22 مايو 2014 . الساعة 03:23 م بتوقيت القدس
كانت مدينة رفح فجر الثلاثاء 18/5/2004م على موعد مع دفع الثمن ضريبة لصمود أهلها وثباتهم على أرضهم, دفعوه من أرواحهم ودمائهم وأموالهم وبيوتهم ومزارعهم في أصعب أيام مرت بها المدينة خلال اجتياح حي تل السلطان غرب المحافظة, ولا يزال الثبات والصمود يكبر في نفوس المواطنين بعد مرور 10 سنوات. [img=052014/view_1400771729.jpg]آليات الاحتلال غيّرت معالم مدينة رفح[/img] "قوس قزح" هكذا أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي على عملية الاجتياح والتي استمرت لمدة ستة أيام ارتقى فيها 63 شهيداً من أبناء مدينة رفح, لتكون ألواناً من الآلام والعذابات على أبناء الشعب الفلسطيني المتسلح بالإرادة وحبه لوطنه. [img=052014/view_1400771746.jpg]عدد كبير من الآليات اقتحمت المدينة[/img] الأيام التي مرت بالحي كانت مليئة بالمجازر والجرائم التي لم يسلم منها الحجر والبشر والشجر, وهذا التقرير يجسد قليلاً من هذه المشاهد التي مرّ عليها 10 سنوات محفورة في عقول أصحابها تحكي ثباتهم وتقهقر الاحتلال وتراجعه. [img=052014/view_1400771739.jpg]الاجتياح الغاشم دمّر الحجر والشجر[/img] [img=052014/view_1400771734.jpg]الاجتياح الغاشم دمّر الحجر والشجر[/img] [title]موقف صعب[/title] الصورة هنا أبلغ من الكلمات, تحكي عن مواقف نادرة لم يحياها ربما إلا أبناء هذا الشعب, يرويها لنا صاحبها شادي قفة شقيق الشهيد هاني قفة أحد أبناء كتائب القسام, حيث كان يعمل مساعداً للمسعفين في مستشفى "أبو يوسف النجار". استشهد شقيقه هاني في أول صاروخ أطلقته طائرات الأباتشي في بداية الاجتياح, يروي قفة ويقول:"فور علمنا بالأحداث التي بدأت في منطقة السلطان قبل الفجر جهّزنا أنفسنا في المستشفى لأي طارئ, ووصلت أول خمسة إسعافات من مكان الحدث تحمل الشهداء والجرحى". ويتابع حديثه قائلاً: "كنت كلما أذهب إلى إسعاف أجد عليه الكثير من الشباب والمسعفين إلى أن نادى عليّ أحد الشباب وكان معه شهيد وإصابة واحدة" , ويضيف:" الشاب المصاب كان معه جاكيت أخي هاني ولم يأتِ على بالي أن الشهيد هو هاني". وأردف بقوله: "وضعنا الشهيد على الحمّالة وعندما نظرت إلى وجهه صرخت "هاني ,هاني" ولم أدر أولها ما حدث, وقام الشباب بالسير في الحمّالة وبعدها انكببت على هاني ولم أعلم ما حدث لي حتى الساعة السادسة صباحاً". [img=052014/view_1400771759.jpg]شقيق الشهيد هاني قفة يبكي عندما تعرف على أخيه[/img] يصف قفة المشهد ويقول: "كان الأمر صعب جداً جداً ولا يمكن أن أصفه" , وأشار أنه أكمل عمله منذ الساعة السابعة صباحاً إلى آخر اليوم. عائلة قفة التي قدمت شهيداً آخر وهو الشهيد القسامي أمير قفة في بداية انتفاضة الأقصى, أكدت أن الشهداء هم فخر لهم وللأمة, وقالت: "هناك عائلات قدمت أبناءها بشكل كامل, وكل ما نقدمه لديننا ووطننا هو قليل". [title]قصف المكتبة[/title] لم تكن المساجد بمنأى عن الجرائم الإسرائيلية في كل عدوان لها, ففي بداية اجتياح "تل السلطان" قصفت طائرات الأباتشي بصاروخين طابقاً في مسجد بلال بن رباح والذي كانت فيه مكتبة المسجد. [img=052014/view_1400771733.jpg]حتى كتاب الله لم يسلم من القصف[/img] إمام المسجد نظمي اللوقا خلال حديثه لـ[color=red]"فلسطين الآن" [/color]أوضح أن المبنى تضرر بشكل كبير حيث حرقت أعداد كبيرة من الكتب وجزء من الأثاث وكذلك أموال الزكاة التي كانت موجودة فيه. [img=052014/view_1400771750.jpg]أضرار كبيرة لحقت بالمكتبة[/img] واعتبر اللوقا أن الاحتلال الإسرائيلي قصد المسجد باعتباره شوكة في حلوقهم، وكان من أفضل المساجد التي يحتوي على أكبر المكتبات على مستوى مدينة رفح, وكذلك كان المسجد الذي تخرّج منه خيرة شباب الحي. [img=052014/view_1400771743.jpg]أضرار كبيرة لحقت بالمكتبة[/img] وقال اللوقا: "مهما فعل أعداؤنا سنظل صامدين في بلادنا وإن اليهود لا يعرفون إلا لغة الحراب" , وأكد على التمسك بالعلم وأن المكتبة الآن أفضل بكثير مما سبق والتي أسهم في إعادة تأهيلها وترميم بنائها جهود أبناء الحي وعطائهم. [img=052014/view_1400771757.jpg]المكتبة من الخارج[/img] [title]مجزرة المسيرة[/title] أمام استمرار الإغلاق والحصار على أبناء حي تل السلطان دعت بعض القوى الوطنية إلى مسيرة سلمية تنطلق صوب الحي لفك الحصار, فما كان من الدبابات المتمركزة على مداخل الحي إلا أن أطلقت قذائفها صوب المسيرة ليرتقى على إثرها عشرة شهداء معظمهم من الأطفال وكذلك عشرات المصابين. أحد المشاركين في المسيرة والذين كانوا في المقدمة يقول: "تقدمنا المسيرة لنرى مكان الدبابات وتمركزها فإذا بها تطلق قذائفها صوب المتظاهرين" ويتابع: "أذكر أن أحد الشهداء الأطفال سقط بين يدي نصفين". كانت المسيرة بمثابة مجزرة أخرى يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي قبل انسحابه الكامل بيومين من منطقة حي تل السلطان. كثيرون اعتبروا أن اجتياح تل السلطان كان بمثابة عملية رد اعتبار لجيش الاحتلال الإسرائيلي -باعتبارها منطقة "فاشلة أمنياً" ومن تخطيط العدو أصلاً- أمام الضربات التي تلقاها من المقاومة الفلسطينية في تلك الأيام خاصة في اجتياح الزيتون وتفجير الدبابة المشهورة, وبعدها تفجير لدبابة على الحدود في مدينة رفح أظهرت الصور جنود الاحتلال وهم يزحفون بحثاً عن أشلائهم.