لماذا لحست محكمة الأمور المستعجلة قرارها بأنها ليست جهة اختصاص للحكم على حركة حماس؟! وبموجب عدم الاختصاص ردت دعوة المحامي الباحث عن الشهرة، والنائب عن (إسرائيل) في الدعوة، باعتبار حماس منظمة إرهابية؟! بالأمس حكمت المحكمة نفسها أن حماس تعد حركة إرهابية، وكان هذا الحكم تاليا لحكم آخر أصدرته المحكمة نفسها ضد كتائب القسام. الحكم الذي صدر أمس, كالحكم الذي صدر قبل شهر على القسام هو حكم سياسي بامتياز وليس له علاقة بالقانون أو بالقضاء، وليست له حيثيات إدانة، ولا مبررات حكم البتة. الحكم الذي صدر بالأمس يمكن أن يكون قرار رفّ ككثير من الأحكام القضائية التي لا تنفذ، ويمكن أن يكون قرار واقع وميدان إذا باشرت السلطة التنفيذية بتنفيذه والعمل بمقتضياته، وعليه فإن التنفيذ هو من يجيب عن سؤال: لماذا لحست المحكمة قرارها السابق بعدم الاختصاص؟. الدولة العربية الوحيدة التي تتماهى مع (إسرائيل) في وضع حماس، والقسام، على قائمة الإرهاب، هي مصر في ظل حكم عبد الفتاح السيسي، مصر النظام لا مصر الشعب. مصر الشعب ٩٦٪ يؤيد حماس. الحكم العار هو اختراق خطير لمفهوم الأمن القومي العربي، ولمفهوم الإجماع العربي على حق الشعب الفلسطيني في مقاومة المحتل الغاصب. وهو محو لتاريخ مصر العريق في دعم حركات التحرر العربية وغير العربية. ثمة دول عربية تخشى تأييد المقاومة علنا، وتخشى من تزويدها بالسلاح أو بالمال، بسبب الخلل في المعادلات الدولية، ولكن الآن نحن أمام دولة عربية هي أكبر الدول العربية في عدد السكان، وهي التي تحتضن الجامعة العربية على أرضها، تعادي المقاومة الفلسطينية، وتعمل ضدها، وتفشل في التفريق بين المقاومة والإرهاب، وتسمي الأشياء بغير اسمها ( إرهاب؟!). تداعيات قرار المحكمة عديدة، إذا ما فعّل النظام السياسي الحكم القضائي، ومنها أن نظام الحكم في مصر لم يعد أمينا على القضية الفلسطينية برمتها، وأنه لم يعد راعيا لملفات المصالحة الفلسطينية، ولن يستكمل المفاوضات غير المباشرة التي كانت بعد قرار التهدئة في حرب العصف المأكول بناء على المقترح المصري نفسه، ومن هنا تبرز قيمة موقف حماس الأول القاضي بالتفاوض غير المباشر في أثناء القتال وبعدم فصل مراحل التفاوض. لاحظ أن المحكمة الأوروبية رفعت قبل أشهر حماس عن قائمة الإرهاب الأوروبية، وقد قررت (إسرائيل) والاتحاد الأوروبي الاستئناف على القرار، والآن تقدم (المحكمة المصرية المستعجلة) هدية ثمينة لطرفي الاستئناف بوضع حماس على قائمة الإرهاب المصرية؟! في أثناء معركة (العصف المأكول) التي استمرت واحدا وخمسين يوما، يقول نتنياهو إن مصر عملت بالتنسيق مع (إسرائيل) بشكل كامل وغير مسبوق ضد حماس، وهذا ما أكدته مراكز الأبحاث الإسرائيلية لاحقا بغرض إيقاع الهزيمة بالمقاومة وبحماس على وجه التحديد، ويومها أعلن نتنياهو أن الإنجاز الأكبر له في هذه الحرب هو ( التحالف) الجديد الذي جمعه مع عدد من الدول العربية، وأنه تحالف جيد لـ(إسرائيل) مستقبلا. نتنياهو لم يسمِّ هذه الدول في تصريحاته، غير أن الصحف العبرية والباحثين ذكروا مصر والأردن والإمارات، ولم تنفِ هذه الدول هذه الأقوال، ولم تؤكدها، غير أن قرار محكمة الأمور المستعجلة يؤكد اليوم صحة ما قاله نتنياهو. الحديث في هذا الموضوع مثير، ولكن المساحة ضيقة، وربما نتحدث فيه مرة أخرى، إن شاء الله.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.