فيما تنشغل وسائل الإعلام العربية والدولية بتغطية أحداث وفعاليات الربيع العربي وحراكاته الثورية والشعبية في عدد من الدول التي كان يظن أنها تجاوزت مرحلة الثورة إلى مرحلة ما بعد الثورة وإعادة بناء الدولة، كما في مصر وتونس، انضم العراق إلى موجة الاهتمام من خلال سلسلة التفجيرات التي انهالت على العاصمة العراقية إثر التوتر السياسي الذي نشأ بعد توجيه الاتهام إلى نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي، وما تلاه من سجالات سياسية بين قائمتي العراقية والائتلاف الوطني العراقي بزعامة نوري المالكي. فيما خلف الكواليس، تبدو التجاذبات بين إيران والولايات المتحدة على أشدها، والغاية منها تأمين أمن الكيان الإسرائيلي والملف النووي الإيراني، وهي تجاذبات تجري تحت الطاولة حتى لا تنتقل تداعياتها إلى الظاهر والسطح وتزيد من مستوى الاحتقان والانفجار القائم. وبينما فاخرت الحكومة السودانية بمقتل خليل إبراهيم، رئيس حركة العدل والمساواة في دارفور المعارضة للنظام السوداني، وتباهت بقتله "كقصاص رباني" على ما قام به، وتخوف بقية المراقبين من تداعيات هذا الحدث على المشهد السوداني، خاصة أن خليل إبراهيم كان معروفاً بعلاقاته مع الكيان الإسرائيلي وكونه مدعوماً منه، كشف الكيان الإسرائيلي عن مغامرة هجومية جديدة على الأراضي السودانية، جاءت صادمة لبعض المتابعين للشأن السوداني، في توقيتها ورمزيتها. التلفزيون الإسرائيلي أعلن بداية الأسبوع عن شن سلاح الجو الإسرائيلي في الأيام العشرةِ الأخيرةِ هجمات على قافلتَي أسلحةٍ في السودان على مقربة من الحدودِ المصرية. هذا، على الأقل، ما أوردتْه وسائل الإعلام السودانية غير الرسمية، أما "إسرائيل" الرسمية، فلم تؤكِّد أوْ تنف ذلك. كما يبدو، ومنْ وراءِ الستار تتواصل الحرب بكل قوَّتِها بين إيران و"إسرائيل" حولَ عملياتِ تهريب الأسلحة، على حد تعبير وسائل الإعلام الإسرائيلية. ومرةً أخرى كانَ السودان حلبةَ المواجهة. التقارير الصحفية في السودانِ تتحدثُ اليومَ عنْ هجومَيْن حصلا في الأيامِ العشرةِ الأخيرةْ. وبحسْبِ المصادرِ السودانية، فقد هاجم سلاح الجو الإسرائيلي مرتَيْن قوافل "مُهربِّي أسلحةٍ" في شرقِ السودان. في الغارة الأولى تمَّ قصف سيارتَيْن من طراز "لاند كروزر"، وقُتِلَ في العمليةِ أربعة أشخاص على الأقل. وفي الثانية، قُتل على الأقل اثنان من رُكابِ إحدى السياراتْ. كذلك تحدَّثتْ بعضُ التقارير الصحفيةِ عن هبوط مروحية إسرائيلية على مقربة من محطةِ "رادار" تابعةٍ للجيشِ السوداني، وتحدَّثت تقارير أخرى عن غواصةٍ إسرائيليةٍ توغَّلتْ داخلَ المياهِ الإقليميةِ للسودان. وكما جرتِ العادة، فـ(إسرائيل) الرسمية التزمتِ الصمتَ اليومَ، كما فعلتْ بالنسبةِ للغاراتِ السابقةِ على أهدافٍ في السودان في السنواتِ الثلاثِ الأخيرة. الأسبوعِ الماضي، منحَ رئيس الأركان أوسمة لقائد ومقاتِلي وحدةِ الكوماندو البحري (شييطيت – 13) نظير العمليات السرية التي نفذوها ضد أهداف بعيدة جداً. وفي شهر نيسان أبريل الماضي، تحدثت تقارير صحفية سودانية عن تصفية أحد أكبر موردي السلاح إلى فصائل المقاومة الفلسطينية، الذي حلّ مكانَ محمود المبحوح، الذي تم اغتياله في أحد فنادقِ دبي، ونُسِبت تلكَ العملية إلى جهاز "الموساد" الإسرائيلي. وبعد عملية "الرصاص المصبوب"، تحدثت مصادر صحفية سودانية عن هجومٍ واسعٍ قُتلَ فيهِ العشرات. ولكن لماذا السودان بالذات؟ وَفقاً لمصادرَ أجنبية، فإنَّ خطَّ تهريب الأسلحةِ ينطلق من ميناء "بندر عباس" في إيران. وفي السودان، تتمُّ عملية شحن الأسلحةِ في السيارات، وهناكَ على (إسرائيل) تدمير قوافل السيارات المُحملة بالأسلحةِ قبل أن تتمكَّنَ تلكَ القوافلُ منَ التسلُّل عبر الحُدود المصرية في سيْناءَ وعبْرَ الأنفاقِ على محور فيلادلفيا إلى قطاع غزة، بحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية التي أعلنت الخبر. وإذا كانت (إسرائيل) تدير بالفعلِ معركة ضد تهريب الأسلحة من إيران، كما تزعم وسائل الإعلام الإسرائيلية، ففي هذهِ المعركة يشارك "الموساد" وشعبةُ الاستخباراتِ العسكريةِ وسلاح البحريةِ، بأسلحتِهِ المختلفة مثل وِحدة الكوماندو البحريِّ، وسفن الصواريخ والغواصاتِ أيضاً، وبالطبعِ من خلال تعاون واسع مع الطائراتِ الإسرائيلية، ويبقى السؤال: هل لإعلان السودان رسمياً عن مقتل أحد زعماء المعارضة الشرسين في دارفور أي علاقة بالضربات الجوية التي جرت مطلع الأسبوع، وأعلن عنها التلفزيون الإسرائيلي؟ وهل جاء مقتله كرد سوداني على تلك الضربات الإسرائيلية بحكم علاقته الوثيقة مع الكيان الإسرائيلي؟ وكيف يستقيم الحديث عن وجود خط لتهريب السلاح من إيران إلى غزة عبر السودان في ظل التقارير التي تتحدث عن اشتعال صحراء سيناء وامتلائها بالسلاح القادم من ليبيا بدل السودان؟
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.