لا تزال أزمة المهاجرين غير النظاميين الفارين من نيران الحروب والنزاعات في سوريا والعراق ومناطق أخرى نحو أوروبا متواصلة ومتفاقمة، فيما أعلنت النمسا العثور على جثث نحو خمسين مهاجرا في شاحنة، وهو ما شكل "صدمة" للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
وفي مواصلة لرحلتهم تدفق آلاف المهاجرين غير النظاميين ومعظمهم سوريون على حدود المجر قادمين من صربيا، حيث تمكن عشرات منهم من عبور الحدود ودخول الأراضي المجرية ليتجهوا بعدها بالحافلات إلى النمسا.
وقال متحدث حكومي مجري إنه يجري بحث الاستعانة بالجيش للمساعدة في تأمين الحدود الجنوبية التي يتدفق منها اللاجئون.
وذكرت الشرطة المجرية أن آخر إحصاءاتها تدل على أن نحو ثلاثة آلاف لاجئ يدخلون يوميا أراضيها من بينهم سبعمئة طفل.
ومن المقرر أن يناقش البرلمان المجري الأسبوع المقبل إمكانية نشر قوات من الجيش لوقف تدفق المهاجرين بعد اندلاع العنف لفترة وجيزة في مركز لتجميع اللاجئين بالقرب من مدينة روزكي على الحدود المجرية.
رحلة وسبل
من جهة أخرى، تقطعت السبل باللاجئين السوريين والعراقيين في صربيا فاضطر كثير منهم إلى افتراش الأرض والانتظار في ظروف صعبة ريثما يتمكنون من مواصلة رحلتهم بغية الاستقرار في دول أوروبا الغربية.
ويواجه هؤلاء اللاجئون تعقيدات عدة بحكم أن عددا من الدول الأوروبية ترفض استضافتهم بحجة ظروفها الاقتصادية.
كما وصلت أعداد من المهاجرين غير النظاميين إلى بلدة غيفغليا المقدونية قرب الحدود مع اليونان.
وتجمعت أعداد من المهاجرين في البلدات القريبة من الحدود المقدونية اليونانية ليتم نقلهم في ما بعد بالقطار باتجاه الحدود الشمالية مع صربيا.
جثث ومأساة
على صعيد متصل، قالت الشرطة النمساوية إنها عثرت على جثث نحو خمسين مهاجرا غير نظامي في شاحنة كانت متوقفة على طريق سريع شرقي البلاد.
وعثر على الشاحنة متوقفة في موقع مخصص للوقوف بجانب الطريق السريع في ولاية برغنلاند بالقرب من الحدود النمساوية مع سلوفاكيا والنرويج، في أسوأ مأساة للمهاجرين غير النظاميين يحاولون العبور برا.
وتقول الشرطة إن العدد النهائي للضحايا لم يعرف بعد، في حين تفيد تقديرات أولية بأنهم ماتوا اختناقا داخل الشاحنة.
واعتبرت وزيرة الداخلية النمساوية يوانا ميكل-ليتنر أن هذا اليوم "هو يوم أسود"، مضيفة "هذه المأساة أثرت فينا جميعا بعمق، المتاجرون بالبشر هم مجرمون".
وأكدت الوزيرة أن النمسا ستشدد الضوابط على الحدود وتكثف عمليات التفتيش على القطارات الدولية، ودعت دول الاتحاد الأوروبي الأخرى إلى "عدم التساهل مطلقا مع تجار البشر".
صدمة وتحذير
من جهتها، أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خلال مؤتمر صحفي لقادة دول غرب البلقان بالعاصمة النمساوية فيينا عن صدمتها من العثور على جثث العشرات في النمسا.
وقالت ميركل "لقد هزتنا جميعا الأنباء الفظيعة بشأن العثور على ما يصل إلى خمسين شخصا فارقوا الحياة (..) رغم أن هؤلاء الأشخاص كانوا قادمين للحصول على الأمان".
وأضافت "إنه تحذير لكي نبدأ العمل ونحل هذه المشكلة بسرعة وبروح أوروبية، أي بروح من التضامن لإيجاد حلول".
وأشارت المستشارة الألمانية إلى أن دول غرب البلقان تواجه تحديا هائلا يتمثل في التعامل مع آلاف اللاجئين الذين يحاولون الوصول لدول الاتحاد الأوروبي.
وتعرض القادة الأوروبيون لانتقادات شديدة بسبب إخفاقهم في معالجة مشكلة وصول مئات آلاف المهاجرين هذا العام، معظمهم من مناطق النزاع مثل سوريا والعراق وأفغانستان.
وأصبحت دول غرب البلقان من أهم نقاط عبور عشرات الآلاف من المهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى المجر، الدولة العضوة في الاتحاد الأوروبي، وبعد ذلك يحاول معظمهم الوصول إلى الدول الأوروبية الأغنى مثل ألمانيا والسويد.
