أكد مسؤولون وأكاديميون فلسطينيون أن الجميع حكومة وفصائل ومؤسسات حقوقية ومجلس تشريعي لا بد أن يتحملوا المسؤولية أمام واقعة غرق عشرات الشباب الفلسطيني أثناء هجرتهم لدول أوروبية عبر البحر الأبيض المتوسط. وطالبوا بضرورة وضع خطة وطنية محددة لمعالجة الأمر حتى لا تزيد وطأته، محملين في ذات السياق المجتمع الدولي والاحتلال المسئولية الكاملة عن مواصلة فرض الحصار على قطاع غزة. جاء ذلك خلال ندوة حوارية عقدها منتدى الشباب الحضاري التابع لمؤسسة إبداع للأبحاث والدراسات والتدريب بعنوان "الشباب وأرق المستقبل .. الهجرة ظاهرة عابرة أم ثقافة راسخة"، بحضور نخبة من الأكاديميين والباحثين والمختصين وطلبة برامج التنمية البشرية الخاصة بالمعهد. وتحدث وكيل وزارة الإعلام إيهاب الغصين في المحور الأول حول دور الحكومة في قضية الهجرة غير الشرعية، مشددًا على أنها لا تُعد "ظاهرة" لكنها أمر خطير جداً يجب متابعته والتكاثف الوطني للحد منها مشيراً إلى أن الحكومة شكلت لجنة خاصة وغرفة عمليات مشتركة تضم الأجهزة الأمنية ووزارتي الخارجية والشئون الاجتماعية لمعالجة القضية وأوضح أن هجرة الشباب الفلسطيني لبعض الدول الأوربية والاسكندنافية موجودة منذ عدة سنوات لكن الأمر زاد خلال سنوات الحصار المفروض على غزة مرجعاً الأسباب التي دفعت الشباب الغزي للتفكير بالهجرة إلى سوء الأحوال الاقتصادية بفعل تشديد الحصار وارتفاع معدلات البطالة وعدم تمكن مئات آلاف خريجي الجامعات من الحصول على الوظائف والحياة الكريمة [title]أمر خطير[/title] وبين أن أرقام المهاجرين مؤخرًا ليست كبيرة مقارنة بالسنوات السابقة، مستعرضاً الطرق التي توصلت إليها الجهات الرسمية لهجرة الشباب عبرها تشتمل الأولى على الخروج بشكل رسمي من معبر رفح البري باتجاه الأراضي المصرية ومن ثم البحث عن طرق غير شرعية للهجرة عبر البحر. في حين تشتمل الطريقة الثانية بحسب الغصين على خروج أعداد محدودة بشكل غير شرعي عبر الأنفاق الممتدة أسفل الشريط الحدودي بين رفح والجانب المصري، منوهاً إلى أن الجهات الأمنية ضبطت نفقين عملا على تهريب عدد من الشبان مؤخراً واتخذت الإجراءات اللازمة بحق صاحبيهما ونبه إلى أن الكثير من الشباب المهاجرين تعرضوا لعمليات خداع ونصب واحتيال وابتزاز، مستطرداً " هم يظنون أن الأمر سهل وأنهم سيجدون مفاتيح الجنة أمامهم بمجرد وصولهم لتلك الدول لكن الأمر ليست بالسهل مطلقاً فقد يتعرضون للاعتقال والملاحقة والسجن وقد تكون هناك بعض الحلول" ولفت الغصين إلى تعرض عدد من المهاجرين للخطر الشديد بالإضافة إلى اعتقال العشرات منهم في الأراضي المصرية، مضيفاً "هذا أمر مرفوض لا أحد يقبل به مؤكداً على ضرورة إعطاء شعبنا الفرصة الحقيقية ليقوم بنهضة شعبه وبناء وتطوير بلده عبر إنهاء الحصار بشكل كامل وفتح المعابر المتنفس الوحيد أمام أبناء شعبنا كما دعا حكومة الوفاق الوطني إلى تحمل مسئولياتها بغزة، مؤكداً استعداد وكلاء الوزرات وكافة الموظفين منذ اليوم الأول لتنفيذ كافة الأعمال لكن الوزراء صدوا كل محاولات التعاون مع وكلائهم وموظفيهم [title]دور الفصائل[/title] من جانبه، استعرض القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خضر حبيب خلال المحور الثاني من الندوة دور الفصائل في علاج قضية هجرة الشباب الفلسطيني من غزة ووصف حبيب هذه القضية بأنها "موضوع وطني بامتياز لا بد من إيجاد حلول فصائلية جذرية له"، مشيراً إلى أن الشباب فكروا بذلك بعد انسداد الأفق أمامهم وفي ظل ارتفاع معدلات البطالة واشتداد الحصار على غزة ولمح القيادي في الجهاد بأن للاحتلال يد مباشرة ويقف خلف محاولات إفراغ غزة من شبابها، مضيفاً "هجرة الشباب على أجندة الاحتلال ويعمل بكل جد وطريقة لاقتلاع شعبنا من أرضه عبر طرق كثيرة ومتعددة تصب كلها في مواجهة شبابنا بعدما فشل على مواجهته في ميدان المعركة وأثبتوا مقاومة شرسة قوية وأكد أن هذه القضية تضع جميع الفصائل أمام مسئولياتها لإيجاد الحلول اللازمة لعلاجه في أسرع وقت ممكن، موضحا أن هذا الأمر بمثابة تهديد لشعبنا وقضيته ويُلبي أحلام المشروع الصهيوني، وفق تعبيره وقال: "هذا الأمر مسئولية الجميع فالحكومة يجب أن تتقدم لتأخذ دورها.. تباشرنا خيرًا بعد تشكيل المصالحة ومغادرة مربع الانقسام لكن لحتى اللحظة لم تتحمل مسئولياتها ولم تأخذ دورها خاصة بعد العدوان الآخير وشدد حبيب على أن شعبنا ينتظر الحلول لكافة مشاكله، مطالبًا الفصائل بتحمل المسئولية عبر عمليات التثقيف وبث الوعي في صفوف الشباب الفلسطيني لخطورة قضية الهجرة وترك البلاد. [title]رأي الشرع[/title] من جهته، تحدث النائب د. سالم سلامة رئيس رابطة علماء فلسطين في المحور الثالث حول رأي الشرع والعلماء في قضية هجرة الشباب من بلاد المسلمين لبلاد الغرب. واستشهد الشيخ سلامة بجملة من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة حول بركة أرض فلسطين وقدسيتها، مضيفاً "نحن ندرس حالة فريدة تمر على شعبنا ظهرت نتائجها المؤلمة في الأسبوعين الأخيرين بعد غرق 500 فلسطيني هاجروا من غزة". وحمل الاحتلال الجزء الأكبر من هذه الكارثة، مستدركاً "الاحتلال جن جنونه من وقوف الشباب أمام آلة حربه في المعركة الأخيرة فرتب لإفراغ غزة منهم". وتساءل قائلاً "هذه مصيبة وكارثة كيف يخرج شبابنا من أرضهم المباركة وكيف يهون عليهم أن يهجروا الأرض المقدسة التي بارك الله فيها؟". وكان المرصد الأور ومتوسطي لحقوق الإنسان نشر أسماء 130شخصًا من المفقودين معظمهم من سكان القطاع بينهم 40 طفلاً على متن السفينة التي غرقت يوم الأربعاء 10 سبتمبر بعد تعرضها لاصطدام متعمد وفقًا للناجين من قارب آخر كان على متنه 6 أشخاص.