تأكد أخيراً قرار السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس عدم رغبته بالترشح لمنصب رئاسة المكتب في دورته التنظيمية القادمة، وبدون شك فإن السيد مشعل لن يعتزل العمل السياسي أو يعود إلى الصفوف الخلفية في الحركة وإن كان تغيير المواقع صعوداً أو نزولاً نهجاً أصيلاً وظاهراً في جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس. قرار مشعل أثار الكثير من التكهنات وردود الأفعال، ولسنا نهتم سوى بالتوقعات المتعلقة في الدور المقبل للسيد خالد مشعل، وخاصة أن قراره جاء في قمة عطائه مع احتفاظه بمؤهلات عالية تمكنه من لعب دور فاعل في ظل التغيرات والتحولات على الساحة العربية التي أصبحت فيها جماعة الإخوان المسلمين لاعباً أساسياً في المنطقة، مع التأكيد بأن الاهتمام بقرار مشعل لا يأتي من باب الفضول وإنما من باب متابعة التطورات التي تشهدها أكبر حركة مقاومة في فلسطين واستشراف خطواتها المستقبلية. هناك من يعتقد بأن حركة حماس تريد إسناد رئاسة المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى مشعل، ولكن هذا احتمال غير واقعي، حيث إن انتخابات المجلس الوطني متعلقة بالمصالحة الداخلية وهي متعثرة، كما أنها مرتبطة بجميع الفصائل الفلسطينية وليست بحماس وحدها، فضلاً عن حجم الضغوط الدولية والإسرائيلية التي من الممكن توقعها حتى لا تكون قيادة المنظمة بيد الحركات الإسلامية _لاسيما حماس_خشية من نسف اتفاقية أوسلو برمتها وعودة الجهاد والكفاح المسلح إلى أجندة منظمة التحرير الفلسطينية من جديد. بعد اجتماع قيادات حماس من داخل وخارج فلسطين في الخرطوم في أواخر ديسمبر الماضي قيل بأن حماس قررت تشكيل حزب الإخوان المسلمين الخاص بفلسطين، ووجدنا الحركة تعيد إحياء فكرة الاندماج مع حركة الجهاد الإسلامي بقوة وكذلك تم التأكيد على قرار مشعل محور الموضوع، ومن ذلك نستنتج بأن الحركة تسعى إلى صياغة جديدة لسياستها في الداخل والخارج ترتبط بالمتغيرات على الساحة العربية بشكل أساسي، وربما بمشروع المقاومة السلمية الذي أصبح أحد الخيارات المتبناة من قبل الحركة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي في الداخل، وإن صحت التوقعات فإن حماس تسعى إلى بناء جبهة مقاومة موحدة تنخرط فيها حماس والجهاد وتنظيمات أخرى بالتوازي مع وجود تنظيم مستقل لجماعة الإخوان المسلمين للعمل السياسي قد يتم الإعلان عنه في الأشهر القليلة القادمة وليس مستبعداً أن يكون السيد خالد مشعل هو رئيس التنظيم أو المراقب العام للجماعة في فلسطين.