"قلوبنا معكم و مشاعرنا معكم وموقفنا الجوهري معكم ونحن أملنا في الله كبيراً أن يجعل لكم من أمركم رشداً إن شاء الله " ، بهذا الكلمات أجاب رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية على أحد السوريين الذي طلب منه كلمة للشعب الذي يُذبح ، ليسجل موقفاً هاماً ويشكل منعطفاً في التعاطي مع الأوضاع في سوريا بعد الانتقادات الواسعة من قبل الثوار السوريين على تصريحات مشعل عندما تحدث بالوفاء للنظام السوري ، رغم أنه تحدث بشكل إيجابي حول الوفاء للشعب السوري وحقوقه في الحرية . رغم أن كلمات رئيس الوزراء كانت بشكل عابر ورغم أن المقطع المنتشر الآن على العديد من صفحات موقع التواصل الاجتماعي هو عبارة عن عدة ثوانٍ إلا أنه كان موقفاً يسجل له ، حيث تحدث رئيس الوزراء عما يجول في خاطر أبناء الشعب الفلسطيني الذي ساند الثورات العربية كافة بما فيها الثورة السورية وكان يريد موقفاً من القيادة التي اختارها لتمثله وتقوده . هذا الموقف هو الموقف الحقيقي للشعب الفلسطيني مما يجري في سوريا من قتل لأبناء الشعب السوري تحت مسمى المقاومة والممانعة والتي تعتبر حركة حماس جزء منها ، ولكن بالنسبة للشعب الفلسطيني منطق أن يقتل أهلنا في سوريا وتقصف بيوتهم ويحاصروا وتقطع المياه والكهرباء عن المدن في مشهد مقارب لما جرى في غزة من قتل ودمار وقصف وقطع للكهرباء هو منطق مرفوض ، لذلك وقف الشعب بقلوبه مع أهل سوريا وليسجل اليوم قائد حكومته الموقف الذي كان ينتظره أهل المعاناة والحصار. قد يحاول البعض أن يعتبر أن الموقف هذا يجب أن يكون ضمن الحسابات السياسية والتي كان يفضل عدم اللجوء إليها للحفاظ على بعض المكتسبات من هذا الفريق أو من غيره ، قد يكون هذا الكلام صحيحاً ولكن في الحالة التي لا تتعارض مع المنهج والفكر الوطني والثوري للشعب الفلسطيني أو الأخوّة التي تجمع كل المسلمين ، ولا يمكن أن تسوم المواقف السياسية بالمبادئ فالسياسية لا تُبنى على التنازل عن المبادئ ، وإلا لماذا تصمد على حصار وحرب قتلت أهلنا ودمرت بيوتهم ! ليست هذه هي المرة الأولى التي يسجل فيه رئيس الوزراء موقفاً نابعاً من قلوب الفلسطينيين وتفكيرهم فلقد سبق ذلك نعيه للشيخ الشهيد أسامة بن لادن ونعته إياه بالمجاهد المسلم العربي ، في الوقت الذي صمت فيه الجميع وبقي ينظر إلى جرائم أمريكا مآثراً الصمت على إلا يلصق به تهمة الإرهاب . مما لا شك فيه بأن العمل السياسي يختلف عن العواطف والمشاعر ولكن لا يتعارض مع المبادئ ، لذلك كانت كلمات رئيس الوزراء هي سياسية بامتياز ، فهو رجل جاء بإرادة الشعب وينطق بما يريد الشعب ولا ينفصل عن شعبه بمواقفه ، نعم سياسية لأن الشعوب تبقى والأنظمة تزول وهو اختار البقاء إلى جانب الشعب السوري . لا أحد ينكر أن النظام قدم وساعد حركة حماس في مرحلة من المراحل ولكن هذا ليس منة على حماس لأن النظام هو الآخر كان يحتاج إلى حركة حماس ، كما هو اليوم يقتل أبناء شعبه باسم المقاومة والممانعة والمؤامرات الخارجية فهذا غير مقبول فلسطينياً ، لذلك من المفترض أن تتخذ حركة حماس الخارج موقفاً واضحاً من عدم مساندة النظام وليخطو رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل خطوة تاريخية تُسجّل ، ويُسجل موقفاً كما سجل رئيس الوزراء إسماعيل هنية عندما نطق بصوت ولسان شعبه .
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.