22.78°القدس
22.48°رام الله
21.64°الخليل
25.94°غزة
22.78° القدس
رام الله22.48°
الخليل21.64°
غزة25.94°
الخميس 10 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.77

خبر: الشراكة السياسية في الوطن العربي

00
00
جميل أبو بكر

كان هذا هو عنوان الندوة السياسية التي نظمها مركز دراسات الشرق الأوسط يومي 19و20 أيلول الجاري، وكما قيل فقد كانت جلسات تفاكر ومثاقفة، وتناولت موضوعا على تماس مع الواقع وأساسا في بناء المستقبل.وحيث ان الشراكة بصورة عامة والسياسية منها بشكل خاص تحتاج الى أحوال من الاستقرار والتقدم والرشد السياسي، بدت الندوة للوهلة الاولى أنها نوع من الترف والانفصال عن الواقع. لكنها أي الشراكة وفي عرض لبعض التجارب العربية وأمثلة من خارج المنطقة تبين انها تفيد في إدارة المرحلة الانتقالية في الدولة وربما لايكون غيرها الممر الاجباري الامن للدولة والمجتمع بكل المكونات والمقدرات والآمال. وفي الأوضاع الديمقراطية والمستقرة او الناهضة، وحسب الفلسفات الموجهة لها او المستشرفة لآفاقها، فإن الشراكة السياسية مرحلة متقدمة وحداثية في الديمقراطية او ما بعد الديمقراطية، وان اعتمدت قاعدة التنافس بين التيارات او القوى والأحزاب.
أجمع المنتدون على ان للشراكة السياسية الحقيقية دور أساسي في الحفاظ على وحدة الوطن والسلام الاجتماعي وقوة المجتمع وحيويته، وفي إدامة الاستقرار والتنمية الشاملة ومراكمة الانجاز والمحافظة عليه، وإبقاء الدولة وحماية وجودها الفاعل، وتجلت هذه الابعاد العميقة والادوار المؤسسة، في العرض للتجربة في كل من المغرب وتونس، وهي نماذج ايجابية في الشراكة السياسية والاصلاح، يتم من خلالها التزام مختلف اطراف المعادلة بالاصول والوعود بسوية مقبولة على الأقل، على عكس ما يجري في العراق واليمن، حيث الانقلاب بأساليب مختلفة على الشراكة، الذي أغرقها بالدم والخراب دون إعفاء عوامل أخرى من الاسهام المؤثر في صناعة هذه الحال. ولابد من التنويه الى ان كل النماذج محل النقاش وبخاصة الايجابية منها،لا تعتبر نهايات مقنعة او مرضية، ولكنها بدايات واعدة مرشحة للاستمرار والتطور. باختصار الشراكة السياسية رد سياسي على الانقسام في المجتمع وعلى الأخطار المستهدفة للوحدة الوطنية،وهي فلسفة واليات فعالة في تحقيق الاستقرار؛ اذ لا تنمية بغير استقرار. كما ان اليمقراطية آلية لادارة الخلاف بعيدا عن القمع والصدام والعنف. والتوزيع العادل للثروة أساس الديمقراطية والتنمية الصحيحة.
وأكد المنتدون ان الديمقراطية تنمية وثقافة والتزام عملي، وليست مجرد شعارات او أمنيات اومحاكات في المؤسسات والتسميات وربما المفرغة من المضامين الجوهرية او المجهضة التأثير والتغيير، كما أن الشراكة يجب ان تصبح مفهوما شعبيا وثقافة عامة،وينبغي ان تتطور مؤسسات المجتمع المدني في المجتمع العربي في سياقه الحضاري وليس بالتحول الى مجتمع غربي او بتقليده بغير وعي للذات الثقافية المتميزة.وحذروا من دور بعض مؤسسات المجتمع المدني القائمة على التمويل الخارجي في تفتيت المجتمع وتغريبه، مع إدراك ضرورة التعامل مع الامكان وليس المكان. كل ذلك من أجل تقوية المجتمع، والذي يسهم دوما في تقوية الدولة وان كان العكس ليس دائما صحيحا.
الشراكة السياسية تعني الاحساس بالانتماء، وهي غير التحالف السياسي الذي يعني استخدام القدرات والامكانات لمواجهة استحقاقات ماثلة، علاوة على ان الاطراف المنخرطة في الشراكة قد تكون اكثر حرصا على نجاح الكل المشارك، منها في حالة التحالف.كما تحفز الشركاء لتقديم افضل ما لديهم –غالبا- من خبرات وافكار وأداء لنجاح البرنامج المشترك.
وعند الربط بين الشراكة السياسية او الديمقراطية والاقتصاد فقد اعتبر ان الاقتصاد الريعي يكرس العشائرية والقبلية والجهوية،ويعيق التنمية الحقيقية، ويفرغ المواطنة من معناها التقدمي، ويحافظ على مواطنة خدماتية، ويسهل التحكم بالمجتمع وقواه الحية، حيث احتكار الجباية والتحكم بالمساعدات وتوزيعها. كما تؤكد احدث الاراء او النظريات الاقتصادية، ان تقوية المؤسسات التمثيلية كالاحزاب والنقابات والاتحادات الطلابية والجمعيات او الهيئات المعنية بالمجالات المتخصصة سياسية او اقتصادية او اجتماعية،وقبل ذلك البرلمان، هي أفضل الخطط والاليات لمحاربة الفساد بمختلف اشكاله وحماية المال العام وحقوق الافراد والمجتمع ومصالحهما المعتبرة.
وحتى تنجح الشراكة لابد ان تقوم على أسس أهمها المصداقية من كل الاطراف وحسن النوايا،والبرنامج المشترك،وتغليب المصالح الوطنية،والديمقراطية والاستيعاب في الادارة،وإزالة الهواجس المتبادلة لأطراف المعادلة السياسية والاجتماعية.وهناك نخب غير سياسية مؤثرة في المجتمع ينبغي النظر اليها باعتبار،كما يحتاجها التوافق،كالعلماء والعشائر والمؤسسات المعنية بمجالات غير سياسية وغيرها.
وفي السياق أعلاه،يتبادر للذهن السؤال الآتي:اذا كانت الشراكة تحقق كل هذه النتائج الرائعة والمصالح العليا على مستوى الدولة والمجتمع الاكثر تعقيدا والاوسع تنوعا واختلافا، أفلا تكون فعالة ايضا في معالجة أزمات الكيانات الاصغر والابسط، الداخلية او البينية، كالاحزاب والتنظيمات السياسية او النقابية او الاجتماعية؟... بلى بكل ثقة،اذا توفرت اسس البناء السليم، وشروط التكوين والاستمرار، وبكل ثقة ايضا، فإن الشراكة بشروطها وفلسفتها العميقة وممارستها بشفافية وانضباط اخلاقي،هي مفتاح حل وكلمة السر في معالجة أزمات حادة والخروج من مآزق مستحكمة.