16.64°القدس
16.41°رام الله
14.34°الخليل
19.13°غزة
16.64° القدس
رام الله16.41°
الخليل14.34°
غزة19.13°
الأربعاء 25 ديسمبر 2024
4.57جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.79يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.57
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.79
دولار أمريكي3.65

خبر: بالجمع وليس الطرح

لدي كلام كثير في نقد الفكر السلفي خصوصا في تركيزه على العقائد والمظاهر، الأمر الذي يجعل كثيرين من أتباعه مشغولين بقضايا الإيمان والكفر وبسلوكيات الناس وأخلاقهم. وهو ما يترتب عليهم غيابهم شبه الكامل عن كل ما يتعلق بمقومات نهوض المجتمعات وعمارة الأرض ومصائر الأوطان. بسبب من ذلك فإن أحدا لا يستطيع أن ينكر أن السلفيين أصبحوا «فزاعة» هذه المرحلة في مصر، وان كثيرين ممن كانوا يبغضون الإخوان أصبحوا الآن أكثر تعاطفا معهم أو قبولا لهم، إن بدوا وكأنهم «أخف الضررين وأهون الشرين».. وبسبب تلك السمعة فان أحدا لم ينتبه إلى التمايزات الحاصلة بين السلفيين، الذين هم أكثر من جماعة في مصر، تعددت لديها الرؤى والاجتهادات. ولم يلحظ كثيرون أنه إلى جانب جماعاتهم شديدة الانغلاق فثمة جماعات أخرى منفتحة بصورة تثير الانتباه. والأولون نعرفهم جيدا، لكن الأخيرين الذين يمثلون استثناء لهم حضورهم في الكويت بوجه أخص. ولأحد رموزهم، الدكتور حاكم المطيري، كتاب في 300 صفحة يعبر عن رؤيتهم بعنوان «الحرية أو الطوفان» (صدر في بيروت عام 2004). وهذه الرؤية نلسمها في سؤالين طرحهما المؤلف في المقدمة هما، لماذا لم يعد أكثر علماء الإسلام ودعاته اليوم يهتمون بحقوق الإنسان وحريته وعلى العدالة الاجتماعية والمساواة؟.. وكيف تم اختزال مفهوم الشريعة لتصبح السياسة الشرعية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والمساواة، كل ذلك مقطوع الصلة بالشريعة التي يراد تطبيقها والدين الذي يدعى الناس إليه اليوم؟ . تذكرت كتاب الدكتور المطيرى حين قرأت صبيحة يوم أمس الأول 5/12 كلاما على لسان أشرف ثابت عضو اللجنة العليا لحزب النور (السلفي) الذي فاز في انتخابات المرحلة الأولى بالإسكندرية قال فيه: سأسعى من خلال البرلمان المقبل إلى تنفيذ برنامج الحزب الذي يعتمد على قضايا الإصلاح في التعليم والصحة، ووضع خطط للارتقاء بالبلاد اقتصاديا وتجاريا، إضافة إلى المشاركة في إعداد دستور يؤكد الهوية الإسلامية والعربية للدولة. وأشار إلى أن الحزب سيسعى إلى البحث عن تسهيلات للمستثمر الأجنبي.. وأن لديهم خطة لتعديل قانون البنوك يصعب تنفيذه مرة واحدة حتى لا ينهار الاقتصاد. وسيتم تأسيس بنوك إسلامية، وقد تم إعداد مشروع بنك النور الإسلامي الذي تقدم به الحزب إلى المجلس العسكري كي يسمح له بالعمل إلى جوار البنوك الحالية. وبمجرد نجاح التجربة سنطالب بإلغاء نظام البنوك الحالي. نفى الرجل أن حزب النور سيمنع عمل المرأة، أو أنه سيلزمها بارتداء الخمار. وقال: نحن نؤمن بعمل المرأة ولن نطالب بقوانين تفرض الحجاب، وسوف ندعو من خلال البرلمان إلى إصلاح الأخلاق، وعدم اختلاط الرجال بالنساء في الأماكن المغلقة. لفت نظري في الكلام الذي تطرق فيه الرجل إلى أمور أخرى تفصيلية، أنه تحدث عن إصلاح التعليم والصحة وتشجيع الاستثمار. وأنهم سيدعون إلى إنشاء بنوك إسلامية، لتكون بديلا عن البنوك الحالية. كما أنهم لن يفرضوا قيودا على أزياء النساء. ولكنهم سيدعون من خلال البرلمان إلى إصلاح الأخلاق وعدم اختلاط الرجال بالنساء في الأماكن المغلقة (للتذكرة فقط فإن الـ88 عضوا الذين مثلوا الإخوان في مجلس الشعب الذي انتخب عام 2005، أمضوا خمس سنوات في المجلس لم يتطرقوا خلالها إلى موضوع الحريات الخاصة للناس). وجدت كلام الرجل هادئا وقابلا للمناقشة. ونفيه لفرض أي زي على النساء واضح، وحديثه عن الأخلاق والاختلاط في حدود الدعوات التي يمكن أن تطلق في البرلمان، أما موضوع النظام المصرفي الإسلامي الذي يطرحونه فإنهم سيقدمونه كبديل إذ ثبت نجاحه. هذا الكلام نشرته صحيفة المصري اليوم تحت عنوان ينسب إلى أول سلفي في البرلمان قوله: سنمنع الاختلاط في العمل وسنلغى النظام الحالي للبنوك(!!) ــ والفرق كبير بين ما قاله الرجل فعلا والعنوان المثير للخوف الذي صاغته الجريدة. مازلت عند رأيي في نقد أفكار السلفيين وخطابهم، لكن النموذج الذي بين أيدينا دال على أنهم ليسوا ظالمين فقط ولكنهم مظلومون أيضا، الأمر الذي يثير أكثر من سؤال حول دور الإعلام في لي الأخبار لتعميق الخوف منهم، في حين أن التناول المسئول كما يدعونا إلى نقدهم، فإنه يحثنا على تشجيع ما هو إيجابي وبناء في آرائهم. ليس فقط لأن الأمانة تقتضى ذلك، ولكن أيضا لأن النهوض الحقيقي بالبلد لن يقدر له أن يتحقق إلا إذا كان حاصل جمع العطاء الايجابي لكل فصيل فيه، لكن البعض يفضلون القسمة والطرح، ويحاربون الجمع!