8.9°القدس
8.66°رام الله
7.75°الخليل
15.18°غزة
8.9° القدس
رام الله8.66°
الخليل7.75°
غزة15.18°
الثلاثاء 03 ديسمبر 2024
4.62جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.83يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.62
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.83
دولار أمريكي3.65

خبر: حاضرون في غيابهم !

لمى خاطر عنوان المقال اقتبسته من عبارة وردت في مقال للكاتب د. فايز أبو شمالة حول رفات الشهداء الفلسطينيين المحتجزين لدى الاحتلال الإسرائيلي في ما يعرف بمقابر الأرقام، وقد لفتتني الفكرة التي يقوم عليها مقال الكاتب، وملخصها في قوله: (لماذا أنتم قلقون على رفات الشهداء؟ ألم يحققوا أهدافهم بالعودة إلى فلسطين؟ فلماذا تحرصون على قلقلة عظامهم، وهم الذين قضوا في سبيل الله؟ ألم تكن غايتهم العودة إلى أرض فلسطين، واستعادة ترابها الذي اغتصبه الصهاينة؟ لقد حققوا العودة بمشيئة الله، وساعدهم في ذلك غباء عدوهم الذي حمل رفاتهم، وعاد فيه ليزرعه في أرض فلسطين، تحقيقاً عملياً لحق العودة!. فلماذا أنت قلقون على رفاتهم؟). وأجدني متعاطفة مع فكرته وأقرّ بوجاهتها، رغم تفهمي وتقديري للمشاعر الإنسانية لذوي الشهداء والذين سيعني لهم الكثير أن يستشعروا قرب رفات أبنائهم الشهداء منهم مكانياً، وهو أمر له فعله في النفس البشرية ولا ريب، لكنني أرجو ألا تتحول قضية رفات الشهداء إلى عامل ضغط نفسي على ذويهم تبقيهم رهينة الانتظار، كما حصل مع ذوي الأسرى المتوقع الإفراج عنهم ضمن صفقة التبادل، كما أرجو في المقابل ألا يبالغ أحد في إضفاء صفة الإنجاز العظيم على النجاح في الحصول على رفات شهدائنا من الجانب الإسرائيلي، خصوصاً وأن السلطة التي تبدو معنية بالأمر فقط لتسجل إنجازاً إعلامياً وسياسياً تأمل بأن يضاف إلى رصيدها الخاوي، لأنها عملياً لم تبذل أي جهد حقيقي لاستعادة الجثامين، ولا لتحرير الأسرى (الأحياء) حتى والمفاوضات في عزّ أيامها، وحين كان الجانب الإسرائيلي مستعداً للإفراج عن جميع الأسرى ثمناً لاتفاق أوسلو!. دولة الاحتلال عودتنا أنها لا تقدم شيئاً دون ثمن، وإن كانت ستفرج عن الجثامين الآن فسيكون هذا ثمناً لإنجاز مقابل قدمته السلطة، وقد يكون هذا الإنجاز نجاح الأخيرة في تفكيك خلية مسلحة، أو في توفير أكبر قدر من الأمن للمستوطنين وجنود الاحتلال في مناطق الضفة (لاحظوا المفارقة)! وأغلب الظن أن التراجع الإسرائيلي عن تسليم الرفات جاء بهدف إرجائه ليكون جزءاً من صفقة شاليط، ولتكون الجثامين مقابل أسرى أحياء تصرّ (إسرائيل) على استثنائهم من الصفقة، وأرجو ألا تنطلي الخدعة على من يديرون ملف التفاوض حول الصفقة، فالشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، أما الأسرى فهم أناس أحياء تتفتت أعمارهم خلف القضبان، وتحرير أسير من ذوي الأحكام العالية يعادل رجوع رفات آلاف الشهداء. والوفاء للشهداء لا يكون بإقامة المهرجانات والمراسيم الاحتفالية، بل بالوفاء لنهجهم والسير عليه، وعدم التفريط بالمبادئ التي قضوا من أجلها، فأين تقف الآن السلطة من كل ذلك؟ وهي التي اغتالت في الشهداء حلمهم وقطعت على كثيرين منهم دربهم، وغالبت فيهم عنفوانهم وهم أحياء، ثم ها هي تريد اليوم أن تمشي في جنازاتهم وتسجل لنفسها سابقة بطولية لا تستحقها. أتصور بأنه لو تم تخيير ذوي الشهداء اليوم ما بين الحصول على رفات أبنائهم وما بين إيقاف أجهزة السلطة مشروع التنسيق الأمني فسيختارون الأخير، ليس لأنهم غير عابئين برفات أبنائهم أو لا يتوقون لتنسم عبيرها واحتضان ما تبقى من آثارهم، بل لأنهم ما زالوا أوفياء للمعاني التي قضوا لأجلها، وهي معانٍ تنتفي من قاموسها تلك المفردات العقيمة التي تسوّغ طعن المجاهدين في ظهورهم، والإخلاص في تعقبهم والإيقاع بهم، وإيداعهم السجن أو تركهم ليواجهوا الموت، ثم التحول لخانة ندب مصيرهم والتحسر على رفاتهم إذا ما استقر في (مقبرة الأرقام)!.