32.23°القدس
31.99°رام الله
31.08°الخليل
33.67°غزة
32.23° القدس
رام الله31.99°
الخليل31.08°
غزة33.67°
السبت 12 يوليو 2025
4.5جنيه إسترليني
4.7دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.89يورو
3.33دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.5
دينار أردني4.7
جنيه مصري0.07
يورو3.89
دولار أمريكي3.33

يرفضها المواطنون

خبر: المنع من السفر سياسة إسرائيلية حولت الضفة لسجن كبير

يحاول سعادة أبو رضوان -32 عاما- من إحدى قرى طولكرم اجتياز الحدود الفلسطينية - الأردنية منذ أكثر من عشر سنوات، لكنه لم يفلح في ذلك مطلقا، بسبب منع سلطات الاحتلال الإسرائيلي له دون حجة تذكر.

فرغم أن الحدود بين الدولتين لا تزيد عن خمسة كيلومترات، إلا أنها "سفر سنة" بالنسبة لـ"أبو رضوان"، كما قال.

ويضطر المسافر من الضفة الغربية أو القادم إليها من الأردن سلوك معبر "الكرامة" أو المعروف بـ"جسر اللنبي"، والخضوع لإجراءات من السلطة الفلسطينية، ثم من سلطات المعابر الإسرائيلية، وأخيرا بقسم الجوازات والمعابر على الجانب الأردني.

يقول أبو رضوان لـ"فلسطين الآن" معبرا عن مأساته: "كنت قد انهيت لتوي المرحلة الجامعية عام 2005، وحظيت بمنحة لمتابعة دراستي في الخارج، وشعرت أن حلمي بدأ يتحقق.. تقدمت بطلب الحصول على جواز سفر، واتممت المعاملات كاملة، فهذه أول مرة سأسافر في حياتي.. وبكل هدوء أنهيت الإجراءات على المعبر الفلسطيني، لكن حصل ما لم يكن بالحسبان".

فما إن تقدم الشاب نحو الشباك حيث تجلس موظفة إسرائيلية وأعطاها جواز سفره، حتى ضغطت على الكمبيوتر الذي أمامها ونظرت إليها، وقالت له بلكنة ركيكة "روح اقعد هناك".. لم يفهم منها ما قالت، فكررت العبارة بصوت أعلى، فنكزه رجل كان يقف خلفه في الطابور وأشار عليه بالرجوع والجلوس على مقعد الانتظار لحين الانتهاء من فحص أوراقه.

يعود أبو رضوان بالذاكرة لتلك الحادثة بالقول "لم أفهم ما الذي يجري بالضبط.. لكنني جلست حتى عصر ذلك اليوم الحار دون أن يكلمني أحد، فجاء جندي إسرائيلي ودون أن ينبس بكلمة، أشار لي بأن ألحق به،، سرنا حتى وجدته يأمرني بالصعود لحافلة، فركبت دون ان أعرف إلى أين ستتجه بنا.. كنا وقتها نحو 20 رجلا وإمراة من مختلف الأعمار... اعتقدت لوهلة أنهم جمعوا المتأخرين معا وسنسافر في حافلة خاصة للأردن.. لم اتحدث مع أحد من الركاب، إلا عندما لاحظت أن السائق التف جهة الأراضي الفلسطينية وعاد أدراجه.. فتح الباب وقال "يلا إنزلوا... حمدا لله ع سلامتكم"..

وقتها أدرك أبو رضوان أنهم لم يسمحوا له بالسفر، ومن حينها وهو يجاهد في تجاوز تلك الحدود دون فائدة تذكر".

تنكيل وإهانة

ويتعرض المواطنون بشكل عام للإهانة والتنكيل خلال سفرهم عبر معبر الكرامة إلا أن الممنوعون من السفر يجابهون إهانة وإذلالاً أكبر، حيث يحتجز المحرومون لساعات ولا تقدم لهم أي مبررات أو تفسيرات.

يقول الشاب وائل البرغوثي من قرية كوبر برام الله وسط الضفة الغربية عن تجربته بالمنع من السفر "احتجزنا لساعات حتى انتهاء دوام الجسر، حتى انتهى دخول حافلات المسافرين، فاصطحبنا الإسرائيليون إلى الجانب الأردني ليحضر الجميع حقائبهم التي تبقت بعد مرور كل المسافرين في ذلك اليوم ومن ثم تمت إعادتنا".

ويلفت إلى أنه كان ضمن من منعوا معه من السفر سيدة وزوجها المريض الذي كان ينقل في إسعاف ومواطن يجمل الجنسية الكندية أعادوه هو وأطفاله الثلاثة، وشاب يعمل في أفريقيا وحضر قبل عدة أيام واحد لزيارة أهله في الضفة.

ويشير البرغوثي إلى أن الضابط المتواجد على الجانب الإسرائيلي قال بطريقة غير مباشرة إن السبب في المنع هو الأحداث في الضفة والقدس تحديدا "وطلب منا مراجعة الارتباط لمعرفة الأسباب وأخذ التبريرات، أنا لم أراجع الارتباط عند عودتي إلا أنني اتصلت للاستفسار وقيل لي إن هذا المنع يتمدد أو يتوقف كل شهر".

المنع يطال ذكورًا وإناثًا

ورغم أن المنع يطال الذكور بالدرجة الأساسية، إلا أن محاضرة بجامعة النجاح بنابلس ممنوعة من السفر منذ مدة، ما حرمها من المشاركة في العديد من المؤتمرات الدولية.

المحاضرة التي طلبت عدم ذكر إسمها-أكدت انها تسافر من مدة طويلة جدا، لكنها فوجئت العام الماضي بإرجاعها، ورفض ضابط المخابرات الإسرائيلي مقابلتها بناء على طلبها لاستيضاح الأسباب.

تقول لـ"فلسطين الآن" إنها تقدمت من خلال منظمة "هموكيد" الحقوقية في القدس المحتلة بطلب لسلطات الاحتلال لتبيان سبب حرمانها من تجاوز الحدود، لكنها لم تتلق ردا.

وكشفت أن هذا القرار الظالم أثر بشكل كبير على مشاركاتها التي كانت شبه سنوية في مؤتمرات علمية، كما حرمها من لقاء ابنها المقيم بدولة أوروبية، حيث اعتادت السفر وقضاء الإجازة عنده.

وتذرع الاحتلال كذلك بحجج واتهامات واهية ساقها لمنع الكثيرين من السفر كالمشاركة بفعاليات تؤيد المقاومة على الأرض أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال العدوان على غزة.

لكن الأمر بالنسبة للصحفي مصعب الخطيب غير مرتبط بأحداث غزة أو غيرها بل نتيجة عقاب جماعي يمارسه الاحتلال ضد الفلسطينيين.

ويقول الخطيب إنه مُنع عدة مرات خلال السنوات الثلاث الماضية وتساءل ما إذا كان الاحتلال قد تحقق خلال هذه السنين من "أنني لا أشكل خطرا أمنيا عليه؟".

مضار كبيرة

وتتسبب سياسة منع السفر بجملة من الانتهاكات تمس بشكل مباشر بحقوق مدنية أساسية للمواطنيين للفلسطينين، أبرزها تعطيل حقهم في العلاج والتعليم، بالإضافة إلى السفر من أجل العمل وأداء الشعائر الدينية واللقاء بالأهل.

وهي محاولة من المخابرات الإسرائيلية لاستغلال الحاجة الملحة للراغبين بالسفر بابتزازهم من أجل التعاون الاستخباري مع الجهاز، أو توقيعهم على وثائق تسقط حقهم بالعودة مجدداً إلى مدنهم وقراهم.

يترافق هذا المنع مع ممارسات تتصف بالمذلة تتمثل بالتفتيش الدقيق العاري والتحقيق والانتظار لساعات طويلة ضمن ظروف صعبة وعدم تقديم إيضاحات حول أسباب ارجاعهم ومنعهم والاكتفاء بعبارة اسباب أمنية.

كما أنه من الممكن احتجازهم وتحويلهم إلى الاعتقال الاداري غير القانوني الخاضع لرغبات المخابرات.

 

حملة مناهضة

وأطلق مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية "حريات" حملة وطنية لمناهضة سياسة منع السفر الإسرائيلية لمجابهة هذه السياسة التي تلحق أفدح الضرر بعشرات الآف المواطنين من مختلف الشرائح، ما يشكل انتهاكاً سافراً لحق انساني أساسي أصيل كفلته الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، خاصة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان "المادة 13"، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية "المادة 12 فقرة 2" واتفاقية جنيف الرابعة "المادة 35" لعام 1949 التي نصت جميعها على حق المواطن بالسفر والتنقل والحركة إلى خارج وطنه والعودة إليه متى شاء.

وتستدعي هذه الجريمة الصامتة -كما وصفها مدير المركز حلمي الأعرج- التي تمارس على نحو منتظم منذ بداية الإحتلال كإجراء تعسفي وعقاب جماعي تحركاً وطنياً ودولياً لإطلاع الرأي العالمي على الآثار السلبية المترتبة على هذه الجريمة وتوظيف آليات القانون الدولي لوضع حد لها.

وبغية انجاح هذه الحملة، دعا الأعرج القوى الوطنية والإسلامية وكافة المؤسسات الرسمية والأهلية والمتضررين من هذه السياسة الانخراط فيها، بما يشمل تشكيل لجان متخصصة في المحافظات، وتنظيم أنشطة وفعاليات وتوثيق الحالات الممنوعة من السفر.

وحول دور السلطة أكد الأعرج أن "السلطة والشعب تحت الاحتلال، "وأنه في الواقع لا سلطة للسلطة الفلسطينية على الأرض، فالمعابر تحت سلطة الاحتلال "وأوسلو لم تبقَ للسلطة ولم تذر وأعطت صلاحية السيطرة على المعابر للاحتلال الإسرائيلي.. وعلينا ألا نخجل من القول أن الأحقية حسب أوسلو ليست للسلطة".