24.96°القدس
24.5°رام الله
26.08°الخليل
25.88°غزة
24.96° القدس
رام الله24.5°
الخليل26.08°
غزة25.88°
الجمعة 11 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.77

خبر: شتاء التمويل الأجنبي.. على السلطة الفلسطينية أشد قسوة من برودته

يعد التمويل الأجنبي هو أحد صيغ ومرتكزات العلاقات الاقتصادية بين الدول والمؤسسات أو ما بين الدول والكيانات التي تعتبر السلطة الفلسطينية واحدة منها، فقديماً كما هو معروف كان الغزو هو أفضل الأساليب الاستعمارية للسيطرة والضم ، لكن الآن الأمر مختلف من ألفه إلى يائه. فلم تعد القوة أفضل الحلول لفرض السيطرة والاحتلال على الشعوب ، فكانت اليوم المؤسسات بدلاً عن الجيوش, والمشاريع التمويلية بدلاً عن المعارك والحروب ، وبشكل عام يعرف التمويل لغة على أنه التزويد بالمال . والتمويل اصطلاحاً هو كل الأموال التي تتدفق من الخارج للدولة أو للكيان المستهدف بالتمويل مهما كان مصدر هذه الأموال, وهو بذلك يشير إلى أنه يتألف من بندين هما: الجانب النقدي ممثلاً بالمنح والهبات والمساعدات, والجانب غير النقدي ممثلاً بالسلع والدعم العيني . طوال سنوات سابقة من عمر أوسلو وباريس الاقتصادية بين العامين 1993- 1994 وحتى الآن ضخ مجتمع المانحين والدول المانحة لمؤسسات وكيانات وروافد وأركان السلطة الوطنية الفلسطينية أكثر من 27 مليار دولار . حتى اعتبرت السلطة الفلسطينية وحسب تصنيف بيانات البنك الدولي ومؤسسات مالية أخرى هي الكيان الأول تلقياً للتمويل على مستوى العالم ، وظل الاتحاد الأوروبي على رأس المساهمين بهذه الأموال، ثم تأتي الولايات المتحدة الأمريكية بالمرتبة الثانية بمبلغ 400 مليون دولار عام 2014 من أصل 1.4 مليار دولار أمريكي وبما نسبته 25% - 30% من حجم التمويل الكلي .. السؤال هنا: هل شكلت هذه الأموال طوال السنوات السابقة تشاركية في النمو والتنمية أم أنها وهم متبدد ليس إلا ؟... وهل هذه الأموال ظل لها وجود أم غادرت مع من ذهب ؟ وهل قدمت للسلطة الفلسطينية بدون اشتراطات وثمن ؟!.. إجاباتي على ذلك أقول: إنه طوال السنوات الماضية منذ باريس الاقتصادية وأمها أوسلو لم يكن التمويل المقدم للسلطة الوطنية الفلسطينية سوى معيق للنمو والتنمية المستدامة وغير المستدامة ،... ولأن التنمية في أبسط تعريفها هي اعتماد دائم ومتواصل على الذات ، أما التمويل الأجنبي فهو ينفي الذات ويعزز الاتكالية على الغير, لذلك لم يكن التمويل فقط معيقاً لهذه التنمية بل هو عدو لهذه التنمية ، كما أنه طوال سنوات مضت تلقت السلطة الفلسطينية هذه الأموال من أجل افتراضات واشتراطات . فالعلاقة بين التمويل وعملية التسوية ( السلام ) هي علاقة عضوية متلازمة ارتباطية تكاملية, وقبل كل شيء اشتراطية يمارس من خلالها الابتزاز السياسي و تجعل القرار السياسي والسيادي والأمني أسيرا وطريداً للكيان الصهيوني وأمريكا ، للدلالة على ذلك نجد أنه ما بين الأعوام 2006 وحتى 2014 تضاعف التمويل الأجنبي المقدم للسلطة الوطنية الفلسطينية بنسبة 200% وذلك عما غيره من السنوات ، وهي السنوات التي فازت فيها حماس بالانتخابات وسيطرت بعدها في عام 2007 على قطاع غزة ، على اعتبار أن السلطة الوطنية الفلسطينية هي إحدى مؤسسات المجتمع الدولي وهي بمثابة الابن المطيع لها ،... لقد كان التمويل الأجنبي المقدم للسلطة الفلسطينية باعتقادي بمثابة السراب شديد اللمعان وهو كخضراء الدمن " البنت الجميلة في المنبت السوء " ولأنه سراب في اعتقادي أنه يرحل دون أن يترك وجوداً مادياً له, وهو التنمية أو على الأقل النمو ، كما عزز هذا التمويل من مستويات البطالة والفقر والفقر المدقع, وبنى قطاعاً خدماتياً يتمثل في وجود أعداد مهولة من الموظفين حوالي 170 ألفا ، منهم 90 ألف موظف في الضفة الغربية والباقي في قطاع غزة... كما أنشأ هذا التمويل مؤسسات الأنجزة ( كمؤسسات الدمقرطة والمرأة وتمكين الشباب ) ، وبذلك الأمر أفقد الاقتصاد روح الإنتاجية وجعله اقتصاداً يعتمد على الاستهلاك والصدقات والمنح والهبات و الضائقات والأزمات بل أبعد من ذلك الأمر حين ربط التمويل المقدم للسلطة الفلسطينية بحالة الاستقرار وتجاوز التوتر والاضطراب في المنطقة العربية وهو ما يعرف عالمياً بالتمويل غير النظيف " القذر ". لقد كان للتمويل الأجنبي عدة وجوه أغلبها وجوه سافرة وماجنة وخبيثة الوسيلة والهدف, لكن تبقي التنمية وجها واحدا.. وختاماً نقول: لا بد لنا كسلطة وطنية فلسطينية من الاعتماد على الذات وتوفير الإمكانات نحو التمكين والإنتاج ورفض أجندة التمويل الأجنبي التي بمجملها إعاقة لهذا الاعتماد ، كما يجب على السلطة الفلسطينية اعتماد برامج وخطط تنموية تتناسب وأولويات الواقع الفلسطيني واحتياجاته وليس بما يتناسب مع السياسيات المشروطة للدول المانحة ، كما يجب على السلطة الوطنية الفلسطينية أيضا ألا تنظر لقضية وقف المساعدات الدولية على أنها حياة أو موت, بل يتوجب علينا سلطة وفصائل إعادة النظر في هذا التمويل ورفضه جملة وتفصيلا, وذلك كونه يتجاوب مع المساس بالأمن القومي والسيادي لنا .. كما يتوجب علينا جميعاً بناء خطة كاملة وشاملة يتم من خلالها البحث عن مصادر تمويلية أكثر أمنا لشعبنا والاستعاضة عن التمويل الدولي بها .. كما يجب على السلطة الفلسطينية والفصائل ألا تكون قراراتهم نتيجة لردات فعل كما يحدث الآن في الانضمام لمحكمة الجنايات في لاهاي وحصل مرارا في الماضي, بل يجب أن تكون العلاجات دائمة وفاعلة وليست مؤقتة, لأن معالجة الفشل بالفشل هو الفشل بحد ذاته. وبالمجمل؛ يجب أن ينطلق القرار والتمويل من الوطن للوطن لسد احتياجات الشعب والوطن, وأن يكون الأمر كله مقترحَ وطنٍ لا مقترح ابتزازٍ سياسي وشروط تمويل.. حينها فقط سنكون مجتمعا تنمويا وتكافليا وليس مجتمعا اتكاليا تمويليا ، أتمنى أن يكون وراء هذا القول فعل وعمل, وألا نستمر طول أعمارنا نبيع الوهم للناس .