مخططٍ ما أو ندفع عن أنفسنا شرٌ ما؟ وهل نؤمن بِالشّراكة مع الآخرين أصلاً وأن وطننا فلسطين هو لجميع الفلسطينيين في العالم مسلمين كانوا أومسيحيين وعلى اختلاف انتماءاتهم ؟ أم أن بعض المنتفعين والمستفيدين سياسياً واقتصادياً من الواقع الحالي يَسرُّهم هذا الحال؟ ولذلك لا أتوقع منهم قبولاً وإقراراً بهذا المقال. لقد أبدعت حركة حماس من وجهة نظري بل ومن وجهة نظر كل محبي الوحدة لشعبنا حين بادرت بسلسلة إجراءاتٍ تُخَفّف من حدة الانقسام وتساعد على عودة اللُّحمة لأبناء شعبنا في شطري الوطن، وهذا يُحسب لها لا عليها، ويجب أن تُعزز ذلك ولا تَخجل ولا تتَململ فالكبير يحمل الأعباء الكبيرة ويتخذ القرارات المصيرية بوعيٍ وثقةٍ تامةٍ وفق مصلحة الناس وواقعهم ولو على حساب نفسه، لقد استمعت إلى الأستاذ راشد الغنوشي في برنامج بلا حدود وهو يجيب عن سؤال مقدم البرنامج المخضرم أحمد منصور حين سأله عن تفريطهم بالسلطة والاتفاق مع المعارضة بعد أن جاءت إليهم على طبقٍ من ذهبٍ فقال له الأستاذ الغنوشي مجيباً: نعم لقد خسرنا السلطة لكنّنا ربحنا تونس، كم هزّتني هذه الكلمات! وكم كان مُقنِعاً ومُطمئِناً في رده وجوابه! ونحن كذلك مع اختلاف البيئة والمحيط والواقع، يمكن لنا أن نخسر بعض المكاسب والامتيازات الخاصة لكننا سنربح الوطن والمواطن والحالة العامة، وسنربح ونكسب القِيَم والمَبادِئ التي نُنادي بها ونعمل من أجلها، فالذي يعرف هدفه لا يَبقى هائماً وتائهاً في الصحراء، بل إن الناس يَفسحوا الطريق لمن يَعرفُ إلى أين ذاهب، رُبَّما يقول البعض إنني أُنادي بالتفريط والرِّضى بالدّون وإفساح المجال للمفسدين، وأن الآخرين هم من عطلوا و يُعطِّلوا كثيراً من التقدم في هذا الملف، فقرارهم ليس ملكهم، والاعتقالات في الضفة، وحادث النائب قُبّها وتصريحات شعث أخيراً وغير ذلك، إنني مقتنعٌ تماماً بذلك وأن الأمر ليس يسيراً لكنه أيضا ليس مستحيلاً، ويحتاج إلى جُرأةٍ سياسيةٍ من السلطة، كما يحتاج منا ومن شبابنا ومناصرينا مزيداً من الفهم لطبيعة عملنا الذي نُؤدِّيه ورسالتنا التي نحمل، فالخلافة الواعدة لم تَقُم بَعد، ومطلوبٌ مِنَّا أن نَعمل في كل ميدان، ونُعِدّ بكل جِدٍ وعلى الله النتائج، فَرُبّ خدمةٍ صغيرةٍ نُقدِّمها لإنسان تَكفِينا عناء شهرٍ كاملٍ من الجهد والعمل الدعوي معه .