هم أهل الحكمة ورجاحة العقل، ذوو الخبرات التي اكتسبوها على مر عشرات السنين، راكموا التجارب النضالية ضد الاحتلال التجربة تلو الأخرى، فكانوا شيبان الشعب الفلسطيني، ذاك الشيب الذي لم يزدهم إلا تقديرًا واحترامًا من أبناء شعبهم.
العطاء الذي قدمه أولئك، من أجل وطنهم وقضيتهم، لم يقتصر على ذواتهم، فهم في الوقت ذاته آباءٌ للأسرى والشهداء والجرحى، ورغم كل ذاك، كان جزاؤهم من أجهزة السلطة، أن غيّبتهم زنازينها عن أهاليهم ومحبيهم خلال الشهر الفضيل.
وبدل أن يكون أولئك الكبار سنًا ومقامًا، بين أبنائهم وأحفادهم على موائد شهر رمضان المبارك، كانوا يدفعون فاتورة المقاومة، فأحاطت بهم الأسوار، وكبلتهم أصفاد بني الجلدة.
من سجنٍ لآخر
هي مقولةٌ يُعَبّر بها عن واقع معيشة القيادي في حركة حماس الشيخ شاكر عمارة (55 عامًا)، الذي تعتقله أجهزة السلطة في سجن أريحا المركزي، حيث كان من ضمن معتقلي الحملة الأمنية الأخيرة التي شهدتها مختلف محافظات الضفة.
الشيخ عمارة الذي تعود جذوره إلى قرية "صرفند الخراب" غربي مدينة الرملة المحتلة، الذي ولد في مخيم عقبة جبر بمدينة أريحا عام 1960، كان من قدره بأن يكون على الدوام على رأس القائمة بأية حملة اعتقالات تشنها قوات الاحتلال أو أجهزة السلطة في الضفة الغربية.
تغييب رجالات الإصلاح
ولم يختلف الحال كثيرًا لدى القيادي في حركة حماس بمحافظة طولكرم عبد الله ياسين (50 عامًا)، الذي اعتادت وسائل الإعلام المحلية تناقل اسمه بالاعتقال أو الإفراج من سجون الاحتلال أو من أجهزة السلطة التي تواصل اعتقاله حاليًا.
الشيخ ياسين الذي ولد عام 1965 في بلدة كفر اللبد بمحافظة طولكرم، ويحمل البكالوريوس في الشريعة الإسلامية من جامعة النجاح، ينظر له كأحد الرموز الوطنية والإسلامية في محافظته، وكذلك من وجهائها ورجالات الإصلاح فيها.
شموخ الشيوخ
حسام حرب، هو مثالٌ آخر لعطاء كبار السن في الضفة الغربية، فهو الشيخ الجليل ابن قرية اسكاكا قضاء سلفيت، الذي كسا الشيب رأسه، وقد عُرف بصوره التي ألتقطت له داخل الأسر شامخًا لا يهاب السجان.
ويعاني الشيخ حرب، وهو القيادي في حركة حماس، من العديد من الأمراض، فيما يُعرف في قريته وبين اخوته في الأسر، بالخطيب والمؤذن والواعظ.
وتطول القائمة في سرد كبار السن، ممن طالتهم يد الغدر الأمنية، في تطاولٍ واضحٍ على شيوخ الشعب الفلسطيني ومناضليه، ممن عايشوا الحقب وسجلوا التاريخ، حيث تواصل الأجهزة الأمنية اعتقال كلٍ من المسنين: عاطف رباع من الخليل، وعمر خريوش من طوباس، وعمر دراغمة من طوباس، وكذلك محمد سعيد خريوش من طولكرم.