16.64°القدس
16.41°رام الله
14.34°الخليل
19.13°غزة
16.64° القدس
رام الله16.41°
الخليل14.34°
غزة19.13°
الأربعاء 25 ديسمبر 2024
4.57جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.79يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.57
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.79
دولار أمريكي3.65

خبر: هل يعاقبون مصر؟

هل نفهم أن الدول النفطية العربية تريد أن تعاقب مصر أو تضغط عليها بسبب ثورة الشعب في 25 يناير؟ ــ هذا السؤال يفرض نفسه بعد إعلان وزيرة التعاون الدولي أنه خلال الأشهر العشرة الأخيرة فإن جملة ما تلقته مصر من معونات واستثمارات عربية لم يتجاوز مليار دولار، في حين أنها كانت قد وعدت بثمانية مليارات و200 مليون دولار. علما بأن أحدا لا يستطيع أن يقول بأن تلك الدول «الشقيقة» تعانى من أية أزمة، لأن فوائضها المالية تقدر بما لا يقل عن تريليون و500 مليار دولار. وإحدى هذه الدول التي لم تقدم دولارا واحدا لمصر لها فوائض بحدود 800 مليار دولار، وقد منحها النظام السابق أراضى شاسعة في مصر، تم شراؤها بعشرات الجنيهات للفدان الواحد، وبيعت بعدة ملايين. المعلومات المتوافرة تقول إن المليار دولار التي تلقتها مصر بعد الثورة، نصفها من السعودية ونصفها الثاني من قطر. أما الكويت ودولة الإمارات العربية فقد نقلتا إلى المسئولين المصريين رصيدا لا بأس به من المشاعر الطيبة والدافئة، لكنها لم تترجم إلى مساندة عملية، رمزية أو غير رمزية. والجملة الأخيرة ليست من عندي لكنى سمعتها من مسئول مصري كبير بعدما التقى نظيرا كويتيا له، كان تلميذا له يوما ما. وحين سألته عن نتيجة اللقاء كان رده على النحو الذي ذكرت. ليس بوسع أحد أن يدعى بأنه لا يعلم بتدهور الوضع الاقتصادي في مصر بعد الثورة، حيث توقفت السياحة وهربت الاستثمارات وأدى الانفلات الأمني إلى توقف عجلة الإنتاج. إلى غير ذلك من الأعراض الطبيعية التي تحدث بعد أي ثورة تسقط نظاما وتتطلع إلى إقامة نظام جديد. وليس بوسع أحد أن يدعى أنه لا يعلم بأن البنية الأساسية للصناعة المصرية من الضخامة والقوة بمكان، وأن نقص السيولة النقدية هو الذي يضعف من قدرتها على الانطلاق. لست أشك في أن وقائع المشهد وتفاصيله معلومة لدى جميع «الأشقاء»، لكنهم يقفون متفرجين على الأزمة الاقتصادية المصرية وهى تشتد يوما بعد يوم، والاحتياطي النقدي للبلاد يتآكل يوما بعد يوم. لا يخفى المرء شعوره بالخزي حين يقرأ أن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز ناقش مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، كيفية مساعدة مصر اقتصاديا. وسواء كان الخبر الذي نشرته الصحف بهذا الصدد للدعاية والغواية فقط أم أن الرئيس الإسرائيلي كان جادا في مسعاه، فإن أول ما يخطر على بال المرء حين يقرؤه السؤال التالي: لماذا لم تفكر الدول «الشقيقة» في مناقشة الموضوع فيما بينها؟ لقد رأينا دول الاتحاد الأوروبي وهى تجتمع لبحث الأزمة الاقتصادية في مسئولية اليونان وفى إيطاليا، لكننا لم نسمع أن محفلا عربيا على أي مستوى حاول أن يناقش الدور العربي في مواجهة الأزمة الاقتصادية المصرية. ليس في بالى أن أشير إلى ما قدمته مصر إلى «الأشقاء»، لأنني أزعم أن ذلك كان واجبا أدته إزاء أشقائها. لكنني لا أجد غضاضة في التذكير بأن «الشقيقة الكبرى» لها حقوق على الآخرين تختبر في أوقات الأزمات، ذلك أنه إذا قيل إن الصديق يعرف في وقت الضيق. فإن الشقيق أولى بذلك وأجدر. أدرى أن بعض الدول النفطية لم تكن سعيدة بالثورة المصرية. ومنها من منع الإشارة إلى الموضوع فى وسائل الإعلام المحلية والرسمية، حتى إن إحدى الصحف الخليجية التي تنشر مقالاتي الأسبوعية منذ عشرين عاما اضطرت إلى الامتناع عن نشر كل ما كتبته في الموضوع خلال الأشهر الماضية. ولم يقف الأمر عند ذلك الحد، لأن أوضاع العاملين المصريين في تلك البلدان تأثرت بحالة عدم الرضى، فأنهيت عقود البعض وجرى التضييق على المصريين في التعيينات وتأشيرات الدخول. لم أفهم لماذا يعاقب الشعب المصري على ثورته على الفساد الذي حل بالبلد وبالظلم الذي عانى منه. ولماذا يؤثر البعض أن يتعاملوا مع نظام فاسد ومستبد، في حين يعرض عن مساندة الشرفاء والأحرار الذين ثاروا على ذلك النظام. قيل في ذلك أيضا أن عددا من رعايا بعض الدول الخليجية ــ لا يزيدون على أصابع اليد الواحدة ــ لوحقوا قضائيا في مصر بعد الثورة، لسبب أو آخر. لكنني أتصور أن العلاقات الإستراتيجية بين الأشقاء لا ينبغي أن تتأثر بمثل هذه الأمور، علما بأنها ليست مستعصية على التسوية. ما يحيرني في الأمر أن الجامعة العربية فرضت بعض العقوبات الاقتصادية على سوريا في حين لم تلاحظ أن في مصر أزمة اقتصادية تتطلب القيام «بواجب ما». وعندما حاولت تفسير التقاعس عن أداء ذلك الواجب سمعت صوتا للنفس الأمارة بالسوء يقول إن تلك كانت حدود التعليمات التي صدرت من «أولى الأمر»، وحين قرأت في صحيفة «الأهرام» يوم أمس (الثلاثاء 13/12) أن مستثمرين إيرانيين سينفذون مشروعات بالصعيد بقيمة خمسة مليارات جنيه، فإنني لم أستغرب ذلك لأن إيران دولة تمردت على التعليمات منذ انطلاق ثورتها.