18.9°القدس
18.72°رام الله
17.75°الخليل
23.94°غزة
18.9° القدس
رام الله18.72°
الخليل17.75°
غزة23.94°
الخميس 10 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.77

خبر: لا تحاول الفهم

2
2
يوسف رزقه

إنك إذا تابعت ملف السياسة المصرية مع غزة على مستوى الإعلام، وعلى مستوى السياسة، وعلى مستوى الجغرافيا، ستخرج بنتيجة مشحونة بما يعسر فهمه أو تأويله، لذا يجري من يحاول فهمها إلى جمع مظاهرها وعناصرها حتى يستطيع مسك خيوطها المتشابكة، والمؤسف أن المخرجات سلبية في الجذور التي تحمل الفروع، وبيان ذلك على النحو الآتي: 

على مستوى الجغرافيا، والجغرافية السياسية, مصر تغلق معبر رفح إغلاقًا تامًا بقرار سياسي، وتفتحه مؤقتًا على وجه الاستثناء لأيام محددة لا تزيد على ثلاثة أيام في الشهرين في المتوسط السنوي، مع أنه هو البوابة الوحيدة لسكان غزة (٢ مليون نسمة) نحو العالم. ولم تجدِ كل المناشدات والتدخلات الحميدة في تغيير الموقف، ومن ثمة يمكن القول بأن إغلاق المعبر بهذا الشكل هو جزء من الحصار على غزة بقرار سياسي.

وإذا ذهبنا إلى حدود غزة مع مصر (١٤) كيلو متر، نجد أن مصر وبقرار سياسي حفرت خندقًا عريضًا وعميقًا على طول هذه المسافة وملأته بمياه البحر، وسمت ذلك أحواضًا لزراعة الأسماك، والأمر في الميدان غير ذلك، وفكرة هدم الأنفاق ليست مبررًا كافيًا للإضرار بسكان رفح، وبيئة رفح الزراعية، ومياهها الجوفية التي هي المصدر الوحيد لحياة السكان. 

وعلى المستوى الإعلامي تجد الإعلام المصري الحكومي والخاص يهاجم غزة، وحماس, يوميًا، ويصف حماس بأبشع الأوصاف، وكثيرًا ما يستخدم ألفاظًا نابية ضد قيادات من حماس، فهو مثلًا يهاجم سامي أبو زهري بالاسم لمجرد أنه انتقد عملية إغراق حدود رفح بالمياه دون مراعاة لحق الجوار في المفهوم السياسي قبل الأخلاقي، وكان نقده علميًا وبأدب. الإعلام المصري اعتاد أن يصف حماس بالخيانة والعمالة والإرهاب، ويكيل لها التهديدات. وكأنه يقول لحماس ليس لكم حق لا في الانتقاد، ولا حتى في الصراخ من الألم، ومن يصرخ من الألم يكون خائنًا وعميلًا؟!.

وعلى المستوى السياسي نجد القاهرة تسمح لموسى أبو مرزوق بزيارة مصر، وإجراء محادثات مع جهاز المخابرات العامة، وتقول مصر إنها متمسكة برعايتها لملف المصالحة، والتهدئة. وهذا جيد، ولكنك إذا حاولت عمل جردة حساب لمخرجات هذه السياسة على مدى عام مضى، لا تكاد تخرج بشيء عملي بارز يمكن الحديث عنه في باب التهدئة أو في باب المصالحة. 

ما أود قوله: إن المحللين حين يجمعون المشاهد والمظاهر والمواقف على هذه المستويات آنفة الذكر ويجرون عليها عملية تبسيط واختزال, تخرج النتائج سلبية على نحو غير مسبوق في تاريخ علاقة مصر مع غزة. مصر كانت حاملة لراية القومية العربية، ولراية الوحدة العربية، ولراية مكافحة الاستعمار، ومناهضة (إسرائيل)، وكانت قضية فلسطين هي القضية الأولى والدائمة في السياسة المصرية. كل هذه المعاني والمفاهيم الجميلة اندثرت وتلاشت، وصارت (إسرائيل) جارة ولها سفارة في القاهرة، ويعامل رعاياها معاملة مفضلة، وصارت المقاومة الفلسطينية إرهابًا ويجب محاصرتها وغلق منافذ الحياة والهواء أمامها. فهل يمكن إجراء محاولة للفهم؟!.