بينما كنت أتجول في أحد شوارع مدينة غزة، لفتت نظري بعض المعارض والمحلات التجارية التي تعلق لافتة ضخمة وجذابة وبراقة على أبوابها مكتوب عليها "تخفيضات هائلة"، "تنزيلات حتى 30%"، "أوكازيون الصيف". للوهلة الأولى شعرت بسعادة كبيرة لما رأيت، واعتقدت أني سأعود إلى البيت محمل بكثير من الأغراض والكماليات بأسعار مميزة لم يأخذها أحد من قبلي، ولكن في نفس اللحظة تسلل الشك والريبة إلى قلبي فقررت قطع الشك باليقين والدخول إلى أحد المعارض كي "يذوب الثلج ويبان المرج". دخلت إلى المعرض الذي كتب "تخفيضات حتى 30%" وتجولت فيه، لقد كان المنظر رائعاً والمعروضات جميلة جداً، فسألت أحد العاملين في المعرض عن سعر "بدلة" رسمية، فدهشت كثيراً عندما سمعت أن ثمنها 450 شيكل بعد خصم 30% قدر التخفيضات، فقلت في نفسي لعل الرجل صادق، خاصة وأني لا أعرف كثيراً نوعيات القماش. بعدها انتقلت بنظري نحو "بلوزة" عادية معروضة على ملكان، فسألت العامل عن ثمنها، فأخبرني أنها بـ50 شيكل بعد الخصم، فسألته عن سعرها قبل الخصم فقال "80 شيكل"، فقلت له: "إجت الحزينة تفرح ما لقتش مطرح"، عرفت أن كل التنزيلات الهائلة والخصومات الكبيرة ما هي إلا أكاذيب لجلب الزبائن ليست إلا. الحقيقة أن الأسعار في هذه المعارض مضخمة في الأساس، وعند "التنزيلات الهائلة" أو "التخفيضات الكبيرة" لا تعود لأسعارها الطبيعية وإنما تقل الأسعار المضخمة قليلاً ولكن تبقى فوق الأسعار الطبيعية. بعد هذه الحادثة أخذت قراراً بعدم دخول أي معرض يكتب تنزيلات، أو تخفيضات، أو عروض الصيف المذهلة، لأنني علمت أن هذه أوهام تصطاد الزبائن، وحين يدخل الزبون إلى المعرض يدرك حجم الاستخفاف بعقله، ويحصد صاحب المعرض نتائج عكسية لما أراد. وعلمت حينها لأول مرة أن المثل القائل "المكتوب يقرأ من عنوانه"، لا ينطبق على معارض التخفيضات والتنزيلات الهائلة، وأنا عن نفسي لن أذهب لها أبداً.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.