21.91°القدس
21.59°رام الله
20.53°الخليل
24.74°غزة
21.91° القدس
رام الله21.59°
الخليل20.53°
غزة24.74°
السبت 12 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.3دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.3
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.76

خبر: ثورة كادبوري المباركة

في ماليزيا شبه ثورة؛ لأن الماليزيين يقولولون: إن شركة كادبوري للشوكولاته خدعت المسلمين بإضافة بعض مشتقات الخنزير على منتجها الشهير من الشوكولاته. دول عربية أخرى نفت أنْ تكون هناك أي مشتقات للخنزير في الشوكولاته التي تصلها، والعالم العربي والإسلامي مشغول اليوم بالثورة على لوح الشوكولاته، وعلى هذه الخديعة الدولية المؤلمة التي أدّت إلى إدخال محرمات إلى الطعام. بيد أن هناك ما هو أهم، ولا يغضب بشأنه المسلمون، دون أن ننكر حق الناس في إبداء قلقهم بشأن دينهم، وما يمس عقيدتهم من جهة الحلال والحرام. المفارقة أن أغلب العالم الإسلامي تعرض إلى خدع دولية تتجاوز الكادبوري بكثير، وأغلبنا صامت كما الموتى في القبور، من الاحتلالات إلى التجهيل والتجويع وسرقة الثروات والتقسيم، مرورا بالأمية والمجاعات والأمراض، وكل واقع العالم الإسلامي مثير للغضب. تكفينا حروب الجاهلية بين المسلمين على أساس الكراهية العرقية والدينية والمذهبية، تكفينا الاحتلالات للقبلة الأولى للمسلمين التي لم نعد نرى لها أثرا على المسلمين، إلا ببيان من هنا أو هناك. تكفينا الحروب الأهلية والمذابح في كل مكان، من أفغانستان وصولا إلى ليبيا، والعداد مفتوح في كل مكان، وصولا إلى المجاعات التي تقتل الملايين سنويا. هذه ليست مناسبة للانتقاص من الثورة على كادبوري، لكنها مناسبة للتذكير بالأولويات، ومادمنا نتحدث عن الشوكولاته المشبوهة، فليقل لنا كثيرون في العالم الاسلامي عن القدرة الفنية المتوافرة -أساسا- في أغلب العالم العربي والإسلامي لفحص آلاف الأصناف التي تدخل البيوت من الأدوية وصولا إلى الأطعمة، حتى لا تبقى القصة محصورة بالكادبوري؟!. قصة كادبوري قصة قد تحركها حرب تجارية -في الأساس- بين شركات وجدت في الحلال والحرام مدخلا لتدمير أسواق بعضها البعض. في النهاية يسعد المرء إذا وجد من يغضب لدينه، غير ان الغضب في العالم الإسلامي غير راشد، وغير منتج، وليس أدل على ذلك من الغضبة على الفيلم المسيء للنبي صلى الله عليه وسلم، فلم نشهد بعد الغضب فيلما واحدا يقدم النبي صلى الله عليه وسلم بطريقة أخرى ردا على الاساءات، والأمر ذاته يمتد إلى كل القضايا، غضب صوتي، كونه سببا في الثواب. يكفينا في ثورة الكادبوري المباركة تهديد «الأشقاء الماليزيين» أنهم يريدون تأسيس مجموعات إرهابية لمعاقبة الشركة البريطانية، وهكذا تتحول القصة من غضبة للدين إلى إساءة للدين؛ لأن الغرب لم يعد يرى فينا إلا القتلة، من إرهابيي المطارات وصولا إلى إرهابيي الشوكولاته مرورا بـ»بوكو حرام» التي أباحت خطف صبايا مسيحيات لتغيير دينهن قهرا. ثورة كادبوري المباركة مثل ثورة «البوكيمون» المباركة، وغيرها من ثورات، تقول، إننا تركنا كل مصائب العالم الإسلامي وانشغلنا بالأقل أهمية، هذا على افتراض أن أغلب العالم الإسلامي الفقير والجائع لا يأكل إلا الشوكولاته من شتى أنواعها، وخصوصا الكادبوري اللعينة. ليتكم تثورون أولا من أجل قليل من الحرية والكرامة والخبز، ثم من اجل استعادة النسخة الأصلية النقية الجميلة من الإسلام، بدلا من آلاف النسخ المزورة التي تم إلصاقها بنا في نظر العالم، بحيث أصبحنا مرفوضين في كل مكان. كادبوري ملعونة، من الصومال الجائعة إلى كابول المفخخة، مرورا بالشام الذبيحة، والمؤكد أن شعوب هذه الدول ستقاطع الكادبوري بعد أن استهلكت ملايين الأطنان التي ذابت في أفواه أطفالهم، وعلى شفاه نسائهم!