22.79°القدس
22.55°رام الله
21.64°الخليل
26.76°غزة
22.79° القدس
رام الله22.55°
الخليل21.64°
غزة26.76°
الإثنين 07 يوليو 2025
4.57جنيه إسترليني
4.72دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.94يورو
3.35دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.57
دينار أردني4.72
جنيه مصري0.07
يورو3.94
دولار أمريكي3.35

خبر: دبس الخليل.. إرث وغذاء وعائد اقتصادي

يلملم الصيف أذياله مؤذنا بالرحيل ، ويبدأ الخريف يسترق الخطى ليحل مكانه، وما بين ذهاب الأول وقدوم الثاني تشتعل مواقد الحطب في الخليل لتعلن بداية طقوس صناعة "الدبس ". كنز الخليليين الأسود، وأحد أهم أغذية الشتاء، نظرا للكم الهائل من الطاقة التي يحتويه ، والذي يمدهم بالدفء في مدينة عرف عنها برودة الطقس . لم يعد الكثير من سكان الخليل يمتلك كروما للعنب، لكن غالبية سكان المحافظة يحرصون على اقتناء" الدبس" بشرائه من أقارب يصنعونه ، أو حتى من تجار يسوقونه، فهم يدركون أهمية هذه الصنف من الأغذية لهم ولأبنائهم نظرا لاحتوائه على الكثير من العناصر الغذائية. أما عن كيفية صناعة الدبس ، توضح أم أكرم صاحبة كرم عنب من الخليل :" بعد أن يصبح العنب ناضجًا تماما، يتم قطفه وغسله ، ثم يوضع في كيس مصنوع من الخيش، حسب الطريقة التقليدية، كان يعصر في حفرة إسمنتية مرتفعة بجانبها حفرة أخرى منخفضة قليلًا. أما الآن فيمكن استخدام أدوات العصر الحديثة. ويتم وضع عصير العنب في قدر نحاسي كبير يسمى "الدست" ويضاف إليه نوع من أنواع الأتربة الموجودة في جبال الخليل يسمى "حوّر"، ثم يوضع على النار . وعندما يبدأ بالغليان تصعد الشوائب للأعلى ويترسب "الحور" أسفل القدر ، تزال الشوائب ويصفى العصير من جديد، ويوضع مرة أخرى في "الدست"، لتبدأ مرحلة الغليان النهائي حتى يتكاثف ليكون ما يعرف بـ" الدبس". يترك الدبس بعدها ليبرد، ومن ثم يسكب في أوعية زجاجية أو بلاستيكية، ليتم بعدا استخدامه منزليا أو بيعه. أم خالد الرجبي تقول بن عائلتها الكبيرة تجتمع لمدة أربعة أيام سنويا فيما يشبه العيد لتصنيع الدبس الذي يشكل لعائلتها رافدا اقتصاديا مهما. وحسب أم خالد فالدبس يشكل لعائلتها عنصرا غذائيا هاما لا يغيب عن مائدتهم صيفا ولا شتاء ، كما يوفر للعائلة عائد مالي جيد جراء عملية بيعه، حيث يتم تسويق منتجهم في مدن الشمال الفلسطيني أيضا. وحول كيفية تناوله تقول أم خالد إن عائلتها كسائر سكان المحافظة يتناولون الدبس مضافا له زيت الزيتون ، أو طحينية السمسم، ويمكن تناوله مطبوخا مع حبة البركة وزيت الزيتون والجوز فيما يعرف بـ " القزحة " كوجبة إفطار كاملة عالية في قيمتها الغذائية . كما ويصنع منه طبق حلوى يسمى " حمرا وبيضا "، ويتكون طبق الحلوى هذا من طبقة دبس مع النشا والأخرى حليب مع النشا. ويعد تناول الدبس مع الثلج من أهم الطقوس في شتاء الخليل البارد. وتذكر أم خالد أن أحد أقاربها والذي يبلغ من العمر الآن 113 عاما، يتمتع بصحة جيدة ، حيث لا يعاني من أي أمراض ، وحسب توقعات أم خالد وأقاربها فإن سبب صحته هو حرصه الشديد على تناول كأسا من الدبس على الأقل يوميا. المهندسة الزراعية وأخصائية التصنيع الغذائي هديل ارفاعية توضح الفوائد الصحية للدبس ، كونه يحتوي نسبة عالية من السكاكر سريعة الامتصاص (الغلوكوز، الفركتوز، السكروز) التي تمد الجسم بطاقة فورية. كما أنه يحتوي على زمرة جيدة من الفيتامينات بينها الفيتامين (أ، ب، سي) والأخير له دور كبير على صعيد تقوية جدار الشعريات الدموية الصغيرة. ويحتوي الدبس أيضا على نسبة جيدة من المعادن خصوصاً معدن البوتاسيوم الذي يقي من ارتفاع ضغط الدم، ومعدن الكالسيوم المقوي للعظام، ومعدن الحديد الضروري لصنع كريات الدم الحمراء، ومعدن السيلينيوم الذي يحول دون تصلب الشرايين. كما أن الدبس وحسب ارفاعية يحتوي على أحماض مفيدة في تأمين نعومة الجلد وفي التخلص من الخلايا الجلدية. ويظل الدبس في الخليل أرثا تتناقله الأجيال ، وتقليدا لا غنى عنه وان اختلفت طقوس صناعته نظرا لتغير ظروف الحياة، إلا انه ما زال يحافظ على مكانته في المائدة الفلسطينية الخليلية، وما زال يمتلك هيبته التي تسيطر على موائد الإفطار وتلسيات المساء.