ذات يوم جاءت إحدى المعيدات الشابات تشكو زوجها للاختصاصية الأسرية في جامعة الأزهر بمصر؛ لأنه تشاجر معها لسبب تافه، من وجهة نظرها، حينما قال لها: "أريد أن أشرب"، فردت هي: "يا سلام!، الماء عندك، قم واسق نفسك"؛ لأنها تعمل وتشقى مثل زوجها، وهنا غضب واحتد وحدث خلاف بينهما. هذه النظرة القاصرة يتبناها عدد ليس بالقليل من النساء، بعدما غزا عقولهن معتقدات دخيلة خلَت منها بيوت الأمس الهانئة، وجعلت المرأة تتعامل مع زوجها بنديّة مطلقة بالترفع عن طاعته وطلب مساواته بها حتى في الأعباء المنزلية؛ لتتحول الحياة الزوجية إلى معتركٍ "يناطح" فيه كل منهما الآخر ليصلا إلى طريق مسدود، أو طلاق حتمي، "النديّة" مع الزوج نهج تسير عليه بعض الزوجات لإعلاء كلمتهنّ على كلام الزوج، فما مستقبل الحياة بين هؤلاء الأزواج؟، وهل من الممكن أن تسير عجلة الحياة مع زوجة "نديّة"؟ [title]سنة أولى زواج [/title] تقول العشرينية "خولة": "في العام الأول من زواجي كنت أناطح زوجي وأجابهه، وأعامله بنديّة، فكلما طلب مني شيئًا ككي الملابس رفضت إجابة طلبه، وأخبرته بأنه مادام قادرًا على فعل شيء ينبغي أن يفعله، ولا يطلبه مني، متجاهلة دوري زوجة، فكانت النتيجة سيئة جدًّا، إذ تدب الخلافات بيننا، وتنتهي بخصام قد يستمر عدة أسابيع، كانت حالتي النفسية خلالها سيئة، ما ينعكس على أطفالي، ولكن بعد تفكير عميق اهتديت إلى الطريق الصحيح، فتخليت عن كبريائي، وأخرجت النديّة من حياتي، حتى صرتُ أبتكر أساليب لإرضاء زوجي، إلى أن أصبح أكثر تعلقًا بي، وأشد حرصًا على إسعادي". وتشير "خولة" إلى أن تجربة العِناد فشلت في تحقيق أهدافها المتمثلة في السيطرة على زوجها، وإعلاء كلمتها على كلامه، مبينة أن الرجال يكرهون المرأة العنيدة، و"المُسترجلة"، وينفرون منها. ونصحت النساء من واقع تجربتها بمحاورة الزوج حينما تخمد نيران غضبه، حتى تصل الواحدة منهن إلى مرادها، إن كان به خيرًا، لافتة إلى أن اتباع ما حث عليه الإسلام في العلاقات الزوجية يجنب المرأة كثيرًا من المشاكل. [title]على شفا "طلاق" [/title] أما "بيان" فهي امرأة عاملة مضت أربعة أعوام على زواجها بـ"أحمد" الذي يعمل في القطاع الحكومي، تتحدث عن تجربتها قائلة: "لطالما تمنيت زوجًا بارًّا بي، ومعينًا لي، ولكني اصطدمت بواقعٍ مختلف تكون الكلمة الأولى فيه للرجل الذي يرى أن المرأة مطالبة بتوفير احتياجاته، والاهتمام به، وهو ما سبب مشكلات كبيرة بيني وبينه"، مبينة أن مما زاد حدة المشاكل تأليب إحدى صديقاتها عليه، إذ زرعت في ذهنها أفكارًا غريبة وتتناقض مع رجولة الأزواج. من ذلك أشارت إلى أن صديقتها جعلت لديها اعتقادًا راسخًا بأن في طاعة الزوج إهانة للمرأة، وفي حسن التبعّل له إذلالًا، وفي إعطائه قدره ومكانته انتقاصًا من قدر الزوجة وقيمتها، وأن الاعتراف بجميل الزوج تشجيع له على الاستعلاء والتسلط عليها. وتضيف: "صرت أقارن بين وضعي المادي، وراتبه شبه المتوقف، وأذكره بأنني امرأة عاملة، ما لا يحتم علي خدمته، وتحمل كل أعمال المنزل، وصلت الأمور بيننا إلى طريق مسدود، وانقطع الود والحب من حياتنا، إلى أن أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من الطلاق"، مبينة أنه لولا تدخل أمها وحكمتها التي أجبرتها على تغيير معتقداتها لحصل الطلاق. [title]أغراب [/title] الاختصاصية الاجتماعية د. فتحية اللولو ترى أن "النديّة" مع الزوج خيارٌ فاشل في المجتمع الشرقي والإسلامي الذي أقرّ بقوامة الرجل على المرأة، مؤكدة أن المرأة مطالبة بالرضا بقوامة الرجل واحترامه وتقديره. وتبين أن "النديّة" المطلقة، وخلو الحياة الزوجية من المودة والرحمة يجعلان الزوجين غريبين، ويحولان حياتهما إلى حلبة صراع، مشيرة إلى أن المحيط والواقع يرفضان استسلام الرجل لزوجته، وإن رضي هو بذلك. وتقول: "وقوع الزوجة تحت كنف زوجها، وفي حمايته يسعدها أكثر من إحساسها بذاتها وقدرتها على الاكتفاء والاستغناء عنه، وهي فطرة جبلنا الله عليها، فبالنظر إلى الوراء قبل سنوات نجد أن أمهاتنا والنساء عامة كن أكثر سعادة، إذ لم يكن يربطهن بأزواجهن سوى الحب والعشرة، والحرص على استمرار الحياة"، مشيرة إلى أن خروج المرأة إلى العمل وتغير الاهتمامات في زماننا أثرا على معايير الزواج. [title]بإطاعته ينقلب حالك [/title] وتبين د. اللولو أن طلب الرجل بعض الطلبات كإحضار كوب من الماء، أو إعداد مشروب ما لا يقتصر على بذل جهد جسدي، وإنما هو دليل على صلة الود والرحمة بين الزوجين، قائلة: "فهي حينما تقدم له كوبًا من القهوة، وتصطنع ابتسامة وتقول له: "تفضل يا عزيزي"، ثم تتبعها بقولها: "كم كنت متعبة حينما قمت لإعداده!، ولكن هذا لا يهمني، فإسعادك هو مطلبي"؛ ستفاجأ بمدى الحب الذي سيمنحها إياه، وقد يبادر هو إلى خدمتها". وتؤكد أن الزوجة التي تعامل زوجها بندية ستجر الويلات على نفسها؛ لأنه سيحاول كسر أنفها ليثبت أنه الرجل وصاحب الكلمة، وسيقف عند كل تصرف، أو سلوك منها، وإن كان لا يستحق الوقوف عليه. وتلفت إلى صنف من الرجال، وهو غير المكترث للمرأة، الذي لا يأبه بتعبها، مبينة أنها في هذه الحالة عليها الصبر والاحتساب بدلًا من التذمر الذي قد يفتعل المشكلات، دون محاولة الحصول على عون الزوج قسرًا، لافتة إلى أن الخروج من الندية يتطلب من كلا الزوجين أن يدركا أنهما يكمل الواحد منهما الآخر، ولا غنى له عنه.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.