منذ أن تشكَّل قطاع غزة استفاد من موقعه على شاطئ البحر المتوسط في أعمال الصيد والتجارة الخارجية. وقد نشطت التجارة الخارجية عبر البحر في سنوات الخمسينيات، حيث عمل الصيادون في جلب البضائع من بيروت وتسويقها في غزة فيما يشبه السوق الحرة التي ارتادها المصريون بجانب الفلسطينيين، وشكلت دخلاً متواضعاً لعشرات العائلات الفلسطينية. ولكن الاحتلال الصهيوني حظر هذا الحراك البحري على أهالي غزة منذ احتلاله للقطاع في عام 1967م، وسمح فقط للصيادين بالتوغل في البحر لمسافات محدودة. وجاءت اتفاقية غزة أريحا أولاً" لتحدد هذه المسافات للصيادين بعشرين ميلاً. واليوم لا يكاد الصيادون يتجاوزون الثلاثة أميال في معظم الأيام. إن العدو اليهودي في فلسطين يفرض حصاراً مشدداً على قطاع غزة عبر البر والبحر والجو منذ عام 2006م. وقد تمكن الشعب الفلسطيني من تسجيل اختراقات معتبرة لهذا الحصار في البر، من خلال مئات الأنفاق على الحدود مع مصر. لقد وجهت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بعضاً من نشاطها لمقاومة العدو عبر البحر، فنفذت ما يربو عن خمس عمليات نفذها ثلة من المجاهدين الفدائيين الأبطال، أمثال: الشهيد حمدي إنصيو، والشهيد فتحي التلي، والشهيد محمود الجماصي، وغيرهم. لقد أثبتت هذه العمليات المبادِرة قدرة المقاومة الفلسطينية على صناعة التحدي، رغم ضعف الإمكانيات، وقلة الخبرات، وقدرات العدو البحرية الفائقة. إن المقاومة التي أثبتت قدرتها على الإبداع وصناعة التحدي في السلاح البري، والتي أوجدت بمثابرتها وإصرارها وإبداعها قدرات رادعة للعدو، جعلته يفكر ملياً قبل الإقدام على اقتحام القطاع، لقادرة بعون الله، وبالإصرار وروح التحدي، على إيجاد قدرات بحرية رادعة للعدو، تردعه عن العمل على حصار أو مهاجمة قطاع غزة بحراً، أو منع صيادي القطاع من حريتهم وحقهم في التوغل في البحر لكسب رزقهم، فهذا حق طبيعي لهم، نصت عليه القوانين الدولية والإنسانية. إن أمام المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة خطوات جادة لا مناص من تحقيقها للوصول إلى ردع العدو عن استخدام بحر غزة ضدها: 1- وضع خطة دفاعية بحرية، تقوم بالجانب العملياتي فيها المقاومة المسلحة، وترفدها المقاومة الإعلامية والقانونية، والحراك الشعبي الشامل. 2- التوسع في تدريب الشباب الراغب في العمل بالمقاومة البحرية، وإرسال بعضهم للتدريب على قدرات خاصة في الخارج، ثم قيامهم بتدريب العشرات في القطاع. 3- السعي لامتلاك بعض الأسلحة الدفاعية البحرية، وخصوصاً صواريخ "سطح سطح" وقاذفاتها. 4- تدريب العشرات من الضفادع البشرية، وتطوير قدرات خاصة لهم لتنفيذ عملياتهم الدفاعية ضد زوارق وشواطئ العدو كلما أمكن، إلى أن تصبح جدوى عمليات العدو في بحر غزة معدومة. 5- تشكيل فريق قانوني فلسطيني وعربي ودولي للدفاع عن حق قطاع غزة وسكانه في التحرر من هيمنة العدو الصهيوني على مياهه الإقليمية، وحق صياديه في طلب رزقهم عبر البحر دون موانع. 6- الإلحاح في الطلب من جامعة الدول العربية لتوفير حماية بحرية لقطاع غزة. 7- تشجيع فريق من كُتّاب المدونات باللغات الأجنبية على تسليط الضوء على الظلم الذي يعاني منه قطاع غزة جراء سياسات الاحتلال الصهيوني العدوانية، وتجاوزاته المستمرة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وصولاً لتشكيل رأي عام دولي يطالب (إسرائيل) بكف عدوانها عن القطاع بحراً. 8- ضرورة الحفاظ على تقاليد بعض أهالي القرى المدمرة عام 1948 من الذين لجؤوا إلى قطاع غزة، ويمارسون أعمال صيد البحر والصناعات البحرية المرتبطة به، من خلال إقامة مشاريع مدعومة من الحكومة الفلسطينية وفصائل المقاومةـ للحفاظ على تقاليدهم، وتوريثها لأبنائهم. وتطوير قدرات بعضهم للانخراط في صفوف المقاومة البحرية. فالأصل أن يباشر اللاجئون الفلسطينيون حقهم في استرداد أرضهم وحقوقهم. وقد كفلت لهم الشريعة السماوية والقوانين الدولية حقهم في الكفاح المسلح من أجل الحرية وتقرير المصير.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.