10.01°القدس
9.77°رام الله
8.86°الخليل
15.49°غزة
10.01° القدس
رام الله9.77°
الخليل8.86°
غزة15.49°
الإثنين 23 ديسمبر 2024
4.59جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.59
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.65

السلطة متفرّجة

بالصور: "قبر يوسف" ... اعتداءاتُ المستوطنين مستمرة

5620cdb9c46188f4578b45f9
5620cdb9c46188f4578b45f9
الضفة - مراسلنا

أجبرت المقاومة الفلسطينية قوات الاحتلال الإسرائيلي على مغادرة قبر يوسف الواقع في المنطقة الشرقية لنابلس عام 2000، مع اندلاع انتفاضة الأقصى، حينما تمكن المقاومون من قتل عدد من الجنود كانوا يتحصنون بداخله.

منذ ذلك الوقت، والضريح (الذي يدعي المستوطنون أنه يعود لنبي الله يوسف عليه السلام) يخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية، التي تنازلت عن ذلك طوعا، عندما وافقت على حراسته ومنع أي فلسطيني من الاقتراب منه، بالمقابل سمحت للمستوطنين بالدخول إليه وتأدية طقوس تلمودية، وبررت السلطة ذلك بأن تأدية الشعائر الدينية حق مكفول للجميع

ومن يومها، يعاني المواطنون القاطنون في المناطق الملاصقة للقبر من اعتداءات عنيفة، من جيش الاحتلال الذي يقتحم نابلس بالمئات بل بالآلاف من جنوده بكامل عتادهم بحجة تأمين دخول بضع عشرات من المستوطنين للضريح للصلاة فيه، ما يعني احتلال كامل المنطقة الشرقية.

مواجهات عنيفة

في الغالب تندلع خلال هذا الاقتحام مواجهات، وتطلق قوات الاحتلال القنابل الغازية المسيلة للدموع، ما يؤدي إلى إصابات بالاختناق للأطفال وكبار السن، وكذلك يطلقون الرصاص في حال تصدى الشبان للاقتحام بالحجارة.

غير أن المهم في الأمر، أن قوات السلطة الأمنية التي تحرس القبر تنسحب فورا، وتترك المكان للاحتلال، وتعود مع ساعات الصباح الباكر بعد انسحاب المستوطنين وجيش الاحتلال.

"هذا الأمر خلق لدى السكان بشكل عام وللشبان المنتفضين ردة فعل تجاه أفعال المستوطنين والجيش، وليس تجاه القبر، إذ أن المسلمين يحترمون الأضرحة والأماكن الدينية، ولا يهدمونها أو يحرقونها"... يقول أحد الشبان لـ"فلسطين الآن".

يتابع "لكن لم يكن في اليد حيلة للانتقام من الاحتلال على جرائمه سوى بحرق المكان الذي يرتاده المستوطنون ويعربدون فيه بحجة الصلاة.. نريد أن نقطع أرجلهم عن هذا المكان، بل ويفكرون ألف مرة قبل العودة إليه".

وكان عشرات الشبان أحرقوا أجزاء واسعة من قبر يوسف بعد اقتحامه فجر الجمعة  الماضية، بعد تظاهرات لهم تنديدا بنية الاحتلال هدم منازل عائلات اثنين من المتهمين بتنفيذ عمليات بيت فوريك في 30 من الشهر الماضي التي قتل فيها مستوطنين اثنين.

موقف مدان

نشطاء محليون استغربوا من سرعة إصدار رئيس السلطة محمود عباس قرارا بالتحقيق في حادثة حرق قبر يوسف ووصفوه بأسرع قرار يتخذه منذ انطلاق انتفاضة القدس الحالية مطلع هذا الشهر.

وقال أحدهم "نتفهم أن يصدر القرار عن محافظ نابلس.. أو من وزير الأوقاف نظرا لأن هذا مكان ديني.. أو بأقصى الأحوال رئيس الحكومة، لكن أن يبادر الرئيس بهذا!!، فهناك علامات استفهام كبيرة حول ذك".

وتابع "حتى البيان الذي صدر عن عباس لم يشر لا من قريب أو بعيد لما يرتكبه الاحتلال والمستوطنون من اعتداءات عندما يقتحمون نابلس وقبر يوسف تحديدا.. كان يمكنه القول إن السلطة تحترم الشعائر الدينية لكنها ترفض المس بالمواطنين أو على الأقل القول إن احترام السلطة للناحية الدينية لليهود يجب أن تقابل بعدم إيذاء السكان.. لكن للأسف موقف الرئيس مدان ومستغرب".

وكان عباس أصدر قراراً بتشكيل لجنة تحقيق فورية في حرق قبر يوسف، واصفا ما جرى بأنه "تصرف تم من مجموعة قامت بتصرفات غير مسؤولة وأنه عمل مدان ومرفوض".

وأكد عباس رفضه "المطلق لمثل هذه الأعمال وأية أعمال خارجة عن النظام والقانون والتي تسيء إلى ثقافتنا وديننا وأخلاقنا". مطالبا الجهات المسؤولة بسرعة انجاز إعادة الترميم ورفع تقرير سريع لمعرفة حقيقة ما جرى.

تصريح مرفوض

الإدانة أيضا طالت محافظ نابلس أكرم الرجوب الذي قال إن السلطة الفلسطينية شرعت بإزالة آثار الحريق والبدء بترميمه مباشرة.

وشدد المحافظ في بيان صحافي، على رفضه المساس بوضعية المقام "باعتباره مكانا دينيا أثريا يقع تحت ولاية السلطة الوطنية الفلسطينية".

وأضاف الرجوب أن مقام يوسف "يجب أن يبقى مفتوحا لكل أبناء الديانات السماوية والزوار والسواح الذين يزورون محافظة نابلس"، مؤكدا أن "السلطة لن تسمح بالاعتداء عليه تحت أي اعتبار لأن الاعتداء عليه يندرج ضمن عمليات خرق القانون وأخذه باليد".

خلفية تاريخية

ويوجد "قبر يوسف" في الطرف الشرقي لمدينة نابلس تحت السيطرة الفلسطينية، ويعتبره اليهود مقامًا مقدسًا منذ احتلال الضفة الغربية عام 1967.

وحسب المعتقدات اليهودية، فإن عظام النبي "يوسف بن يعقوب" أُحضرت من مصر، ودفنت في هذا المكان، لكن علماء الآثار الفلسطينيين ينفون صحة الرواية الإسرائيلية، ويؤكدون أن عمر القبر لا يتجاوز بضعة قرون، وهو مقام لشيخ مسلم اسمه "يوسف الدويكات" مشهور في نابلس.

ويؤكد المؤرخ النابلسي الدكتور عبد الله كلبونة مؤلف كتاب "تاريخ مدينة نابلس" أن مقام يوسف أقيم على أرض وقفية إسلامية تبلغ مساحتها 661 مترا مربع وهو عبارة عن بناء يتكون من ساحة شمالية وفي طرفها الغربي غرفة وفي جنوبها غرفة المقام، وتغطيه قبة ضحلة، وفي سنة 1927 أضاف أهالي بلدة بلاطة غرفة أخرى واستخدموه كمدرسة لتعليم أولادهم".

ويضيف أن هذا المقام يعود إلى شيخ من عشيرة دويكات في بلاطة ويدعى يوسف حسب ما ورد في كتاب المؤرخ نمر النابلسي في كتابه "تاريخ نابلس والبلقاء" وشدد كلبونة على أن هذا المقام مع اختلاف الروايات حول حقيقته إلا انه محل احترام النابلسيين واعتزازهم فيه، وطابعه المعماري يثبت انه مقام إسلامي لا يمت للمستوطنين بصلة لا من قريب ولا من بعيد".

صراع ديني

كانت قوات الاحتلال قد وضعت يدها على قبر يوسف بعد احتلال نابلس في حزيران عام 1967، وأصبح منذ ذلك التاريخ وجهة للمستوطنين للصلاة وأداء الطقوس التلمودية فيه بالرغم من كونه أثرا إسلاميا مسجلا لدى دائرة الأوقاف الإسلامية، وفي عام 1986 حوله الاحتلال إلى مدرسة دينية يهودية لتدريس التوراة فيه، وفي عام 1990 تحول الضريح إلى نقطة استيطانية، وتفجرت الأوضاع فيه خلال ما عرف بهبة النفق عام 1996وأسفرت في حينها عن مصرع سبعة جنود إسرائيليين بالمكان.

ومع انطلاقة انتفاضة الأقصى كان محيط القبر بؤرة ساخنة للمواجهات واستشهد بالمكان عدة فلسطينيين.