لم يعد يخفى على أحد تنامي معدل الجريمة في شطري الوطن، في ظل الأوضاع والظروف السياسية والقانونية والمعيشية التي يعيشها الفلسطينيون تحت سطوة الحصار الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني. الأرقام التي وثقتها النيابة العامة الفلسطينية ومؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية تظهر بما لا يدع مجالاً للشك هذه الحقيقية المؤلمة، إلا أن الأكثر إيلاماً فيها هو ارتفاع معدل "جرائم القتل" في الضفة الغربية وقطاع غزة على خلفيات مختلفة. "أب يقتل ابنته.. مقتل صراف.. مقتل شاب في شجار.." هذه العناوين وغيرها طالعتنا بها وسائل الإعلام الفلسطينية المختلفة، المقروءة والمرئية والمسموعة والإلكترونية منها على حد سواء، جميعها حملت مضوناً ورسالة إخبارية واحدة كان لونها "أحمراً قانياً". ووثّق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في تقريره السنوي لعام 2013م وقوع 44 جريمة قتل، 31 ضحية كانوا من قطاع غزة، فيما كان هناك 13 ضحية في الضفة الغربية المحتلّة، فيما وثّق نفس المركز وقوع 13 جريمة قتل خلال الربع الأول فقط من العام الجاري. [title]لسنا استثناء[/title] حمدي شقورة نائب مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان لشؤون البرامج أوضح أن الجريمة في الأراضِ الفلسطينية ليست حالة خاصة أو استثنائية أو غير عادية، إذا ما قورنت بالمستوى الإقليمي والدولي. وأوضح شقورة خلال حديث خاص بـ[color=red]"فلسطين الآن"[/color]، السبت، أن التحدي يتمثل في كيفية مجابهة الجريمة، وهذا يتطلب تظافر الجهود المجتمعية بشكل كامل للحد من هذه الجرائم وصولاً للقضاء عليها. وتابع "نحن في كل حوادث القتل كان مطلبنا وما يزال واضحاً. نطالب النيابة العامة والجهات المختصة بالتحقيق وتقديم الفاعلين أو المقترفين إلى العدالة". [title]الإعدام ليس حلاً[/title] وحول ما إذا كان تطبيق الحكومة لعقوبة الإعدام سيشكّل رادعاً للمجرمين، أكّد شقورة أن المؤسسات الحقوقية كان لها تحفظ كبير خلال الفترة الماضية على الدعوات التي طالبت بتنفيذ هذه العقوبة. وأضاف "الإعدام ليس رادعاً للجريمة على الإطلاق. رأينا سياقات مختلفة طبقت فيها عقوبة الإعدام ولم تحقق نتيجة الردع. الردع بحاجة لشروط مجتمعية متنوعة حتى يتم كبح الجريمة أو ننجح في خفض معدلاتها". وقارن نائب مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان لشؤون البرامج تنفيذ عقوبة الإعدام في قطاع غزة بنظيره في الولايات المتحدة الأمريكية حيث أن هناك عدد من الولايات تطبق هذه العقوبة القانونية وأخرى لا تطبقها، ولم يثبت أن الولايات التي تطبق عقوبة الإعدام تراجعت فيها مستويات الجريمة "وهذا يدلل على ما نقوله بأن الإعدام لا يشكل رادعاً للجريمة". وتابع "الجريمة هي نتيجة لجملة من الظروف المجتمعية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغير ذلك. لا يمكن أن نغلق أعيننا عن مجمل الأوضاع والظروف ثم نقول أن الجريمة بحاجة إلى عقوبة إعدام". وتساءل شقورة "ماذا تتوقع من أطفال بعمر الستة أعوام يتسكعون ويتسولون على نواصِ الشوارع في بيئة صادرة حقوقهم واغتصبتها؟! بكل تأكيد لن يصبح قديساً بعد عشر سنوات". [title]الحكومة والمجتمع متهمان ومسؤولان[/title] نائب مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان لشؤون البرامج حمّل الجهات الحكومية الرسمية المسؤولية الكبرى عن وقوع جرائم القتل، كما أنه لم يعفي مؤسسات المجتمع المدني جزءاً من المسؤولية. وأضاف شقورة "لا نغفل بشكل أو بآخر الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعانيها أبناء شعبنا جراء الحصار الإسرائيلي والانقسام"، مبيّناً أن المجتمع المدني والمؤسسات والعائلات تتحمل جزءاً من المسئولية، خاصة المؤسسات التي تعمل على التأهيل المجتمعي وتعمل على التنمية الاقتصادية وتساهم في توفير فرص حياة أفضل. ويأمل الفلسطينيون في أن تساهم المصالحة الفلسطينية في رفع الحصار الإسرائيلي بما يؤثر إيجابياً على الواقع الاقتصادي، ويساهم في الحد من نسبة البطالة وزيادة فرص العمل، وأن تضع الحكومة المقبلة حلولاً للحدّ من الجريمة وصولاً للقضاء عليها.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.