26.07°القدس
25.52°رام الله
26.08°الخليل
26.55°غزة
26.07° القدس
رام الله25.52°
الخليل26.08°
غزة26.55°
السبت 12 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.3دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.3
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.76

خبر: لا نرى أسنانا ومخالب للسلطة

لم نعد نفهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ليس لأنه يتحدث بلغة غريبة علينا، فلغته العربية لا باس بها، وهو المدرس السابق، لكننا نتحدث عن المفردات والجمل ومعانيها التي يستخدمها والتي ليس لها علاقة في نظرنا من قريب أو بعيد بالهم الفلسطيني في الوطن تحت الاحتلال أو في المنفى. قبل يومين وأما اجتماع وزراء خارجية الدول الإسلامية في جدة كرس عباس جلّ خطابه لإدانة خطف ثلاثة مستوطنين إسرائيليين، وقال أن هذه العملية وليس الاحتلال وجرائمه، تدمر الشعب الفلسطيني ومشروعه الوطني، وامتدح التنسيق الأمني مع أجهزة المخابرات الإسرائيلية، وقال انه في مصلحة الشعب الفلسطيني، وجدد التعهد بمنع حدوث انتفاضة ثالثة، ولا نعرف ما إذا كان وزراء الخارجية المسلمين صفقوا له، أو استهجنوا أقواله، وأيا كان رد فعلهم فإنهم لا فائدة ترجى منهم وحكوماتهم. الرئيس عباس نسي، أو تناسى، انه يتحدث أمام وزراء خارجية من دول إسلامية، وليس، أمام الكنيست الإسرائيلي، أو حتى الكونغرس الأمريكي، وكان عليه أن يستغل هذه المناسبة للحديث عن معاناة شعبه تحت الاحتلال وليس عن معاناة الإسرائيليين المخطوفين وأسرهم وجرائم قوات الأمن الإسرائيلية على خطف أكثر من 500 إنسان فلسطيني بريء والزج بهم في السجون في إطار بحثها المسعور عن المستوطنين الثلاثة المخطوفين. *** والأغرب من كل هذا وذاك، أن الرئيس عباس، وفي تصريحات جديدة، ولكن أمام مؤتمر لأبناء “رام الله” هذه المرة، فاجأنا مرة أخرى بالقول انه أصبح للقيادة الفلسطينية “أسنان” و”مخالب” للدفاع عن الشعب الفلسطيني وتحرير أرضه بالعقل والحكمة، واظهر حرصا غير مسبوق على المستوطنين الثلاثة المخطوفين وتمنى عودتهم سالمين، ولكنه لم يترحم على أرواح الطفلين اللذين قتلتهما القوات الإسرائيلية وهي تداهم البيوت مثل الذئاب الجائعة المتعطشة للدماء في مدينة الخليل ومدن أخرى. لا نرى “أنيابا” ولا “أسنانا” للسلطة التي يتزعمها الرئيس عباس، رغم أن نظرنا سليم جدا، ولا نحتاج إلى عدسات مكبرة، بل نرى استسلاما وخنوعا للاحتلال الإسرائيلي، وتعاونا “مجانيا” مع قواته الأمنية لمطاردة الشرفاء، وتكسير إرادة الأسرى المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال وهم بالآلاف. المخالب والأسنان التي يتحدث عنها الرئيس عباس مخالب وأسنان وهمية غير موجودة إلا في مخيلته، ولا نرى قوات الأمن الفلسطينية التي تدافع عن الشعب الفلسطيني بـ “العقل والحكمة” تمنع مداهمة بيت واحد أو إعادة اعتقال العشرات من الذين أفرجت عنهم السلطات الإسرائيلية في صفقة الإفراج عن الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليط. وإذا افترضنا جدلا أن هذه الأسنان والمخالب هي تلك التي تتمثل في حصول السيد عباس على عضوية فلسطين المراقبة في الجمعية العام للأمم المتحدة، فليتفضل بالتوقيع على طلبات الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية مثلما طالبه ذراعه الأيمن صائب عريقات، لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين أمامها، وهذه الخطوة لا تحتاج إلى أسنان أو مخالب أو حتى أظافر. خطف الشبان الثلاثة، وأيا كانت الجهة التي تقف خلفه، الدولة الإسلامية أو حماس، هز الدولة الإسرائيلية وجذورها الهشة، وأصاب قادتها في مقتل، وبث الرعب في نفوس الإسرائيليين، وزاد من طول طوابيرهم أمام السفارات الأجنبية بحثا عن مخرج. قوات الأمن الإسرائيلية التي قال قادتها إنها تعرف كل مليمترا في الضفة الغربية وقطاع غزة ثبت عمليا أنها “أكذوبة كبرى” لم يصدقها غير الرئيس عباس والمجموعة المحيطة به، فالخلية التي نفذت عملية الخطف فضحت أسطورتها الوهمية، وكسرت هيبتها المزعومة مثلما فضحت دموية قطاع عريض من الإسرائيليين خاصة الصفحة التي استقطبت عشرات الآلاف منهم على الفيسبوك، وتطالب بإعدام عربي كل ساعة حتى يعود المخطوفون الإسرائيليون الثلاثة، هؤلاء هم الذين تسهر قوات الأمن الفلسطينية على حمايتهم وأرواحهم تحت مسمى التنسيق الأمني. إسرائيل تقيم حواجز عسكرية في كل شبر من الضفة الغربية المحتلة، وتطلق العنان لطائرات “الدورنز″ وتجند آلاف العملاء والعسس، وتدس فرق المستعربين في أوساط السكان، وتتبادل المعلومات والمهام مع قوات الأمن “الفلسطينية”، ومع ذلك تنجح الخلية الخاطفة في اختراق كل هؤلاء وتصل إلى الشبان الثلاثة، وتخفيهم في مكان لا يستطيع دود الأرض معرفته ولأكثر من أسبوع، وحتى لو تم اكتشاف مكانهم من خلال تواطؤ قوات الأمن “الفلسطينية” وإطلاق سراحهم، فان حالة الرعب في أوساط الإسرائيليين والارتباك في صفوف قواتهم الأمنية، والحرج الكبير الذي وقع فيه نتنياهو وجنرالاته، تكفي كلها لتأكيد نجاح عملية الخطف هذه، واعتبارها انجازا كبيرا لمن خططوا لها ونفذوها حسب ما تقوله أدبياتهم. *** مرة أخرى نطالب الرئيس عباس بان يتحدث اللغة التي يفهمها الإنسان الفلسطيني البسيط والمحاصر والمهان، أو يلتزم الصمت وهذا هو الحد الأدنى لان اللغة التي يتحدث فيها لا يفهمها إلا الإسرائيليون وداعميهم، ولكنهم لا يحترموها، والقطط السمان من الفلسطينيين المنتفعين من السلام الاقتصادي الذي بذر بذوره توني بلير مبعوث اللجنة الرباعية، ومعروف من هو بلير ولا نحتاج إلى الإسهاب أكثر. أخيرا نطالب الرئيس عباس أن “يلجم” وزير خارجيته “المزمن” رياض المالكي، الذي يرش الملح على الجرح الفلسطيني الملتهب بتأكيده على معارضة أي انتفاضة ثالثة، وتهديده لحركة “حماس″ بإلغاء المصالحة إذا ثبت وقوفها خلف عملية الخطف هذه، ويكرر استعداد السلطة للبحث عن المخطوفين، والمساعدة في العثور عليهم. الشعب الفلسطيني، مثل كل الشعوب العربية، هو الذي يملك الأسنان والمخالب، وهو الذي سيدافع عن نفسه ويحرر أرضه ويقيم دولته، أما الرئيس عباس فأسنانه “لبنية” هذا إذا وجدت أساسا.