27.41°القدس
27.05°رام الله
25.53°الخليل
29.36°غزة
27.41° القدس
رام الله27.05°
الخليل25.53°
غزة29.36°
الإثنين 29 يوليو 2024
4.74جنيه إسترليني
5.2دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.01يورو
3.69دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.74
دينار أردني5.2
جنيه مصري0.08
يورو4.01
دولار أمريكي3.69

خبر: الكابوس

خفتت الضوضاء والضجة داخل قسم الاستقبال في مستشفى الشفاء إلا من صرير الأبواب، في حين بدت المكاتب مهجورة، وتطايرت الأوراق الطبية في كل مكان، واختفى أصحاب الملابس البيضاء، وفي الخارج كان بكاء الأطفال يقطع السكون... بكاء الألم بعدما فقدت أمهاتهم الأمل بالعلاج، لقد اختفى موظفو وزارة الصحة كافة، كما لو أن وحشا هاجم المكان وابتلعهم جميعا. تحت أحد الجدران جلس العشرات من المواطنين يستظلون من الشمس وقد تأبط كل منهم ملفا يحتوي معاملات وشهادات، بعضهم احتمى بالملف كمظلة من حرارة الشمس وهو ينظر بقرف نحو مبنى مديرية التعليم التي بدت خاوية، وقد علقت ورقة على عجل على لوحة كتب فيها: "مغلق إلى حين صرف رواتب الموظفين". وفي المدرسة المجاورة امتلأت الساحة بالعديد من الكائنات إلا من الطلاب والمدرسين، بدا وكأن الفسحة تحولت إلى حظيرة للحمير، و"خمّ" للدجاج والبط. ازدحم أحد الميادين الرئيسية بمدينة غزة بالسيارات، كانت كل الطرق مغلقة، وأبواق السيارات تصم الآذان، على الهامش سباب وشتائم من السائقين، تطورت إلى اشتباك بالأيدي وسط التقاطع، بينما كان الزجاج المهشم ينتشر في أحد المسارات بفعل تصادم سيارتين، بينما يحاول بعض المارة فض النزاع حول مسئولية المتسبب بالحادثة لكن دون جدوى. في نفس الوقت كانت مجموعة من المواطنين تطارد شابا يقفز بين السيارات في شارع جانبي، وهو يحتضن حقيبة، لم تكن الصورة واضحة، هل نطارد الشاب أم نتصدى لمن يلاحقوه، أحدهم لم يتمكن من استكمال المطاردة واكتفى بالصراخ وهو يلهث: "حرامي ... حامي، سرق محل صرافة"، بعد أن اتضحت الصورة، قفز السؤال الأهم: أين أصحاب الملابس الزرقاء؟ ولماذا لا نسمع صافرات سيارات الشرطة بدل صراخ المواطنين وأبواق السيارات؟ أمام السجن المركزي الذي يضم بين جنباته عشرات الموقوفين والمحكومين على خلفية جرائم قتل وتعاون مع الاحتلال، تجمع العشرات من المواطنين يهفتون: "بدنا دم أولادنا، إحنا الحكومة وإحنا القانون"، ثم بدأوا بمهاجمة بوابة السجن بالسلاح، ودون مقاومة تذكر تمكنوا من اقتحامه، لحظات حتى سمع صوت إطلاق نار في الداخل وتكبير، الأمر تطور، فقد قام شبان بسحل بعض الأجساد إلى الخارج، واحتفلوا على طريقتهم بأخذ الثأر من غريمهم سواء القاتل، أو العميل... يبدو المشهد حتى الآن مثل كابوس، لكنه يمكن أن يكون واقعيا في حال تحولت مشكلة الرواتب إلى أزمة طال أمدها، حينها لن تكون هناك حكومة، وكما صرخ الممثل أحمد السقا في فيلم الجزيرة سوف يصرخ كل مواطن: "من النهاردة مفيش حكومة... أنا الحكومة... أنا الحكومة".