10.01°القدس
9.77°رام الله
8.86°الخليل
15.9°غزة
10.01° القدس
رام الله9.77°
الخليل8.86°
غزة15.9°
الخميس 05 ديسمبر 2024
4.6جنيه إسترليني
5.1دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.62دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.6
دينار أردني5.1
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.62

خبر: "عرب أيدول".. إلامَ يهدف هذا البرنامج بالضبط؟!

قبل أن يدخل إلى "لجنة التحكيم" يظهر وهو يسرّح شعره بمشط، وفي اللقطة التالية يبدأ بالحديث عن نفسه قائلاً: "أنا اسمي أسعد خليل محمود ياسين أسعد واسمي الطبيعي أسعد الأسعد، وع الفيس بوك اسمي "شمس الأسعد"، ويمضي في حديثه بتلك الطريقة المضحكة نوعًا ما: "وماخده من أختي "نجوى كرم" وأنا بحبها"، وحنيني فلسطيني، وقلبي أردني، وروحي لبنانية وبحب الكويت، وخريج "جرافيك دزيان" – مصمم جرافيك-. ويقول: "وملك بمكاني وإلي صفحة فيها أكتر من خمسين ألف معجب أنا الوحيد ع الفيس إلي بعرف أصمم واتحدى الكل"، ويبقى حديثه عن المطربين العرب فذاك يعتبره جده وتلك في مقام أخته، و"التاني في مكانة عمه". طبعًا عزيزي القارئ.. المشهد السابق مقتطف من تعريف متسابق لنفسه في برنامج "عرب ايدول" الداعي لاكتشاف المواهب الغنائية لدى الشباب العربي، وبعدها يظهر هذا المتباري بطريقةٍ استعراضية أمام لجنة التحكيم ليبدأ الغناء بصوته النشاز تماماً، فيصيح أعضاء لجنة التحكيم المكونة من الفنان اللبناني راغب علامة، والمطربة الكويتية أحلام، راغبين بإخراسه دون فائدة، والنتيجة أنهم اعتبروه "كائناً من كوكبٍ آخر"، أما هو "ولا ع باله"!. وأكثر ما يلفت الانتباه في البرنامج أنه يشهد إقبالاً كبيراً من الشباب من مختلف أنحاء العالم العربي، كلهم جاؤوا كي يكتشفوا مواهبهم!..البرنامج الذي يعرض نماذج تدعو إلى العجب والضحك في أغلب الأحيان يحظى بنسبة مشاهدة عالية، كان السؤال الذي يتردد على ألسنتهم:"لماذا يجب أن نكتشف المواهب عبر برامج فيها نوع من الإسفاف لأعظم طاقةٍ في المجتمع، "فلسطين" استعرَضت رأي عدد من الشخصيات الثقافية حول السبل التي يمكن بها أن نكتشف مواهب الشباب العرب بشكلٍ أكثر رقياً وانضباطاً. [title]تجارة.. وإهانة[/title] بدأنا مع الممثلة الأردنية المعروفة "جولييت عواد" التي بدت متحفّظة على هذا النوع من البرنامج الذي هو في الأصل غربي الطراز..عبر الهاتف قالت لنا:"إن النيل من كرامة الإنسان أصبحت موجودة في كل مكان، وغير مقتصرة فقط على ما يعرض في الفضائيات، ولكني هنا ألوم المتسابق الذي يضع نفسه في هذا الموقف". وترى "عواد" أن هناك طرقاً كثيرة ومتنوعة لاكتشاف المواهب، فالنوادي والمراكز الثقافية من أهم الأماكن التي يمكن من خلالها اكتشاف المواهب وتنميتها". وتتساءل بحرقةٍ:"أين رجال الأعمال أصحاب رؤوس الأموال الذين يدّعون الوطنية، لمَ لا يتم إخراج قناة يتم فيها تقديم برامج ثقافية متخصصة، ودراما تلبي احتياجات الناس بأسلوب مناسب". من جهته، يضع الروائي الفلسطيني "رشاد أبو شاور" مجموعة من التساؤلات وهي:"مَن هم القائمون على هذه البرامج؟"، "وماذا يريدون منها؟"، و"من العقل المدبر لها!"، معتبراً أن العملية كلها لا تنطلق من هاجس تطوير الفن والتقاط المواهب ورعايتها وخدمة الثقافة العربية. وينوّه "أبو شاور" في حديثه لـ "فلسطين" إلى أن التجارة هي المحرك الرئيسي لهذا النوع من البرامج، بالإضافة إلى الإثارة التي تسعى لاستغباء الجمهور والسخرية منه، واستغفاله، بالإضافة إلى أنه يهين العقل البشري، ويستغل طموح الشباب الراغب بالشهرة ليقدم ما لديه. ويشير إلى أن الحل البديل هو ما تشهده الشوارع العربية الثائرة والتي عاد فيها من جديد إحياء رموز الشعر والغناء العربي الأصيل، مضيفاً:"الفن الراقي موجودٌ في حياتنا ولكن التعتيم عليه بفعل فاعل، فلدينا فيروز وغسان كنفاني، وسيد دوريش، وأبو القاسم الشابي وعبد الرحيم محمود، بينما الكثيرون ممن يطلق عليهم "مطربون شباب" يسطع نجمهم يستخفّون بالجمهور من خلال طرحهم لأفكارٍ هدامة. [title]هادفة لكن غير جذابة[/title] أما أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت د. "نشأت الأقطش" يلفت النظر إلى أن الفضائيات العربية تجاوزَ عددها الـ (700 قناة)، ونصفها في الغالب يقدم التسلية والترفيه بأشكال مختلفة. ويقول د.الأقطش في حديثه لـ "فلسطين":"طريقة التقديم البسيطة لمثل هذه البرامج هي التي تجذب المشاهد إليها، فمع الأسف نقبل كثيرًا على البرامج التي تسبب السخرية والإهانة لغيرنا". ويبين أنه من الأفضل إيجاد برامج ترفيهية تقدم الفائدة كإجراء مسابقات هادفة، وإبداع أفكار لبرامج خاصة بالوطن العربي بدلاً من استنساخ البرامج الغربية بحذافيرها، منوهًا إلى أن البرامج الغربية تناسب ثقافة المجتمع الغربي لذا لا اعتراض على نوعيتها لديهم، "لكن الحال في الوطن العربي يختلف فليس الوافد من الغرب دومًا مفيداً". أما أستاذ الأدب في جامعة عين شمس في مصر د. منصور عبد الوهاب، تكمن وجهة نظره في الأمر، بأن التلفزيون العربي أصبح يستخف بعقلية المشاهد كثيرًا، مشدداً أن اكتشاف المواهب يتم بطرق أكثر حضارية وبوجود متخصصين وخبراء بارعين في هذا المجال. ويضيف د. عبد الوهاب":"المشكلة في أصحاب رؤوس الأموال الذين يسعون لإنشاء فضائيات تلبي رغباتهم الشخصية كالشهرة والترويج لهم أو اكتساب رضا النظام الحاكم، دون النظر إلى الرسالة الإعلامية الأصلية التي لابد أن تصاغ"، مستدركًا بقوله: "بل ويصل إلى حد إشاعة مفاهيم خاطئة وإحداث مؤامرة على العقل لتغييبه وتدميره". ويرى أن الحل يتمثل في تدعيم المؤسسات التربوية والدينية والإعلامية بمنهجٍ صحيح لمواجهة المنهج الخطأ المتداول حاليًا، والبحث عما يمكن أن يجذب الشباب وتقديمه بصورة هادفة"، منوهاً إلى أن هناك بعض البرامج الهادفة ولكنها لا تقدم بصورة تجذب الشباب. [title]التفاهة سيدة الموقف[/title] كان لا بد من الوقوف على آراء بعض الشباب، فمن جانبها قالت الشابة "ميسون صقر" (23عاماً) أن الملل أصبح الطابع العام الذي يغلب على هذه البرامج، مضيفة: "عفا الزمن على هذا النوع، فالطابع واحد ولكن مع تغيير مقدمي البرامج، والتفاهة سيدة الموقف". وتواصل "صقر" كلامها:"تهدف هذه البرامج لإضاعة الوقت فليس من المعقول أن الهم الوحيد للوطن العربي إعداد مغنيين فحسب، فليس الكل قادراً على الغناء"، داعية إلى توظيف رؤوس الأموال وطاقات الشباب في برامج هادفة تعود بالفائدة على الطرفين. وتتابع: "لمَ لا يتم العمل في بناء المجتمع وإيجاد وظائف للشباب العاطل عن العمل بهذه الأموال التي يتم صرفها بلا مبرر؟"، مبديةً أسفها إزاء وجود فئة مهمشة من الشباب المبدع في مجالات عدة غير الطرب. [title]اقتراحات جديرة[/title] من ناحيته، يبين الشاب "وسام رضوان" (27 عامًا) أن هكذا برنامج خارج عن تقاليد الدين الإسلامي الحنيف، وأنه مجرد تقليد أعمى للغرب بكافة جوانبه، إذ يهدف لغزو ومسح الثقافة العربية الإسلامية وخلطها بنسيج من الثقافات الغربية لنشر الرذيلة والاختلاط. وينوه رضوان في حديثه لـ "فلسطين" إلى أن المتقدمين لمثل هذه البرامج يسعون فقط للشهرة والمال على حساب كرامتهم التي قد تتعرض للإهانة في كثير من الأوقات، مضيفًا: "والأفضل لهم من وجهة نظري البحث عن الذات والنفس في مجالات تعود عليهم بالنفع في الحياة". ويتساءل بقوله: "لما لا تسعى القنوات العربية للتفكير بما يعود بالفائدة على الناس في الحياة الدنيا والآخرة في الوقت ذاته؟!"، مشيرًا إلى إمكانية وجود برامج مسابقات تعتمد على حفظ القرآن الكريم وتلاوته. ويكمل: "هناك أشخاص يملكون خامة صوت رائعة في قراءة القرآن الكريم، لما لا يحدث مثل هذا التنافس الشريف؟!"، موضحًا أن بعض القنوات بدأت تبث برامج للشعر والشعراء وأخرى للإنشاد الإسلامي الهادف، لكنها تحتاج الكثير من الوقت والجهد والعمل ليكون إخراجها الفني كما تلك البرامج الهدامة. من جانبها، تشير الشابة "إسلام بهار" (23 عامًا) إلى أن لجنة تحكيم البرنامج تفتقر إلى الاختصاص من وجهة نظرها لإعطاء الرأي الصحيح، بالإضافة إلى أن نوعية المتقدمين ليست هي المطلوبة، وهناك مواهب كثيرة مهملة رغم حاجتها للمساعدة والاكتشاف" وفق قولها. وتستغرب "بهار" في حديثها لـ "فلسطين" من الاستمرار في التركيز على اكتشاف الغناء فقط لدى المتبارين في الوطن العربي، قائلة: "برامج غناء تلو الأخرى، أين المجالات الأخرى؟!. وتكمل: "طالما ننقل عن الغرب فلننقل ما هو مفيد، فهناك العديد من البرامج التي يتم تقديمها في الغرب وتحمل في مضامينها أفكاراً لاكتشاف المواهب وليس فقط الغناء"، مظهرة رغبتها في برنامج على مستوى فلسطين يتم تمويله بهدف إظهار المواهب الفلسطينية رغم الحصار المفروض والاحتلال الإسرائيلي الخانق.