تجلس لوحدك على مقعد، تراقب المارين، وفجأة تزورك مجموعة آراء وأفكار ورسائل دون أن تطلبها: “كل الشباب يحبون شرب الكولا وقضاء وقت على الشاطئ…” رسالة من لوحة إعلانية تروج منتج مشروب غازي. “مواطنون تلك الدولة مغفلين” رسالة من نكتة أرسلت على هاتفك. “أنت مشتت ولا تستطيع التركيز، وتحتاج إلى قراءة مقالتي لتعرف الحل، ثم مشاركتها في تويتر” رسالة من مقالة في الإنترنت. “الجميع يتفاعل مع هذه “الهاشتاق” المهمة انضم إلينا وساعدنا في نشر رأينا” رسالة من تويتة تتحدث عن قضية تهم أصحابها. “هذا المنتج رائع جدًا، جربه لأني جربته وأنا شخص مهم” نقد لمنتج، في موقع بيع منتجات. وجود هذه الرسائل ليس سيئًا، وقد يكون مفيدًا. عدم التفكير بها واستقبالها دون تصفيتها قد يكون كذلك. أفكار الآخرين وآراءهم أصبحت تحيط بنا من كل مكان في هذا العصر، أكثر من قبل: في اللوحات الإرشادية في الأماكن العامة، واللوحات الإعلانية، وفي المواقع الاجتماعية، وفي مقالات الإنترنت، وفي الرسائل التي نتداولها على الهواتف الذكية، رسائل البريد، تقييمات وآراء الناس على المنتجات في الإنترنت، التعليقات في الإنترنت. الكثير من هذه الرسائل والآراء غبية جدًا، والكثير من المعلومات تتطلب أن نفكر للحظة ونقول: “بالله عليك؟! من قال ذلك؟ ومن أين تأتي بهذا التخريف؟”. ومع كثرة الرسائل الفكرية في هذا الزمن، لا نقضي سوى وقت قليل في التفكير فيها، فنحن متشتتون بالوسيلة (الشبكات الاجتماعية والأجهزة) التي تأتي بواسطتها هذه الأفكار. إن لم نقضي وقت بعيدًا عن زحمة الآراء هذه، وقت نفكر فيه، سنكتشف يومًا أننا قضينا فترة من حياتنا في إتباع آراء آخرين، آراء لو فكرنا قليلًا سنجد أننا لا نعتقد بصحتها، أو قد نجد أن هذه الأفكار كانت “موضة” اتبعناها دون التفكير جيدًا فيها، ومضى الوقت دون أن نكون فكرنا الخاص، ونصفي ذهننا لنعرف ما الذي نريد حقًا قضاء عمرنا في فعله. التفكير يجعلنا نميّز الأسئلة التي تحيرنا لكي نعرف الأجوبة عندما نراها، أو نقرأها. ويجعلنا نعرف رأينا ويفحص الرسائل الموجهة إلينا. أعلم أن في عقل كل واحد منا الكثير من المشاغل والهموم، ولا أقترح أن يغير أحد أسلوب حياته (فكل واحد نظم حياته ورتبها على ما يناسبه، وتعب ولا يزال يتعب في المحافظة على هذا الترتيب)، ولهذا أقترح فقط أن نلاحظ الوقت والوضع الذي نجلس فيه في العادة ونفكر، ونستغل هذا الوقت ونطوره، ونستمتع به! :) هذه بعض وضعيات التفكير التي أعتقد أنها تناسب أسلوب حياتنا العصرية، فكرت في كتابتها فقد تلهمكم لملاحظة وضعية تفكيركم المعتادة: [title]تفكير وتأمل[/title] خلال انتظار إشارة المرور. لاحظت هذه الوضعية بعد مشاهدة فيلم لبين أفليك. في الأيام التي يكثر فيها الازدحام ويضطر لانتظار الإشارة، كان يجلس ويفكر في حياته، وكانت لحظات التفكير هذه، هي التي دفعته إلى التسجيل في دورة لمعرفة نفسه بمساعدة الكتابة… المشي. خصوصًا المشي في الطبيعة، المشي على آلة السير برفقة الآيبود، الانتظار. خصوصًا لو كنا نعلم أننا نضطر للانتظار بصورة دورية، كثيرًا ما أجد أني حضرت الجامعة مبكرًا وأقضي الوقت هذا لوحدي في التفكير والكتابة، التخييم في العراء مع العائلة. خصوصًا عندما ينام الجميع وتبقى أنت مع نار مشتعلة وكوب شاي، لو كان الجبن ليس من صفاتك (في الحقيقة، من تجربتي الشخصية أعتقد أن الجبن مفيد، لأني عند التخييم لا أنام بسبب الخوف من أن يأتي شيء يقتلني وأنا في “عز” النوم، لذا تظل أعيني مفتوحة وأقضي سهرة مع ضوء الهاتف ودفتر صغير)، ما قبل النوم، عند الجلوس وقراءة كتاب، الكتابة في أي مكان وعلى أي شيء، أعتقد أن الكتابة تساعد على نقل الأفكار من العقل ورؤيتها مكتوبة على الورق، فيسهل الحكم عليها بواقعية لأننا نراها ونلمسها! :) [title]التفكير والكتابة[/title] الكتابة في مقهى، الكتابة ليلًا عندما يكون كل من في المنزل نائمًا، الشاي والسيجارة، أعلم أن التدخين سيئ جدًا، والذي يجد نفسه مبتلي به، يتعب حتى يتركه… أتذكر أني كنت أجد خالي الحكيم (صاحب الظل الخفيف في العائلة) لوحده يشرب شاي برفقة السيجارة ويكون غارق في التفكير، الجلوس فقط، الجلوس في مكان معين في المنزل، الجلوس وشرب قهوة على الشرفة (البلكونة) في صباح يوم جديد قبل الذهاب إلى العمل أو الجامعة، الجلوس على مقعد في فناء المنزل، السهر مع التلفاز، الهرب للتسكع مع النفس، الاستلقاء على السرير والتحديق في السقف (هل لاحظتم، في الأفلام بعد أن تفعل الشخصية ذلك، تجد فكرة جيدة تحل مشكلتها؟). أحب المشي أكثر شيء في العالم، والكتابة في أي مكان في العالم، أشعر أن المشي يطلق في عقلي أفكار غريبة + غبية + خيالية + أفكار لا ينفع أن أخبر بها أمي + أفكار لو أخبرت بها أحد سأكون بدون أصدقاء + استنتاجات حكيمة. وأشعر أن الكتابة برفقة الشاي والآيبود… الكتابة، ماذا يمكنني أن أقول، الله يرضى عليها، والله عظيمة جدًا وبنت ناس. :) والآن أعرفكم بنفسي، أنا آخر فقرة في المقال، المفترض أن أحتوي على كلمات مفيدة تختم الكلام، ولكن يبدو أنه لا يوجد لدي كلمات، لا أعلم لماذا، حياة الفقرات صعبة، أحيانًا حتى الفقرات تحتاج إلى الراحة وإلى أخذ إجازة… لذا دعوني أرفه عن نفسي بالتحدث معكم عن تصرف مهم لا يحب الناس الاعتراف به، مثل الكتابة على الأسنان! هل جربتم سابقًا فعل ذلك؟ لابد أن تجربوا، لأنه أروع تصرف في العالم. :)
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.