تزخر زنازين الأجهزة الأمنية في مختلف سجونها الموزّعة بين محافظات الضفة الغربية، بالعديد من الحكايات والروايات "المبتورة" قسرًا، أبطالها مناضلون اكتووا بنيران ذوي القربى، فمنعهم الاعتقال السياسي من إكمال قصصهم، وإتمام نجاحاتهم بالحياة، أو لنقل من الحياة نفسها!.
ففي كل زنزانة من تلك الزنازين، قصةٌ وحكايةٌ نَسْجُها المعاناة والألم، والأنين والشجن، ورغم كل ذلك، فجدرانها لا زالت تصدح بقول الحق، وترنّ أسماعها بأصوات الصبر والتمسك بمبدأ المقاومة وأهلها.
العاشق المحروم
فقصة العشق التي عاشها ولا زال الأسير المحرر فادي حمد، وهو من سكان بلدة بيرزيت شمالي رام الله، لم تعرف "كتب الرومانسية" فك لغزها، ولا فهم مفرداتها، فهو عشقٌ حُرم منه فادي وخطيبته سيما متولي، بسبب الاعتقالات المتكررة لدى الاحتلال التي كان مجموعها 6 سنوات، حتى جاء الفرج بالإفراج عنه، لتستلم السلطة راية التنغيص وتعتقله قبل عدة أيام.
فادي الذي من المقرر أن يتمّ مراسم زفافه السبت الموافق (30-8)، لم تتركه الأجهزة الأمنية لوحده، فجاءته وهو في غمرة انشغاله بتجهيزات العرس لتختطفه من بين أحبته، فيكون نصيبه زنزانة انفرادية في أحد سجون رام الله.
ورغم الودّ والاتزان والهدوء والعطف الذي حباه الله لفادي، وهو رئيس مجلس طلبة جامعة بيرزيت في العام 2007، إلا أن أجهزة السلطة لم تترك له يوم هناء، فكانت تنتظره بعد كل إفراج من سجون الاحتلال، حيث اعتقل لدى السلطة أكثر من مرة، قضى خلال آخرها أكثر من 3 شهور، لتُفرج عنه أجهزة السلطة فيتلقفه الاعتقال الإداري مجددًا لمدة 24 شهرًا.
وخاض فادي حمد، الإضراب عن الطعام أكثر من مرة داخل سجون الاحتلال، حيث كان أحد قادة إضراب الكرامة الذي خاضه الأسرى الإداريون عام 2014، وكان عضوًا في لجنة الحوار مع إدارة السجون خلال الإضراب.
الصحفي الطموح
أما عامر أبو عرفة هو صحفي أحب الحرية وعملها من أجلها، تمسك بما تحمله مهنته من معاني حرية الرأي والتعبير والحركة والعمل، إلا أن ذلك لم يشفع له عند العصا الأمنية الغليظة لأجهزة السلطة.
حمل الصحفي أبو عرفة هموم شعبه، فطاف يغطي بقلمه وعدسته تفاصيل حياة الفلسطيني ومعاناته من الاحتلال، غير آبه بملاحقات ومضايقات الاحتلال أو أجهزة السلطة الأمنية.
أبو عرفة الذي يعمل مراسلًا لإحدى الوكالات المحلية، اعتقل لدى الاحتلال والسلطة مرات عديدة، كان يواجَهُ خلالها بتهمٍ تتعلق بعمله الصحفي، متسائلًا على الدوام "عن أي حرية تعبير تتحدثون؟!".
إذًا، فهو الحق في التعبير عن الرأي الذي يقاتل الصحفي عامر أبو عرفة لانتزاعه من سجانيه الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، حق لا ينوي التنازل عنه ما دام الاحتلال متواصلًا، والظلم لأبناء شعبه لم ينته بعد.
وأفرج أمس السبت عن الزميل أبو عرفة بعد اعتقال دام 5 أيام على خلفية عمله الصحفي، إلا أن "الاعتقالات السياسية" لا زالت موجودة وتهدد حياة كل مواطن "حر".