9.45°القدس
9.21°رام الله
8.3°الخليل
15.95°غزة
9.45° القدس
رام الله9.21°
الخليل8.3°
غزة15.95°
الإثنين 02 ديسمبر 2024
4.63جنيه إسترليني
5.13دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.85يورو
3.63دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.63
دينار أردني5.13
جنيه مصري0.07
يورو3.85
دولار أمريكي3.63

خبر: حرب "الغاز" في شرق المتوسط

تفيد المعلومات المنشورة حول مصادر الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط، أن هذه المنطقة تضم احتياطيات غازية ضخمة هي الأهم بين الاكتشافات المسجلة خلال السنوات العشر الماضية، فضلاً عن مخزون نفطي لا تتوفر معطيات دقيقة حول حجمه الحقيقي، وإن كانت التقديرات تشير إلى أنه أقل أهمية من الغاز . وتفصح المعطيات المتداولة عن أن جزءاً من المخزون المكتشف يقع داخل المجال البحري الاقتصادي لفلسطين والقسم الآخر يقع داخل النطاق البحري اللبناني، ويعتقد القبارصة اليونانيون أن الاكتشافات المشار إليها تمتد أيضا إلى مجالهم البحري كما يرى السوريون أن هذه الثروة تصل إلى شواطئهم . ويلاحظ أن لبنان الذي أدرك مبكراً حجم هذه الثروة كان سباقاً للانتظام في إطار المعاهدات الدولية، عندما رسم خرائط لحدوده البحرية وفقاً للقانون الدولي للبحار الصادر في العام 1982 والذي وقعه اللبنانيون والقبارصة بعد صدوره . وقد اتفق الطرفان على تخطيط حدودهما البحرية من دون صعوبات تذكر، بالمقابل لم يوقع الكيان الصهيوني على الاتفاقية الدولية ربما لحسابات متصلة بعقيدته المبنية على التوسع إلا في حال إخضاع الطرف الآخر لشروطه المهينة كما هي الحال في اتفاقية “كامب ديفيد” وربما أيضاً لاعتقاده بأن قانون البحار الدولي يقيد نزعته العدوانية وحريته في التصرف كيفما يشاء مع جيرانه . والواضح أن تل أبيب قد فوجئت بتخطيط الحدود اللبنانية البحرية مع قبرص كما فوجئت بإيداع خرائط للحدود البحرية اللبنانية لدى الأمم المتحدة والتي تبين أن الحدود كما يراها لبنان هي غير الحدود التي تريدها “إسرائيل” ويتضح من الفارق بين خرائط الطرفين أن الخرائط الصهيونية تنطوي على مساحات بحرية مهمة عائدة للبنان وتقدر خسائرها بمليارات الدولارات إذا ما استثمرت “إسرائيل” الغاز الذي تختزنه . والراجح أن الصهاينة يستعدون لخوض معركة مع لبنان بكافة الوسائل للاحتفاظ بتلك المساحات، ومن بينها ممارسة ضغوط حثيثة داخل الولايات المتحدة، لحمل الأمريكيين على تغيير موقفهم الذي يبدو أنه يميل إلى الاعتراف بالخرائط اللبنانية للحدود البحرية . ولعل تهديد “الكيان” باستخدام القوة للدفاع عما يسميه ب”حدودنا البحرية” يوحي بأن الحكومة “الإسرائيلية” لا تخشى فقط خسارة جزء من الثروة الغازية القائمة في جوف البحر وإنما أيضا امتلاك لبنان للوسائل المالية التي تتيح له التخلص من مديونية ضخمة تقدر بستين مليار دولار وحل مشكلات الكهرباء والغاز لعقود طويلة وكلها عناصر تزيد هذا البلد قدرة وإصراراً على مواصلة سياسة المقاومة والممانعة الناجحة على أكثر من صعيد بشهادة مسؤولي الكيان أنفسهم . إن ما يصعب تخيله هو أن تبادر الدولة الصهيونية إلى مصادرة مساحات بحرية لبنانية وفلسطينية وأن تستثمرها كما يحلو لها من دون أن يحرك اللبنانيون والفلسطينيون ساكناً . وإن تم ذلك فإنه يعني عدم جدوى المقاومة في البلدين وعدم الحاجة إلى سلاحها وبناها التنظيمية وهو أمر لا يمكن تخيله في ضوء المعطيات المتصلة بالصراع مع الكيان، ما يعني أن الاحتمال الراجح هو أن يعمد الطرفان إلى الرد على التهديد الصهيوني بمثله، أي الإعراب عن الاستعداد لاستخدام كل الوسائل بما فيها القوة المسلحة للدفاع عن الحقوق اللبنانية والفلسطينية المشروعة في الثروة الغازية والنفطية البحرية، ومن الطبيعي في هذه الحالة أن تصطف سوريا إلى جانب المقاومة معها طهران الأمر الذي يفضي بالضرورة إلى حرب إقليمية مدمرة من الصعب التحكم مسبقاً بكافة نتائجها . نعم كان يمكن لمخزون الطاقة المكتشفة أن يعالج العديد من المشكلات التنموية في هذه المنطقة لو لم يتصل الأمر بالدولة الصهيونية التي تحتل أراضي العرب منذ أكثر من ستين عاماً وتطلب إخضاعهم وتبحث دائماً عن الوسائل التي تحرمهم من النهضة والتقدم . بيد أنها قد تخطئ الحساب مع لبنان هذه المرة كما أخطأته في العام 2006 فهذا البلد ما عادت “ قوته في ضعفه”